سياسة

تركيا تدفع ثمنا غاليا لمغامراتها في كل من سوريا وليبيا


باتت تركيا تدفع الثمن غاليا بمقتل جنودها؛ ولذلك بسبب المغامرات الطائشة للرئيس رجب طيب أردوغان، والذي يقوم بنقل جيشه من مستنقع إلى آخر.

وقد ذكر جنود أتراك يوم الجمعة، بأن الهجوم الأخير الذي قمت قوات الجيش السوري بشنه ضدهم في إدلب قد أدى إلى مقتل أكثر من 200، على العكس تماما لما يزعمه نظام أردوغان، وفق ما أفاد الموقع الإخباري التركيTR724 .

وقد أعلنت السلطات التركية يومه الخميس مقتل 33 جنديا من الأتراك، إلى جانب 32 مصابا، على إثر غارة للجيش السوري في إدلب، والتي تعد بمثابة معقل للجماعات الإرهابية ومليشيات موالية لأنقرة، وكان ذلك في ضربة موجعة للقوات التركية التي تحتل المحافظة السورية.

ومن جهته، فقد استهدف الجيش الليبي تجمعا من الجنود الأتراك في الشق العسكري من قاعدة معيتيقة الجوية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 10 منهم، ليصل بذلك عدد خسائر أنقرة إلى 26 عسكريا، حيث سبق وأن قتل 16 جنديا تركيا في استهداف مخزن للذخائر بميناء طرابلس في 18 فبراير الحالي.

وبذلك، فقد قامت أنقرة بحجب مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد موقع نت بلوكس، المتخصص في تتبع حركة الإنترنت، حجب تركيا شبكات التواصل الاجتماعي بعد الخسائر التي تكبدتها في صفوف قواتها بإدلب.

لا مستقبل لتركيا في ليبيا

وقد رجح من جانبه الدكتور محمد جمعة، الباحث السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات للعين الإخبارية، تعرض تركيا لمزيد من الخسائر والاستنزاف الذي سيختلف في درجته وقوته بين إدلب وطرابلس، بسبب رهانات أردوغان الخاطئة.

وقد قال جمعة: أجزم أنه لا مستقبل للحضور التركي على المستوى الليبي، أما على الصعيد السوري فسينتهي الأمر إلى تفاهمات؛ لأن الطرف الروسي لا يرفض وجود أنقرة داخل حدود سوريا بعمق 5 كيلومترات، شريطة خروج جميع العناصر المتطرفة الموالية لأردوغان.

ويعتقد بأن قوة الانخراط التركي في طرابلس واضحة، غير أنها أقل من حضوره الواسع بسوريا، حيث أشار بأن: الجيش التركي ينتشر داخل المناطق السورية، كدولة جوار، ويسيطر على مدن بها، فيما يظهر الحضور التركي في ليبيا بدرجة أقل من خلال مستشارين وأطقم فنية تدير المدفعية الموجهة ضد الجيش الليبي، إضافة إلى إدارة الطائرات المسيرة في طرابلس.

السياسة العثمانية الجديدة

هذا وقد استعرض أيضا جمعة دوافع نظام أردوغان، حيث قال: الأمر خليط بين نوعين من الدوافع؛ الأول يرتبط بالسياسة العثمانية الجديدة، ورغبة النخبة الحاكمة في التوسع في المنطقة، من خلال العامل القومي لإعادة نفوذ أنقرة في مناطق آسيا الوسطى، والعامل الديني من خلال توظيفه تنظيم الإخوان والتنظيمات الإرهابية في إعادة صياغة علاقاته مع العالم العربي.

وأضاف: الدافع الآخر شخصي يتعلق بأردوغان، الذي يسعى للتغطية على أزماته الداخلية، من خلال إثارة النعرة القومية لدى الأتراك عبر هذا النمط من السياسات العدوانية، كما توقع استمرار الرئيس التركي في سياساته بإدلب السورية، وارتكاب المزيد من الحماقات من خلال دعم فرق المعارضة السورية بأسلحة متطورة، داعيا الأطراف العربية إلى رفع كلفة السياسة التداخلية العدوانية للنظام التركي في المنطقة.

وتابع جمعة: هذا هو واجب الوقت، خاصة أن مشروع العثمانية الجديدة يمثل خطرا كبيرا على المنطقة، كما شدد على ضرورة البدء فورا في تفعيل المقاطعة الاقتصادية، ووقف السياحة العربية إلى تركيا.

الانتقال من مستنقع لآخر

ومن جهته، فقد قال أيضا الدكتور أحمد قنديل، المحلل السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات للعين الإخبارية بأن خسائر أنقرة في سوريا وليبيا نتيجة طبيعية للمغامرات الطائشة وتصرفات الرئيس التركي الذي ينقل جيشه وجنوده من مستنقع إلى آخر.

وأشار بأن أردوغان يقوم باستهداف تثبيت أركان حكمه في وجه العواصف السياسية والاقتصادية التي يواجهها من دون أي اعتبار لدماء جنوده، أو اعتبار للشعوب العربية في سوريا وليبيا. وحسب ما عبر عنه قنديل فإن أردوغان يلهث وراء تحقيق أوهام الإمبراطورية العثمانية الجديدة، ويسعى لينصّب نفسه سلطانا جديدا في إمبراطورية يتوهمها.

كما نبه قنديل إلى وجود أكثر من سبب لكبح جماح أردوغان، ضمنها تعبير الرأي العام التركي بشكل واضح رفضه لمغامرات الرئيس الخارجية، إلى جانب ضرورة تحرك أوروبا والولايات المتحدة من خلال اتخاذ خطوات واضحة لردع الرئيس التركي وأيضا وقف تدخلاته العدوانية في المنطقة.

إلى جانب ذلك، فقد أكد المحلل السياسي على أن المجتمع الدولي لم يتخذ لحد الآن مواقف حازمة تجاه أردوغان، الأمر الذي جعل الأخير يتمادى في تصرفاته من دون أي اعتبارات لسيادة الدول على أراضيها، أو للقانون والمبادئ المتعارف عليها بوقف التدخل في شؤون الدول، وقد أرجع قنديل تمادي أردوغان في سياساته العدوانية بالمنطقة إلى تردد المجتمع الدولي في فرض العقوبات اللازمة على تركيا.

غير أنه لم يستبعد وجود رغبة دولية في توريط أنقرة بشكل أكبر لإنهاك القوات التركية، إن أن سياسات الرئيس التركي الحالية ستخلق المزيد من المشاكل والأزمات لبلاده، حسب ما عبر عنه الخبير الاستراتيجي، والذي يعتقد بأن أردوغان لن يحقق أي نتائج من التحركات العدوانية ولن يجني شيئا سوى أكفان لجنوده وضباطه، وإهدار أموال الشعب في مغامرات لن يخرج منها بشيء غير الخسائر.

سوريا المركزية 

في حين أن المعارض السوري الدكتور محمد الشاكر، أستاذ القانون الدولي ورئيس التيار العربي المستقل، قد قال للعين الإخبارية بأن ما يحدث الآن من حرب سيمهد لمرحلة جديدة من التفاوض الذي يقوم على المزج بين القوة والدبلوماسية.

وتابع، مبدأ القوة في العلاقات الدولية سيحدد سير المعارك والتفاوض، والرابح هو من سيفرض خطوطه على رقعة الشطرنج السورية، موضحا بأن تركيا وروسيا ستعودان إلى التفاوض، وذلك خشية من تحول الصراع من حروب بالوكالة إلى حرب مباشرة على نطاق واسع.

وقد أشار أيضا إلى أن ما يحدث لتثبيت خطوط المراقبة والإسناد بين تركيا وروسيا، ولا علاقة لهذه التطورات بالعملية السياسية، أو مندرجات القرار 2254، وحتى بتضحيات السوريين وطموحاتهم بالتغيير الديمقراطي المنشود.

وأشار أيضا إلى أن الروس قد ضاقوا ذرعا بانتظار الوعود التركية بتفكيك جبهة تحرير الشام، التي تعد مستثناة من الالتزام بمناطق خفض التصعيد، وهذا الأمر الذي دفع موسكو إلى تجاوز الخطوط المتفق عليها، ومنه فإن سقف المطالب التركية سيكون عودة القوات الحكومية السورية إلى خط ما قبل ديسمبر 2019.

ويعتقد شاكر فيما يتعلق بالجانب السياسي بأن الصراع المحتدم بين روسيا وتركيا، وتركيز المعارك بينهما على تثبيت خطوط التماس والإسناد والمراقبة يشير مسبقا إلى اتفاق الطرفين الروسي، التركي على شكل الدولة السورية المستقبلية.

هذا الاتفاق الذي يعني بأن سوريا المركزية قد انتهت، وبذلك فإن المهمة التي تقع أكثر من أي وقت مضى على عاتق السوريين، هي العمل على إعادة هيكلة المعارضة واستعادة القرار الوطني، من خلال مشروع ديمقراطي جامع، يعمل على سوريا الموحدة، وليس المهددة بمناطق نفوذ، في حين قد طلبت أنقرة إقامة منطقة حظر جوي فوق إدلب، بينما قال مسؤول تركي بأن بلاده لن توقف المهاجرين الذين يحاولون التوجه إلى أوروبا.

وقد حذر من جانبه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط يوم السبت، من خطورة تصاعد المواجهات العسكرية المترتبة على التدخلات الإقليمية والدولية على الساحة السورية، داعيا جميع الأطراف المتصارعة على الأرض السورية إلى وقف فوري لإطلاق النار في شمال غرب سوريا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى