تركيا.. والإتجار بالمعارضة السورية


لا يفوت النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان فرصةً إلا ويستغل بها القضية السورية من زاوية الإخوان المسلمين السوريين الذين يهيمنون على أغلب ما يسمى بمؤسسات المعارضة السورية.

ومع احتدام المواجهة بين أثينا وأنقرة بسبب التنقيب التركي غير القانوني شرقي المتوسط، خرج الائتلاف الوطني السوري – الذي يعتبر ذراعاً سياسية لإخوان سوريا ومقره ولاية إسطنبول التركية – بخطاب عدائي تجاه اليونان، بناءً على رغبة المخابرات التركية التي تمنح أعضاء هذا الجسم السياسي الوهمي رواتبهم من المنحة القطرية الشهرية.

وبما أن تركيا دفعت ببعض السوريين ليصبحوا أبواقاً إعلامية لها، وظواهر صوتية تقدم دوماً المصلحة التركية على المصلحة السورية، فإن مسلسل الإتجار بسوريا والسوريين يأخذ أبعاداً سلبية كل يوم، تتمثل – على سبيل المثال لا الحصر – بتعطيل العملية السياسية الدولية حول سوريا، وإيقاف عجلة التفاوض في جنيف السويسرية بين المعارضة والحكومة السورية.

كما أن المشهد المرتبط بجحافل المرتزقة من الجنسيات المختلفة برعاية تركيا، لم يعد مقتصراً على غرب ليبيا التي زج فيها أردوغان بالقصر في أتون حروبها العبثية دعماً لجماعة الإخوان الليبية في طرابلس، بل تعدى ذلك لتدريب مجموعات جديدة من المرتزقة الذين تم إرسالهم إلى أذربيجان مؤخراً، بغية خلق النظام التركي صراعاً هناك بين الأذريين وجيرانهم في أرمينيا.

وبالنسبة للعنصرية الشعبية حيال السوريين داخل الأراضي التركية، لا بد من ذكر يوميات الموت التي تلاحق الكثير من الشباب اللاجئين والمنكوبين في الأسواق والشوارع التركية، في ظل تواطؤ مريب من الشرطة المحلية التابعة لحزب العدالة الأردوغاني الحاكم، وآخرها قبل أيام مأساة الشاب السوري أيمن حمامة في ولاية سامسون، الذي تلقى عدة طعنات بسكين ناحية صدره وهو لم يتجاوز سبعة عشر عاماً من عمره.

ويتابع إخوان سوريا مسيرة ولائهم المطلق لنظام أردوغان ذي التوجهات الإخوانية أيضاً، من خلال تشكيل غرف رصد وتجسس على السوريين الهاربين من جحيم الحرب في بلدهم، ويعمد بعض أعضاء الائتلاف المذكور لتجنيد مجرمين سابقين ومتطرفين ضمن غرف سوداء، ينتج عنها تقارير يومية مليئة بالوشاية والتهم الملفقة لكل سوري لا يستجيب لابتزازهم، وإرسال تلك التقارير لفروع الأمن والمخابرات التركية.

وتنشط ما تسمى مراكز الأبحاث والدراسات التابعة لعزمي بشارة في تركيا، بتغذية شعور العداء لدول الخليج العربي، وغسل أدمغة الشباب من العرب المقيمين في تركيا، من خلال استحضار خطاب العنف والكراهية والانتظار المزعوم لخلافة عثمانية جديدة سلطانها أردوغان وصهره براءت البيرق وزير المال الفاشل بحسب المعارضة التركية المطلعة.

وأما في شمال سوريا المحتل من قبل جيش وعصابات أردوغان، وعلى الرغم من الحلف الواضح بين النظامين التركي والإيراني في سوريا، فإنه لا يعلو صوت على أصوات المافيا المنتشرة في أعزاز والراعي وجرابلس وعفرين وغيرها من المدن الواقعة تحت نير السطوة التركية غير الشرعية.

وتزيد في كل يوم ثروة قادة تلك الجماعات الإخوانية المتطرفة، والتي يطلق عليها النظام التركي اسم الجيش الوطني السوري، في الوقت الذي يعين فيه الأتراك قادة لها من أصحاب السوابق الجنائية الذين لا يحملون أي مؤهل علمي أو عسكري، والمدخل الوحيد لترؤسهم تلك العصابات، هو ترويع الناس وإرهابهم ونهب ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.

والنموذج التركي السيئ في إدارة الصراع السوري، أضر ويضر كل يوم بمستقبل سوريا الدولة والمجتمع، إذ تعمل تركيا أردوغان على تقسيم سوريا وتتريك مناطق ومحافظات بأكملها، وتقامر بمصلحة السوريين حين تستثمر نكبتهم في إطار أحلام أردوغان التوسعية، وبغضه الشخصي لأي دور عربي يخلص سوريا من جحيم الحروب المدمرة. 

نقلا عن العين الإخبارية

Exit mobile version