تركيا.. خلافات المعارضة تجعل منافسة أمام أردوغان مهمة صعبة
مع اقتراب موعد الانتخابات ظهرت خلافات جديدة تطفو على سطح المشهد السياسي في تركيا، إذ بات التفكك يهدد تحالف المعارضة التركي المؤلف من ستة أحزاب (طاولة الستة) بسبب الخلاف حول مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو.
مهمة صعبة
منذ إعلان المعارضة لشروعها في انتخاب منافس مشترك لأردوغان الرئيس رجب طيب أردوغان، لم تتمكن من التوافق حول منافس، ما يجعل مهمة الفوز على حساب أردوغان، الذي يطمح للحصول على ولاية جديدة على رأس الحكومة التركية، صعبة.
وفي المقابل، تعول المعارضة على انتهاز فرصة تاريخية لطي صفحة عقدين من حكم الإسلاميين، في وقت تسود فيه مشاعر الغضب والمرارة إزاء تعامل الحكومة مع كارثة الزلزال الذي عصف بالبلاد وأودى بحياة عشرات الآلاف من الأتراك.
انقسام التحالف
رغم وجود مؤشرات انقسام حول هذه المسألة وقضايا أخرى في حزب (الجيد) القومي ثاني أكبر حزب في التحالف، كان التحالف قد أعلن أنه سيكشف عن اسم مرشحه من خلال محادثات.
وتقول زعيمة الحزب الصالح القومي التركي المعارض ميرال أكشينار، إن تحالف المعارضة المؤلف من ستة أحزاب، من بينها حزبها، لم يعد يعكس الإرادة الوطنية، مما قد يشير إلى انسحاب حزبها من التحالف قبل الانتخابات المقبلة.
وأشارت أكشينار في مؤتمر صحفي إلى أن الأحزاب الخمسة الأخرى لم توافق على المرشحين اللذين طرحهما الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية وهما رئيسا بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش ودعتهما إلى الاضطلاع بواجبهما، في دعوة واضحة لهما للترشح.
اخفاق سابق للمعارضة
وكانت الأحزاب الخمسة الأخرى في التحالف قد اتفقت على الدفع بكمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض البارز كمرشح مشترك لمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقررة في 14 مايو.
وكانت المعارضة قد أخفقت في انتخابات وطنية سابقة في أن تشكل تحديا حقيقيا لأردوغان المتولي للسلطة منذ عقدين، لكن شعبيته تراجعت وسط تدهور الأوضاع المعيشية حتى قبل زلازل الشهر الماضي الذي خلف دمارا هائلا في البلاد.
وقدر خبراء أن تناهز كلفة إعادة البناء 100 مليار دولار وتحذف بين نقطة واحدة إلى نقطتين مئويتين من النمو الاقتصادي للبلاد في العام الجاري.
تأثير الزلزال على الانتخابات
تمسكا بخطته السابقة لتنظيم الاقتراع في موعده أعلن أردوغان إلى أن الانتخابات ستجرى في 14 مايو، دون النظر لتأثير الزلازل التي تسببت في توجيه انتقادات لتعامل حكومته مع الكارثة، إذ أكد العديد من المنكوبين أنهم تركوا وحيدين في مواجهة المحنة.
وكانت المعارضة قد حذرت الرئيس التركي من تأجيل الانتخابات بذريعة الانشغال بتداعيات الزلازل، إذ تعوّل على استغلال فرصة قد لا تتكرر في إنهاء حكم العدالة والتنمية مراهنة على الآمال في أن ترتد حالة الاحتقان الشعبي تصويتا عقابيا.
حزب ” الجيد”
ووفقا لتقارير إعلامية عبر قادة الأحزاب بشكل كبيرعن دعمهم لترشيح كليجدار أوغلو، لكن لا تزال هناك معارضة لترشيحه داخل حزب “الجيد” بزعامة ميرال أكشينار.
صرح مسؤول من حزب الجيد “هناك آراء مختلفة عن الخطوة المقبلة. من الأفضل ألا نخوض في تفاصيل في هذه المرحلة. لا أستطيع أن أقول إننا راضون عن النقطة التي وصلنا إليها. اليوم سيكون حاسما”.
وأضاف المسؤول أن “كليجدار أوغلو مرشح قوي لكن ينبغي أيضا مناقشة صلاحية مرشحين آخرين، فيما طرحت مسألة ترشيح رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة وهما من حزب الشعب الجمهوري وأشارت استطلاعات رأي إلى أن وضعهما ربما يكون أفضل من كليجدار أوغلو في مواجهة أردوغان.
ومن جانبه قال مسؤول في حزب الشعب الجمهوري إن هناك اتفاقا واسعا على اختيار كليجدار أوغلو، مضيفا “لا نتوقع أي مشاكل بعد الآن. سيُتخذ هذا القرار بالإجماع. لا أريد التفكير في أي خيار آخر”.
بيانات استطلاعات رأي
وأعقاب ضرب الزلزال واجهت حكومة أردوغان انتقادات بسبب طريقة إدارتها للاستجابة الطارئة للزلزال وتحميلها مسؤولية التغافل عن فساد قطاع البناء لتحقيق أهداف انتخابية، مما فاقم ما كان يتوقع بالفعل أن يكون أكبر تحد انتخابي له خلال حكمه المستمر منذ عقدين.
منذ نجاح المعارضة في الفوز برئاسة بلديات كبرى مثل إسطنبول وأنقرة منتزعة إياها من يد حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2019، تعاونت بشكل أوثق.
ووفقا لاستطلاعات رأي فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان محتفظ على ما يبدو بقاعدة تأييده في أوساط الناخبين إلى حد كبير بعد الزلازل وعلى الرغم من انتقادات واسعة النطاق لتعامل الحكومة في البداية مع الكارثة.
وقبل أيام، أظهر استطلاعان صدرا أن المعارضة لم تحصل على تأييد جديد بما يعود جزئيا إلى إخفاقها في إعلان مرشحها على الرغم من بقاء شهرين فقط على بدء التصويت ويعود أيضا إلى افتقارها إلى وجود خطة ملموسة لإعادة بناء المناطق التي دمرها الزلزال.
ومن جانبه قال أوزر سنجار رئيس شركة ميتروبول لإجراء الاستطلاعات “لم يتسبب الزلزال في إضعاف الحكومة بالقدر الذي كانت المعارضة لتتوقعه”.
وتضع بيانات الاستطلاع الذي أجرته شركته ائتلاف أردوغان مع حزب الحركة القومية في المقدمة إذا أجريت الانتخابات في أقرب وقت على الرغم من فقد الائتلاف عدة نقاط مئوية من نسبة التأييد له بالمقارنة بيناير.
وقال نزيه أونور كورو الباحث في مجموعة (تيم) البحثية “عقب التعثر الأولي شهدنا تحول الحكومة لاستخدام لغة خطاب أكثر توحيدا للناس… نجحت الحكومة في ترسيخ مفهوم عن أنها هي من تساعد في التئام الجروح”.
إذ أظهر مسح أجرته الاستطلاعات أن ذلك أسهم في دعم موقف أردوغان “تيم” بمشاركة 1930 شخصا يومي 19 و20 فبراير أن ائتلافه مع حزب الحركة القومية احتفظ بمستوى تأييد عند 44 في المئة بعد الزلزال.