سياسة

معطيات تشكيل حكومة بغداد الجديدة

د. سوزان ئاميدي


رغم صعوبة التنبؤ بمعطيات دقيقة لما سيحدث في المستقبل لعدم اكتمال تشكل الحكومة الا ان الامر اصبح اكثر وضوحا بعد الاحداث الاستثنائية في اول جلسة برلمانية، فالمعطيات تشير الى ما ذهب اليه السيد مقتدى الصدر في تشكيل حكومة اغلبية وطنية وهذا كان جليا في الجلسة الاولى عندما انسحبت كل قوى الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني عند التصويت على رئيس البرلمان ونائبيه الامر الذي اعطى للقوى التي صوتت مبررا لتغيير مواقفها في الاتفاقيات التي جرت مع حلفائهم وهذا ما شهدناه بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني خاصة في موضوع ترشيح برهم صالح لولاية ثانية في رئاسة الجمهورية اذ قام الديمقراطي بعد موقف الاتحاد بتقديم مرشح خاص لهذا المنصب وهو هوشيار زيباري.

يظهر جليا في الواقع وجود اتفاق اشبه بتحالف ثلاثي بين السنة بقيادة خميس الخنجر والشيعة بقيادة مقتدى الصدر والكرد بقيادة مسعود البارزاني، ارى ان هذا الامر سيفرز تحديات ومعطيات جديدة على الساحة العراقية بشكل عام.

فمن طرف الشيعة سنشاهد نوعا من الضعف عن ما سبق بسبب التهديدات المستمرة من قبل الإطار التنسيقي ومؤيديهم لخلق فوضى وعدم استقرار وقد يذهبون إلى ابعد من ذلك باللجوء الى القوة والعنف وهذا ما لاحظناه في تغريدة الصدر يوم الثلاثاء 11/1/2022. واذا اصر الصدر على عدم اشتراك البعض من الإطار التنسيقي في المناصب الحكومية الامر الذي سيزيد من حدة التصعيد بينه وحتى حلفائه وبين الإطار، وقد يصبح هذا الوضع المتأزم اقل او اخف وطأة على الصدر وحكومته اذا حقق امرين اراهما أساسيين.

الأول، ان تقوم الحكومة الجديدة بخطوات خدمية واصلاحية وتحسين مستويات المعيشية المتدنية.

الثاني، استمرار ضعف التدخل الإيراني في تشكيل الحكومة، اذ يبدو ان محمد كوثراني احد قادة حزب الله وخليفة قاسم سليماني ضعيف جدا في تأثيره على الشأن العراقي، أي بمعنى اخر ضعف إيران في التحكم بالوضع العراقي من خلال الشيعة على ان لا يستبدل بحلفاء اخرين اذ ان ايران اصبحت في السنوات الاخيرة بعد مقتل سليماني لا تكترث كثيرا بشيعة العراق طالما لهم بدلاء. فكما نعلم ان محمد الحلبوسي يعتبر من صناعة ايرانية فضلا عن ان خميس الخنجر بعد ان كان متهما ومطلوبا للقضاء العراقي في عهد المالكي استقبل في المطار من قبل قيادات شيعية وجلس معهم جنبا الى جنب. اما الكرد فلهم علاقات قديمة ولا باس بها مع ايران، فضلا عن ان الصدر لا يعتبر من اعداء ايران. ولكن كل هذه الاطراف لا يمثل إيران في العراق كما كانت قوى ومليشيات الإطار التنسيقي.

في الواقع ان القوى السنية بعد السنين المرة التي عانت فيها جماهيرهم من الفصائل الشيعية اصبحوا اليوم هم اكثر تقربا للكرد وعليه سيشكلون تحالفا سنيا امام الصدر في المواقف الطائفية وعليه يمكن اعتبار المرحلة القادمة هي اكثر توازنا مما سبق وافضل تفاهما لقله عدد القيادات في السلطة.

وفي الاقليم قد يخلق هذا نوعا من عدم التوازن والاستقرار السياسي اذ التزم الديمقراطي الكردستاني بحقه في رئاسة الجمهورية ولنقول في حقه الانتخابي في كلا الحكومتين المركزية والاقليم ورفض الاتحاد الوطني ذلك.

ميدل إيست أونلاين

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى