سياسة

تونس.. أسبوع بين توازنات سياسية جديدة وواقع اقتصادي وأمني مضطرب


أمضت تونس أسبوعا متأرجحا وسط ظهور توازنات سياسية جديدة قد تغير خارطة تحالفات حزبية خلال الأيام المقبلة، حيث يحركها السباق السريع نحو الاستحقاق الانتخابي في أكتوبر المقبل.

وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإخوانية في تونس قد صرح الأحد الماضي، بإمكانية الذهاب إلى الانتخابات المقبلة بحكومة تكنوقراط، وهو ما اعتبره عدد من المراقبين مؤشرا جديا على بداية النهاية في علاقة الإخوان برئيس الوزراء يوسف الشاهد.

تصريح الغنوشي شغل الرأي العام على مدار الأسبوع، حيث رأى النائب بالبرلمان التونسي عدنان الحاجي عن الكتلة الديمقراطية أنه مجرد مناورة سياسية للهروب من حصيلة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أيضاً أن تحالف الشاهد والإخوان يريد القفز من سفينة الحكم قبل أن يأتي الموعد الانتخابي، لافتاً إلى أن غياب الرؤية الاستراتيجية جعل الاقتصاد التونسي يعيش أسوأ فتراته طيلة 30 عاماً مضت.

ووسط هذه الصراعات السياسية، يواصل الاقتصاد التونسي تراجعه على مستوى الأرقام، إذ قرر البنك المركزي في البلاد، الأربعاء، رفع نسبة الفائدة بـ100 نقطة كاملة، ما ينعكس بدوره على القدرة الشرائية للمواطن، حيث ستتقلص نسبة الاستهلاك والاستثمار، ويعكس عجز الحكومة التونسية على خلق الثروة وتقوية منظومة الإنتاج، وإعادة الثقة بالنسبة للاستثمار، حسب الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية.

هذه الزيادة بررها البنك المركزي التونسي بأنه إجراء تقني لمكافحة ارتفاع نسبة التضخم، التي بلغت 7.6% في أواخر شهر ديسمبر 2018، إلا أن انعكاساتها الاجتماعية ستكون عميقة.

وأوضح سعيدان أن هذه الزيادة ستضرب نسبة النمو، وتقلص حجم اقتراض المواطن التونسي من البنوك الداخلية، مؤكداً إمكانية أن يعيد هذا الإجراء المشهد إلى أزمة اجتماعية جديدة بين اتحاد الشغل والحكومة، رغم الزيادات في رواتب الموظفين، التي تم إقرارها مؤخراً.

ومن جانبه، لم يستبعد نور الدين الطبوبي أمين عام اتحاد الشغل التونسي، في تصريح إعلامي، النزول من جديد إلى الشارع، للدفاع عن تدهور القدرة الاستهلاكية.

وتترافق الأزمة الاجتماعية الحالية مع مخاوف أمنية من عودة الإرهابيين من بؤر تنظيم داعش. قلق يتزايد يوماً بعد الآخر، ما جعل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي يمدد فترة الطوارئ منذ سنة 2015.

واعترف العميد مختار بن نصر، رئيس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، بأن ألفي إرهابيا عادوا إلى تونس منذ 2011 إلى 2018، ما يفتح الباب أمام حالتي فزع وحيرة جديدتين حول كيفية التعاطي مع هذه القنابل الموقوتة.

ونقلت العين الإخبارية عن ناصر العمراني، القيادي بحزب العمال قوله إن عودة الإرهابيين إلى تونس يجب أن يرافقه بحثاً جدياً في الأطراف السياسية التي شجعت ومولت وقدمت الدعم الكامل لتسفير الشباب إلى سوريا والعراق للالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي.

وأشار العمراني إلى أن أصابع الاتهام تتوجه إلى حزب النهضة الإخواني وشريكه في الحكم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب المنصف المرزوقي)، منذ سنة 2011 إلى 2013، والذين تساهلوا مع العمليات المنظمة لنقل الشباب التونسي إلى مناطق النزاع.

وتتزايد الأزمة مع الحديث عن أن عودة الإرهابيين تأتي في سياق سياسي غير مستقر ووضع إقليمي مضطرب، خاصة في الجوار الليبي الذي يلقي بظلاله على الأمن القومي التونسي، وتأكيدا لهذا الاستنتاج تم خلال الأسبوع الجاري خطف 14 تونسياً من قبل جماعة مسلحة ليبية في مدينة الزاوية قبل أن يقع إطلاق سراحهم خلال 4 أيام.

ويشدد الكاتب والمحلل السياسي محمد بوعود على أن هذا الأسبوع استمرار لوضع تونسي يتقاطع فيه الأمن بالسياسة والاقتصاد، مؤكداً أن أصابع الاتهام تتوجه إلى الأطراف الحاكمة التي عجزت عن ترتيب البيت التونسي وتحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى