نظمت مؤسسة الموريتانية للنشر برعاية مشتركة من الوزير الأول الموريتاني يحيى ولد حدمين، والمفكر العربي الإماراتي محمد علي الشرفاء الحمادي، ندوة فكرية دولية ليلة الخميس-الجمعة، بنواكشوط، تحت عنوان: الحركات الباطنية (السرية) وخطرها على الإسلام. وأجمع مفكرون وقادة رأي موريتانيون وعرب، خلال الندوة على ضرورة التوعية بخطر جماعة الإخوان الإرهابية، بسبب حمام الدم الذي يقف خلفه دعاة الباطنية والإخوان، حسب تعبيرهم وشهدت الندوة إشرافا رسميا من خلال كلمة افتتاحية لأعمالها تلاها محمد المختار ولد سيدي أحمد، مستشار وزير الثقافة الموريتاني، باسم وزير الثقافة والعلاقات مع البرلمان، كما حضرها لفيف من الخبراء والشخصيات السياسية والإعلامية. واعتبر المستشار الموريتاني، أن محاربة التطرف بجميع أشكال تدخل في برنامج حكومة موريتانيا بتعليمات وتوجيهات واضحة من السلطات العليا في البلاد، كما تطرق إلى تعريف الحركات الباطنية، مبينا أنها تضم فرقا وطرائق مختلفة، القاسم المشترك بينها تأويل النص الظاهر إلى معنى باطن، يخرجه عن المعنى المقصود أحيانا. ومن جانبه، اعتبر الدكتور إسحاق الكنتي، المستشار السابق للرئيس الموريتاني والأمين العام المساعد للحكومة، في عرض له أمام حضور الندوة، أن الحركات الباطنية ومنها التنظيم الدولي للإخوان هي حركات تخالف منهج الإسلام منذ أوائل الرسل عليهم السلام، مبينا أن هذه الحركات في طبيعتها معادية للدين في بساطته وشعبيته وجانبه التعبّدي، أي تلك العلاقة بين الله والإنسان، وبين الإنسان والإنسان، كما تطرق الدكتور الكنتي إلى النهج الذي يجمع هذه الحركات الإرهابية وهو التنظيمات السرية والاغتيالات لخصومها. واستشهد المستشار السابق للرئيس الموريتاني بمقولة لأحد كتّاب جماعة الإخوان الإرهابية، والذي امتدح فيها اغتيال العالم السوري الشيخ البوطي قبل سنوات في سوريا، ناقلا عن الكاتب قوله: إن قتل البوطي قطف لعمائم السوء المنقوعة بدماء الشهداء، مشبها بين منهج جماعة الإخوان الإرهابية في الاغتيال، وحركة الحشاشين المعروفة التي اشتهرت تاريخيا بسلوك الاغتيال لخصومها السياسيين، والتي قتلت الوزير الشهير نظام الملك السلجوقي صاحب النظام التعليمي الحديث، وهو اغتيال امتدحه زعيم هذه الحركة حسن صباح بالقول إن قتل هذا الشيطان بداية البركة، مثلما امتدح القيادي الإخواني قتل الشيخ البوطي في سوريا. وتطرق إلى نماذج أخرى من نهج الاغتيالات الذي عرف بها الإخوان، مثلما كانوا يقومون به في مصر، من اغتيال للضباط والقضاة ورؤساء الوزرات، مستشهدا بمقولات لمرشد الإخوان قال فيها: إنهم يتعبدون الله بهذه الأفعال، كما أشار إلى خطورة الحركات الباطنية وسلوك حركة الإخوان في استخدامها للدين لغايات دنيوية، على حد وصفه. ونقل عن أحد كتّاب ومفكري الإخوان اعترافه الأخير أنهم والعلمانيين يسعون لغايات دنيوية واحدة لكنها يعبرون عنها بوسائل مختلفة، حيث يعبر الإخوان عن هذه الغايات باستخدام الدين، فيما يعبر العلمانيون عن ذلك بالعلمنة، معتبرا أن الإخوان بهذا السلوك ينظرون إلى الدين كمشروع سياسي، مضيفا أن ما يريده الإخوان هو استثمار الآجلة للعاجلة، أي استثمار الآخرة في الدنيا، معتبرا أن هذا السلوك بالذات يلتقي فيه الإخوان مع الماركسيين. من جانبه، اعتبر الدكتور شكري بنوري، المفكر التونسي، ورئيس الدراسات الشرقية في جامعة رين الفرنسية، أن هذه الحركات الباطنية تشترك في المنهج والهدف ذاته بما فيها حركة الإخوان المسلمين وكل الحركات المتطرفة الأخرى، التي تغير فقط التسميات في كل مرة مع بقاء نفس المنهج المتطرف، وأشار إلى أن معضلة انتشار هذه الحركات وخطرها على الدين بدأت منذ حقبة الخلفاء الراشدين، مشيرا إلى 3 من الخلفاء الراشدين قتلوا غدرا على يد متطرفين. وبيّن أن أزمة العالم العربي والإسلامي بسبب هذه الحركات بدأت مع سقوط الدولة العثمانية في بداية القرن العشرين، حيث تزامن ظهورها مع بدء دخول المستعمر إلى البلاد العربية، وجاءت كمحاولة لملء فراغ سقوط الخلافة العثمانية، لتظهر بعناوين وتسميات متعددة كالإخوان وما شاكلهم من الحركات المتطرفة. واختم بنوري كلمته بتشبيه الإخوان بمكر الثعلب في قصته مع الديك من خلال اقتباس أبيات الشاعر أحمد شوقي برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا..، مذكرا بأنه مخطئ من ظن يوماً أن للإخوان دينا، مثلما هو مخطئ من ظن أن للثعلب دينا مثلما ورد في أبيات الشاعر شوقي. وفي سياق متصل، أكد معاوية حي، رئيس مؤسسة الموريتانية للنشر والتوزيع الجهة المنظمة للندوة، أن تنظيمها يأتي انطلاقا من أهمية الانتباه إلى خطر هذه الحركات. وثمّن حي دور المفكر العربي الكبير محمد علي الشرفاء الحمادي ووعيه ونظرته الثاقبة حول خطر التنظيم الدولي الإخوان وما جناه هذا التنظيم على الأمة من قتل وتخريب وفوضى عارمة، مشيدا بمؤلفات المفكر الشرفاء الحمادي حول هذا الموضوع. وأشار معاوية إلى أن تنظيم الندوة في موريتانيا وبهذه الرعاية والحضور الرسمي تأكيد على إرادة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في انسجام موريتانيا دائما ضمن محور الاعتدال العربي الذي يضم كذلك كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، وعددا من الدول الشقيقة. ودشنت السلطات الموريتانية يوم 24 سبتمبر، حملة إغلاق وحظر ضد مؤسسات تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية في موريتانيا، وسرّب مدونون موريتانيون في الفترة نفسها قائمة تضم عشرات المؤسسات والهيئات والنقابات التابعة للحركة، ينتظر أن يطالها الإغلاق والحظر في الأيام المقبلة، ضمن الحملة الجارية لاستئصال التيار الإخواني من موريتانيا. وكشف الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ، وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، في تصريحات سابقة، عن أن التحقيقات الخاصة بتمويل مركز علمي وجامعة، كشفت عن وجود شبهات فيما يتعلق بالتمويل، وشبهات حول أوجه الصرف. وقد وصف الرئيس الموريتاني، في تصريحات يوم 29 أغسطس الماضي، حزب تواصل الإخواني بالمتطرف، لارتباطه بالأجندات الخارجية والحركات التي تقود العنف في بعض البلدان العربية، فيما طرح الرئيس احتمال حل حزب تواصل، قائلا في رده على سؤال حول الموضوع: مع الوقت سنرى.