تغير في استراتيجيات “داعش” و”القاعدة” في الساحل الأفريقي
منذ هجوم الـ 26 أبريل/ نيسان المنصرم الإرهابي، والذي انتهى بمقتل ثلاثة صحفيين (أيرلندي وإسبانيين) في بوركينا فاسو.
تم الكشف عن أدلة مختلفة حول طريقة عمل تنظيمات داعش والقاعدة الإرهابيين في الساحل. وقد لوحظ مؤخراً أن الجماعتين الإرهابيتين قد حققتا تقدماً طفيفاً خارج مناطق نشاطهما المعتادة.
وعلى الرغم من استمرارهما في التواجد ضمن “مناطقهما التقليدية”، إلّا أن الهجمات تحدث على بعد 600 كيلومتر من أماكن تمركزهم المعتادة، كحالة الصحفيين الذين قتلوا بالقرب من الحديقة الوطنية في غابة إيرلي، المتاخمة لحديقة بندجاري الوطنية في بنين المجاورة.
واستهدفت هجمات شمال ساحل العاج، في نهاية مارس/ آذار الماضي، بالقرب من حديقة كوموي الوطنية وعلى بعد حوالي 1000 كيلومتر من الحدود الثلاثية لمالي.
وأفادت قنوات مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي أن مقاتلي التنظيم نفّذوا خلال شهر رمضان هجمات في بنين بالقرب من حديقة بندجاري الوطنية، على الرغم من عدم نشرها في وسائل الإعلام.
هناك عامل مشترك بين هذه الاعتداءات وهو وجود غابات في الجوار. ومن المعروف أنه منذ عام تقريباً تم تأكيد وجود إرهابيين في جميع الغابات المذكورة آنفاً. ويستخدم الإرهابيون الغابات كمناطق انسحاب آمن واستراحة وتدريب. وحتى الآن، لم تهاجم كتائب الإرهابيين بالقرب من الغابات، لكنهم شرعوا في القيام بذلك.
أما في نيجيريا، كشفت الشرطة عن مسؤولية بوكو حرام عن هجمات يوم 25 أبريل/ نيسان المنصرم في شيرورو ومونيا على بعد حوالي 130 كيلومتراً من العاصمة أبوجا، وهو أمر غير معتاد حتى الآن لأن منطقة نشاطهم المعتادة، ولاية بورنو التي تقع على بعد حوالي 700 كيلومتر.
وفي نيجيريا بمنطقة كاوري على مقربة من بنين، نفّذ الإرهابيون هجوماً آخر في 2 مايو/ أيار الجاري، حيث وصلوا على متن دراجات نارية يرتدون الزي العسكري ويحملون بنادق كلاشينكوف وقذائف آر بي جي ومدافع رشاشة ودمّروا مساكن القرويين ونهبوا ممتلكاتهم. ويتمثل العامل المشترك لهذا الاستهداف مع الهجمات السابقة في أنه وقع على الحدود بين النيجر وبنين. وعلى بعد 200 كيلومتر من مكان الهجوم، توجد حديقة دبليو الوطنية حيث يوجد إرهابيو داعش.
في هجوم كاوري تم الكشف عن وجود إرهابيين أجانب. وبحسب القرويين، كان المهاجمون مزيجاً من النيجيريين والأجانب. وأشار السكان إلى أن بعض المهاجمين كانوا يتحدثون بلغة الهوسا والفولاني، وهي عرقية تنتشر بشكل واسع في ولايات شمال نيجيريا الأخرى، ولكن الشيء الأكثر فضولاً هو أن بعضهم كان يتحدث اللغة الفولانية الممزوجة بكلمات فرنسية، لذلك فمن شبه المؤكد أن من بينهم أعضاء يتحدثون الفرنسية من إحدى بلدان غرب أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، ذكر السكان المحليون أن مظاهر بعض المقاتلين وتسريحات الشعر توحي بأنهم ينحدرون من دول أخرى.
وفي خضم ذلك، منذ نهاية أبريل/ نيسان المنصرم، حافظ “فرع داعش في منطقة الساحل والصحراء الكبرى”، و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة للقاعدة على ضغوطهم التقليدية على الحدود الثلاثية لمالي – النيجر – بوركينا فاسو. ولا يبدو أن أياً من التنظيمين الإرهابيين على استعداد للتنازل عن مناطق سيطرته للأخرى، ولهذا فإنهما لا يترددان في مواجهة بعضهما البعض، وقتال الجيوش المحلية والقوات الدولية لبعثة الأمم المتحدة وتكوبا وبرخان ومجموعات الدفاع عن النفس.
يبدو أن هناك اتفاقا بين تنظيمي داعش والقاعدة في الساحل الأفريقي، وهو عدم مهاجمة أي منهما الآخر داخل الغابات التي يسيطران عليها في مالي أو بوركينا فاسو أو النيجر أو ساحل العاج أو بنين أو نيجيريا. وعندما يفعلون ذلك، نتأكد حينها أن كلاهما يريد القضاء على الآخر.