سياسة

توظيف الفوضى في ليبيا


الأطلسي مسؤول عن الفوضى في ليبيا وتوظيف الصراع، فبعد أن أسقط الأطلسي الدولة الليبية وتركها وذهب، أصبحت ليبيا مشاعاً لجميع التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، الذين أقصوا الكل من المشهد ليتصدروه في غفلة من الجميع. نعم أصبحت أرض المختار ملاذاً للعصابات الإجرامية العابرة للحدود، فالأطلسي لم يجمع السلاح ولا هو دمر مخازن السلاح التي استولت عليها هذه العصابات، فقد تجاوزت هذه القطع 40 مليوناً، وترسانة تكفي حروب أفريقيا لسنوات، واكتفى الأطلسي بالفرجة لسنوات، ثم عاد للعب بوجوه جديدة، منها البندقية التركية المستأجرة في حلف الأطلسي لتغذية الصراع في ليبيا لصالح جماعة الإخوان.

إنَّ استخدام بعض المتورطين في الأزمة الليبية كورقة تفاوض في صراعات أخرى في العالم، هو المتسبب الأبرز في إطالة عمر الأزمة الليبية، التي كانت لأسباب خارجية أكثر منها داخلية، من خلال سياسة الإغراق في مستنقع كيسنجر بصراع الفرعيات وتفتيت الأزمة، وترحيل الحل من مكان لآخر، ومنذ أن نُقل الحوار إلى الخارج، وقد كان بين ليبي وليبي في غدامس، انهالت الأزمات، وتعددت الاتجاهات.

لا أحد يسعى إلى إنهاء الصراع من المتدخلين في الصراع الليبي، فالجميع يسعى للاستفادة القصوى من الصراع بين القوى الخارجية لكسب نقاط تفاوض خارج ليبيا في صراعات إقليمية أخرى كالحالة الروسية والتركية، وجعل ليبيا ورقة تفاوض في سوريا، وكورقة تفاوض مع أوروبا في ملف الهجرة واللاجئين الذي تبتز به تركيا إردوغان أوروبا وتقلق مضجعها.

الدول الكبرى مثل روسيا وأميركا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ليست عاجزة عن إنهاء حالة الاحتراب والفوضى في ليبيا، ولكنها للأسف توظف هذا الصراع وتستخدمه كأوراق ضغط اهتزت من كثرة الاستخدام والتداول بين الأيدي.

الأمم المتحدة والأطلسي تركا ليبيا في صراع مستمر منذ 2011، فحتى بعد استقالة غسان سلامة، لم تسعَ الأمم المتحدة إلى التعجيل بتكليف مندوب جديد، وكل المندوبين الذين توافدوا على ليبيا وهم ستة حتى الآن، فشلوا في جمع الأطراف الليبية، وتقديم مشروع مقنع يجمع هذه الأطراف ولو في غرفة وطاولة واحدة، نتيجة لتعاطي الأمم المتحدة والبعثة الدولية بشكل خاطئ مع الأزمة الليبية، وإصرار الأمم المتحدة على المسار السياسي قبل التقدم في المسار الأمني، في أزمة هي في الأصل أمنية في بلد غارق بالميليشيات والعصابات الإجرامية.

حتى العملية الهزلية للأطلسي لمراقبة حظر السلاح (إيريني) فشلت، لأن مهرب السلاح والمرتزقة إلى ليبيا هو تركيا أحد أعضاء الأطلسي، فكانت العملية أشبه بمسرحية.

التفاهمات الروسية التركية حول الأزمة الليبية لا يمكن فهمها أو تفكيكها بمعزل عن الأزمة السورية، خصوصاً أن اللاعبين في ليبيا هما كذلك في سوريا، وإن كانا في ليبيا لهما شركاء أو خصوم آخرون ظاهرون كفرنسا وإيطاليا ومختبئون كأميركا وبريطانيا.

أزمة ليبيا أمنية ولا علاج لها إلا برحيل المرتزقة وتفكيك الميليشيات المحلية، ووقف التصعيد العسكري والاستقواء بالخارج، وهذا ما ذهب إليه غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن الأمر يحتاج لخطوات جادة من أميركا وروسيا اللاعبين الرئيسيين والفاعلين في الأزمة الليبية، وإن كان لهما وكلاء صراع في ليبيا مثل تركيا.

الأطلسي يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الفوضى والضحايا في ليبيا، سواء الذين سقطوا بسبب قنابله التي تجاوزت 11 ألف ضربة جوية، أو لتدميره معسكرات وقواعد الجيش الليبي لصالح ميليشيات كانت مخترقة من تنظيمي الإخوان و«القاعدة»، ولكن مسلسل مخطط إسقاط الدولة وصناعة الفوضى الخلاقة بفتح مخازن سلاح القذافي، وهي الفوضى الكبرى في الشرق الأوسط كما خططت كوندوليزا رايس في زمانها.

الفوضى في ليبيا كانت نتيجة حماقات في 2011 وكان في إمكان الأطلسي أن ينهيها لو أراد، لكنه تركها مهلاً للإخوان ليتلاعبوا بالمشهد الليبي أيما تلاعب.

نقلاً عن الشرق الأوسط

تابعونا على

Related Articles

Back to top button