سياسة

تصاعد التوتر بين مالي والجزائر يعمق القطيعة بين البلدين


ردّ أحمد عطاف وزير الخارجية الجزائري بحدّة على الاتهامات التي وجهها عبدالله ما يغا وزير الدولة وزير الإدارة الترابية واللامركزية المتحدث باسم الحكومة المالية إلى الجزائر بإيواء إرهابيين والتدخل في شؤونها، وذهب عطّاف إلى حد وصف هذا التصريح بأنه “لغة منحطة وقليلة الأدب”، في أحد فصل من فصول التوتر المتصاعد بين البلدين.

وقال عطّاف خلال خطابه في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة “لقد تفوه ممثل دولة من هذا الجوار ومن هذا الفضاء، في إشارة إلى مايغا، وتجرأ على بلدي بكلام وضيع، لا يليق البتة بوقار مقام كهذا ولا يصح البتة مجاراته في الاندفاع اللفظي التافه والدنيء”.

وتابع أن “الجزائر لن ترد على مثل هذه اللغة المنحطة قليلة الأدب إلا بلغة مؤدبة راقية، وهي اللغة التي تعكس بصدق وفاءها وإخلاصها لما يجمعها بدول وشعوب المنطقة من روابط متجذرة لا تتأثر ولا تهتز بالعوامل الظرفية العابرة في سوئها، وعلى رداءة من يقفون وراء إذكائها”.

وأضاف “لدى بلدي إرادة صلبة ويد ممدودة، وصدر رحب، كلما اقتضت ظروف التعاطي مع كل أشقائنا، من أجل بناء صرح ساحلي ينعم بالأمن والآمان والسكينة”.

وأخفقت الجزائر في ترميم علاقاتها المتصدعة مع مالي بسبب ما اعتبرته باماكو تدخلا في شؤونها إثر استقبال الجزائر في نهاية العام الماضي وفدا عن الانفصاليين والطوراق والتباحث معهم دون إشراكها.

وتوترت العلاقات بين البلدين بعد أن ألغت باماكو في يناير/كانون الثاني الماضي اتفاق السلام المبرم في العام 2015 بين الجيش المالي والطورق الذي رعته الجزائر لكنه لم يحقق أي نتائج ملموسة. 

ويرى مراقبون أن الجزائر لم تستوعب إلغاء الاتفاق في وقت تواجه عزلة في محيطها الأفريقي بسبب سياستها الخارجية الخاطئها وفشلها في تسوية أغلب الأزمات التي تدخلت فيها بهدف حلحلتها.

وكان عبدالله مايغا قد أكد خلال كلمته في الأمم المتحدة مخاطبا وزير الخارجية الجزائري “الاتفاق ميت فعليا”، مضيفا “لن يتم استخدام تعويذاتك لإحيائه، سنرد بالمثل على كل رصاصة تطلق علينا، وعلى كل كلمة تستخدم بشكل خاطئ سنرد بالمثل”.

ووجه الوزير المالي اتهامات للجزائر بالتدخل في شؤون بلاده، موضحا أن “مالي لم تعرب إلا عن أمنية واحدة وهي أن تعيش بسلام”.

وتعمّقت الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومالي بعد الهجوم العسكري الذي شنه الجيش المالي في 25 أغسطس/آب الماضي على مواقع متمردين من الطوارق على الحدود مع الجزائر.

ويولي المجلس العسكري الذي يتولّى السلطة في مالي منذ عام 2020 أهمية بالغة لفرض سيطرته على كامل أراضي البلاد.

وسعت الجزائر خلال الآونة الأخيرة إلى الترويج لنظرية المؤامرة، محذّرة من الفوضى التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي على وجه التحديد، في إطار رهانها على تهويل الأوضاع بعد أن خسرت آخر أوراقها في لعب دور الوسيط لإحلال السلام وإنهاء الصراعات.

وتتضاعف هواجس الجزائر من مزيد انحسار نفوذها في المنطقة، لاسيما بعد أن انخرطت دول الساحل الأفريقي في المبادرة الأطلسية التي طرحها المغرب لتسهيل ولوجها إلى الممر المائي الحيوي، داعية إلى تفعيلها في أقرب وقت لاقتناعها بأنها تمثل فرصة تاريخية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والرفاه للشعوب.

وتوقع مراقبون أن يلعب المغرب خلال الفترة المقبلة دورا بارزا في تسوية الأزمة في مالي، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرباط وباماكو تناميا لافتا، لا سيما وأن الدبلوماسية المغربية راكمت خبرة هامة في إنهاء عديد الأزمات في المنطقة من خلال اقتراح الحلول العملية وإقناع أطراف النزاعات بالحوار دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وكان الوزير الأول المالي تشوغويل كوكالا مايغا قد أكد خلال لقائه وفدا مغربيا في باماكو في أبريل/نيسان الماضي أن “بلاده تعوّل على المغرب من أجل تحقيق الاستقرار ومواصلة مسيرة البناء”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى