إقتصاد

تسجيل أكبر عاصفة شمسية ضربت الأرض


الشمس مصدر الحياة والدفء على الأرض، هل يمكن أن تكون سبباً في نهاية حياة البشر على الكوكب؟.. سؤال يتردد كثيراً بعد اكتشاف حدث شمسي ضخم.

قادت حفريات جذوع أشجار قديمة، يعود عمرها إلى ما يقرب من 14 ألفا و300 سنة، تم العثور عليها وسط منطقة غير مأهولة في جنوب جبال الألب الفرنسية، فريقاً دولياً من العلماء، إلى اكتشاف ما يمكن وصفها بأكبر عاصفة شمسية مسجلة في تاريخ البشر على الإطلاق.

وفقاً لدراسة، نُشرت نتائجها في دورية الجمعية الملكية للعلوم الرياضية والفيزيائية والهندسية، اكتشف الباحثون، من خلال تحليل حلقات الأشجار القديمة، أدلة على ارتفاع هائل في معدلات الكربون المشع، نتيجة تعرض الأرض لعاصفة شمسية هائلة، ربما الأكبر على الإطلاق في تاريخ البشرية.

تنتج العواصف الشمسية عادةً عن اضطراب في الغلاف المغناطيسي لكوكب الأرض، ناجم عن تغيرات كبيرة أو مفاجئة في نشاط الشمس.

يقول العلماء إن الأرض تعرضت لقوة هائلة، نتيجة عاصفة شمسية هائلة، وبحجم غير مسبوق، قبل حوالي 14300 سنة، مما أدى إلى ارتفاع مستويات الكربون المشع، التي تركت تأثيراتها على حلقات الأشجار القديمة، وما زالت باقية حتى اليوم.

استند الفريق الدولي، الذي يضم باحثين من جامعة ليدز البريطانية، وعدد من الجامعات الفرنسية، إلى مقارنة مستويات الكربون المشع في حلقات الأشجار القديمة، مع قياسات عنصر “البريليوم”، الموجود في جليد غرينلاند، مما ساعد على اكتشاف أن هذا الارتفاع جاء نتيجة عاصفة شمسية هائلة، قذفت بكميات كبيرة من جزيئات الكربون النشطة إلى الغلاف الجوي للأرض.

عواقب كارثية على قطاعات الطاقة والاتصالات

يقول إدوارد بارد، أستاذ المناخ وتطور المحيطات في كلية فرنسا، في بيان صحفي إن إنتاج الكربون المشع يتم عادةً في الغلاف الجوي العلوي، من خلال سلسلة تفاعلات تطلقها الأشعة الكونية، واكتشاف مستويات مرتفعة من هذا العنصر المشع في حلقات الأشجار، يرجع على الأرجح إلى تعرض الأرض لعاصفة شمسية ضخمة.

رغم أهمية النتائج التي توصلت إليها الدراسة، إلا أنها تثير قلقاً واسعاً بشأن العواقب المحتملة التي قد تحدث على الأرض في حالة إذا ما تعرضت لعاصفة شمسية كبيرة نسبياً، ليس بالضرورة أن تكون بنفس حجم العاصفة الهائلة، التي ضربت الكوكب قبل 14300 سنة.

 

يؤكد فريق الدراسة أنه في حالة إذا ما تعرضت الأرض لعاصفة شمسية مماثلة، في عصرنا الحالي، الذي يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، فإن العواقب ستكون “كارثية”، تتضمن إصابة محطات توليد الطاقة بالشلل، وانقطاع الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية على نطاقات واسعة، وانهيار أنظمة الأقمار الاصطناعية، وقد يتكلف علاج مثل هذه التأثيرات مليارات الدولارات.

وفق وكالة أبحاث الطيران والفضاء الأمريكية “ناسا”، فإن الشمس هي موطن أضخم الانفجارات في المجموعة الشمسية، حيث تشهد بانتظام حدوث انفجارات هائلة تُعرف باسم “الانبعاثات الإكليلية الكتلية” (CORONAL MASS EJECTIONS)، ينتج عنها انبعاث مليارات الأطنان من المواد الشمسية، التي تتسابق إلى أقاصي أنحاء النظام الشمسي.

أسباب “غير معروفة” لإطلاق الانبعاثات الشمسية

وبينما يرجح العلماء أن سبب هذه الانبعاثات الشمسية. المعروفة اختصاراً (CMES)، هو تركيب الطاقة المغناطيسية في الشمس. والتي تتحرر بشكل مفاجئ. إلا أن الأسباب الحقيقية وراء تحفيز إطلاق هذه الانبعاثات، مازالت غير معروفة على وجه التحديد.

تشير الدراسة إلى أن بعض الأحداث الشمسية المتطرفة. والتي تم رصدها في الآونة الأخيرة، وتشمل التوهجات الشمسية أو الانبعاثات الإكليلية الكتلية. يمكنها أن تتسبب في إطلاق رشقات نارية قصيرة المدى من الجسيمات النشطة. والتي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات إنتاج الكربون المشع بنسبة كبيرة.

وقبل اكتشاف العاصفة الشمسية الأكبر على الإطلاق في التاريخ البشري. تمكن العلماء من تحديد 9 عواصف شمسية شديدة ضربت الأرض على مدار 15 ألف سنة. كانت أكبر اثنتين منها في عامي 774 و993. ولكن لم يمكن تقييم التأثيرات الناتجة عنهما على أساس علمي.

ووفق الدراسة فإن العاصفة الشمسية التي تم اكتشافها مؤخراً، والتي يعود تاريخها إلى 14300 سنة. هي الأكبر على الإطلاق التي يتم إطلاقها. حيث إن قوتها بلغت ضعف إجمالي مجموع قوتي أكبر عاصفتين مسجلتين في السابق.

وفي العصر الحديث، تم تسجيل عاصفة شمسية كبيرة نسبياً في عام 1859. تُعرف باسم “حدث كارينجتون”. نسبةً إلى عالم الفلك البريطاني ريتشارد كارينجتون.| نتج عنها إطلاق كمية هائلة من المواد الشمسية في غلاف الأرض. تسببت في تعطيل أنظمة التلغراف في جميع أنحاء العالم.

ويقول الباحثون إنه “لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه عن سلوك الشمس. والمخاطر التي تشكلها على استمرار الحياة على الأرض. فنحن لا نعرف ما الذي يُسبب حدوث مثل هذه العواصف الشمسية الشديدة. أو مدى تكرار حدوثها. أو ما إذا كان بإمكاننا التنبؤ بها بطريقة أو بأخرى”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى