تفاصيل جديدة حول مقتل إسماعيل هنية في طهران… كيف اخترقت القذيفة غرفة زعيم حماس؟
كشفت مصادر إيرانية، اليوم، تفاصيل جديدة وصادمة حول عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي قُتل في العاصمة الإيرانية طهران يوم 31 يوليو/تموز 2024، في حادث هزّ المنطقة وأعاد رسم ملامح الصراع الخفي بين إيران وإسرائيل.
وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إن “التحقيقات الأولية أظهرت أن القذيفة التي استهدفت مقر إقامة هنية تم توجيهها بدقة غير مسبوقة عبر إشارة هاتفه المحمول، الذي كان يستخدمه أثناء الهجوم”.
وأضاف نائيني أن “القذيفة الصاروخية دخلت من نافذة الغرفة التي كان يجلس فيها هنية، وأصابته مباشرة بينما كان يتحدث على الهاتف وهو جالس على السرير”، مؤكداً أن العملية تمت “باستخدام تكنولوجيا تتجاوز القدرات التقليدية المعروفة حتى الآن”.
عملية دقيقة… وخرق أمني كبير
وبحسب مسؤولين أمنيين إيرانيين، فإن العملية حملت بصمات إسرائيلية واضحة من حيث التخطيط والتنفيذ، مشيرين إلى أن الهجوم تم عبر “طائرة مسيّرة صغيرة محمّلة بذخيرة ذكية تم إطلاقها من خارج الحدود الإيرانية، وربما من داخل منطقة الخليج”.
وأفادت التقارير أن المهاجمين تمكنوا من اختراق منظومات الاتصالات في المجمع السكني الذي يقيم فيه هنية، ما سمح لهم بتحديد موقعه بدقة عبر إشارات هاتفه، وهو ما اعتبره الحرس الثوري “اختراقاً استخباراتياً خطيراً” يدل على “وجود تعاون داخلي أو ثغرة أمنية” داخل الأراضي الإيرانية.
إيران تتوعد… وحماس تصعّد
عقب الحادث مباشرة، وجّهت إيران وحركة حماس أصابع الاتهام إلى إسرائيل، معتبرتين أن العملية “عدوان إرهابي يهدف إلى تقويض محور المقاومة”. وأعلن حينها المرشد الإيراني علي خامنئي أن “الرد سيكون مزلزلاً ولن يقتصر على الساحة الإيرانية”، في حين أكدت حماس أن “دماء القائد هنية ستزيد المقاومة إصراراً على المضي في طريقها”.
لكن الاعتراف الإسرائيلي لاحقاً بالوقوف وراء العملية، كما نقلت وسائل إعلام غربية، فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات كثيرة: كيف استطاعت إسرائيل تنفيذ عملية بهذه الدقة داخل العاصمة الإيرانية؟ وهل كانت هناك خيانة داخلية أو تواطؤ استخباراتي مكّنها من تجاوز منظومة الحماية الإيرانية المشددة؟
خلفيات سياسية وعسكرية
كان وجود هنية في طهران آنذاك مرتبطاً باجتماعات مغلقة مع قادة من الحرس الثوري ومسؤولين من “حزب الله” اللبناني، لمناقشة إستراتيجية الرد على التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان. وتشير تقارير إلى أن الزيارة كانت غير معلنة، ما زاد من الغموض حول كيفية تسرب المعلومات بشأن مكان إقامته وتوقيته الدقيق.
ويرى مراقبون أن عملية اغتيال هنية تمثل تحولاً نوعياً في طبيعة المواجهة بين إيران وإسرائيل، إذ نقلت الصراع من ساحات الوكلاء (غزة، لبنان، سوريا) إلى القلب الإيراني نفسه، في رسالة إسرائيلية واضحة مفادها أن “لا أحد في محور طهران في مأمن”.
تداعيات العملية
أدت العملية إلى تصعيد كبير في الخطاب الإيراني، وتكثيف التنسيق بين طهران والفصائل الفلسطينية، كما أعادت إحياء النقاش داخل إيران حول الثغرات الأمنية والتكنولوجية في منظومات الدفاع الداخلي. واعتبر محللون أن “اغتيال هنية لم يكن ضربة لشخصه فحسب، بل لطبيعة العلاقة الاستراتيجية بين إيران وحماس”، خاصة أن علاقات الطرفين شهدت فتوراً نسبياً في السنوات الأخيرة قبل أن تعود بقوة مع الحرب على غزة.
ورغم مرور أشهر على الاغتيال، لا تزال الأسئلة أكثر من الإجابات: من سرب موقع هنية؟ كيف تمكنت القذيفة من اختراق واحدة من أكثر المدن تحصيناً في الشرق الأوسط؟ وهل يشير ذلك إلى بداية مرحلة جديدة من الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل، عنوانها “المواجهة من الداخل”؟
بين التكتم الإيراني والرسائل الإسرائيلية الضمنية، يبقى اغتيال إسماعيل هنية حدثاً مفصلياً يعكس حجم التحديات التي تواجه محور المقاومة، ويمثل علامة فارقة في تاريخ الصراع الإقليمي الذي يبدو أنه يدخل فصلاً أكثر خطورة وتعقيداً.







