تركيا تسعى إلى إنشاء وطن لليهود في مصراتة


قام الخبير السياسي الليبي عيسى رشوان بالتحذير من محاولات الرئيس التركي رجب أردوغان بشأن استخدام مدينة مصراتة بغرض إتمام صفقة القرن الحقيقية والتي تتمثل في إنشاء وطن قومي ثان لليهود في ليبيا.

وفي حديث للعين الإخبارية، قال رشوان بأن تركيا اختارت مصراتة لتكون منطلقا للمحاولة الثالثة لإنشاء وطن قومي لليهود بعد فشلها مرتين الأولى عام 1908 والثانية عام 1945، وأوضح بأن المرتين جاءتا باقتراح بريطاني.

كما أشار رشوان إلى أن الأولى جاءت علي يد السير هاري جوهنستون السفير البريطاني في تونس عام 1892،  في حين جاءت الثانية عام 1945 باقتراح من ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا نفسه وذلك في مؤتمر دولي ضم معظم رؤساء الدول الكبرى في مدينة بوتسدام الألمانية لمناقشة تقسيم المستعمرات الإيطالية، وذكر أيضا بأن عدة عواصم تقف خلف أنقرة في هذا المسعى هي لندن وروما مع استخدام الدوحة كواجهة عربية للتمويه والتمويل.

ويشار إلى أن الساحة الليبية قد شهدت فيما سبق مطالب بعودة اليهود من أصل ليبي منتشرين في عدة دول، بينما استقبلت مصراته، غربي ليبيا، عدة زيارات لبعض اليهود من جنسيات مختلفة ورصدت كذلك مصادر أمنية وجود مجموعة يهود بصفة دائمة في المدينة من ضمنهم تاميون خوبان ومريفات كياني وبنيامين هازار وأرتان بلي.

إن الزيارات المتكررة لمصراته ترافقها مطالبات من رافائيل لوزون، وهو رئيس ما يعرف باتحاد يهود ليبيا بضرورة عودة اليهود إلى ليبيا ويبلغ عددهم 40 ألفا من أصل ليبي، حسب ما قاله، إلى جانب ضرورة إشراكهم في الحياة السياسية بعد دفع تعويضات مالية لهم عن أملاكهم المزعومة والتي قدرها لوزون بـ215 مليار دولار.

إن تنظيم الإخوان الإرهابي أصبح يسيطر تماما على مصراته ويتخذها مثابة مقر لمعظم ميلشياته وأذرعه المسلحة، وتوجد أكبر غرف عمليات تركيا بالمدينة وتمتلك فيها قنصلية  كبرى بجانب قنصلية إيطالية.

هذا ونشر لوزون يوم السبت الماضي على صفحته بموقع فيس بوك منشورا حيث عبر من خلاله عن رفضه لهيمنة طيف عرقي واحد على المشهد الليبي ( قاصدا العرب )، وطالب كذلك بتشكيل مجلس رئاسي مقسم على أساس عرقي من الطوارق والأمازيغ والكراغلة الأتراك والشركس والجريتلية إضافة إلى التبو، كما اعتقد بأن ذلك سيمنع اشتعال الأحقاد، حسب زعمه، بينما وفق مراقبين، فهو أمر لا يخلو من التهديد المستتر، وكان لوزان قد قال في تصريحات علنية العام 2012، بأنه عضو بالحزب الديمقراطي الليبي ومن حقه الترشح لأي وزارة.

والجدير بالذكر أن الحزب الديمقراطي الليبي أسسه أحمد الشيباني الموالي لحكومة فايز السراج منطلقا من مصراته أوائل عام 2012 بعد مقتل معمر القذافي، وقد جاء في مقدمة برنامجه حق عودة اليهود إلى ليبيا، إلى جانب حرية الاعتقاد، وإطلاق الحريات الدينية وذلك بالرغم من أن ليبيا لا يوجد بها إلا المسلمون.

إن تصريحات لوزون قوبلت بترحيب بعودة يهود ليبيا المهاجرين وترويج مستتر من بعض المحسوبين على السراج وقطر وتركيا، ورحب من جهته محمود شمام، وزير إعلام ليبيا السابق في عهد المجلس الانتقالي، يوم الثلاثاء المنصرم بتصريحات لوزون.

وفي منشور له على صفحته بفيس بوك، قال شمام بأن لوزون شجاع ومن حقه أن يكون وزيراً في ليبيا، وأبدى أيضا إعجابه بما وصفه بتمسك وحب لوزون لمسقط رأسه ( ليبيا ) ودفاعه عن حقوق أهله وطائفته، كما كشف بأنه تحدث مع لوزون قبل عدة شهور بخصوص برنامج عن يهود ليبيا، ونوه بوجود اتصالات بين فريقه ولوزون لترتيب الأمر، وبأنهما لَم يوفقا وقال :ربما سنتمكن من ذلك قريبا.

إن محمود شمام له علاقة وطيدة بعزمي بشارة الإسرائيلي من أصل عربي ومستشار أمير قطر، وقد تولى منصب عضو مجلس إدارة قناة الجزيرة القطرية وعضو المجلس الاستشاري لمركز كارينجي للسلام الممول من قطر وقضى حياته السياسية، كما يحسب نفسه على اليسار والقوميين، وتحول بعد ذلك إلى دعم السياسات القطرية التي ساندته لتولي مهمة وزير إعلام ثورة فبراير ثم انفصل عن قطر ومؤسساتها ظاهريا عام 2014 لتأسيس شركة إعلامية ليبية.

وفيما بعد كشفت الوثائق استمرار حصوله على دعم مالي قطري قدره 5 ملايين دولار شهريا لمؤسسته التي كان يتخذ من القاهرة مقرا لها، وبعد انكشاف ذلك كله، قام بإغلاق مكتب مؤسسته بالقاهرة وانتقل بها للعمل من تونس، كما أن شمام لم يكن وحده المرحب بتصريحات لوزون فانضم إليه أيضا محمد بويصير، المحسوب على السراج والمروج له إعلاميا.

 وقام بويصير بالنشر على صفحته بموقع فيس بوك منشورا قال فيه: مطلب اليهود الليبيين للعودة إلى البلاد – بجميع المعايير الإنسانية – هو مطلب عادل ومن حقهم ودستور ليبيا كان يقر أن كل الطوائف هي ليبيا وأن الدين ليس شرط المواطنة، إلا أن ذلك مرتهن بقدرة الليبيين على بناء الدولة الحديثة التي تقوم على أساس المواطنة التي تعني احترام القانون ولا علاقة لها لا بالدين ولا الثقافة ولا اللغة ولا الأصل ولا لون البشرة أو لون العينين مثل البلد الرائع الذى أعيش فيه مع أسرتي (قاصدا أمريكا التي يعيش فيها منذ عشرات السنوات)، ويشار إلى أن بويصير عمل كمستشار للمشير خليفة حفتر وانقلب عليه متحولا إلى الجهة الأخرى داعما لحكومة السراج ومليشياتها الموالية لتركيا.

ووفق ما ذكرت الوقائع والوثائق التاريخية فقد شهدت السنوات ما بين 1912 و1969 هجرة يهود ليبيا إلى ثلاث عواصم هي روما ولندن وتل أبيب، وعندما وصل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إلى السلطة عام 1969، لم يكن هناك سوى 100 يهودي في وتمكنوا من مغادرة البلاد وبحلول عام 2004 أصبحت ليبيا خالية من اليهود، وبعد اغتيال القذافي وإسقاط نظامه في 2011 ظهر رافاييل لوزون كرئيس لما يعرف حاليا باتحاد يهود ليبيا، وطالب بحقوق اليهود من أصل ليبي.

محاولات سابقة

من جانبه، كشف المؤرخ الليبي مصطفى عبد الله بعيو في كتابه المشروع الصهيوني لتوطين اليهود في ليبيا، والذي صدر في مارس 1975 مستعرضا بذلك المحاولة الأولى التي أوردها في كتابه مشفوعة بالوثائق وبأنها جاءت بالتفصيل في وثيقة الكتاب الأزرق الصادر عام 1909، الذي وثقت فيه المنظمة اليهودية تحركاتها في اتجاه إنشاء وطن قومي لليهود تحت رعاية السلطان العثماني عبد الحميد بعد رفض فيكتور الثالث ملك إيطاليا للمشروع.

وجاء أيضا في كتاب بعيو وهو أيضا وزير التعليم الليبي السابق في العهد الملكي، بأن تيودور هرتزل التقى أعيان يهود ليبيا، لأول مرة، في القسطنطينية سنة 1892، لحثّهم على مشاركته دعوته، وواظب على مراسلتهم، ودعاهم لمؤتمرات منظمته بفيينّا بين 1900 و1904، وفي العام الأخير، وقبيل وفاته في 3 يوليو، تقدم هرتزل إلى فيكتور الثالث ملك إيطاليا، طالبا توطين يهود في طرابلس الغرب وتأسيس حكم ذاتي لهم تحت إشراف بلاطه لكن ملك إيطاليا رفض ذلك.

في حين أن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني رحب برعاية مشروع تيودور هرتزل بتوطين اليهود في ليبيا وذلك بعد تجديد هرتزل دعوته بعد الرفض الإيطالي للمشروع بعامين، غير أن السلطان العثماني عدل مكان التوطين إلى منطقة برقة، شرقي ليبيا، حيث كانت بدايات الثروة قد لاحت إضافة إلى موقعها البحري الإستراتيجي بشرق المتوسط.

Exit mobile version