بين الأنقاض والخسائر: حزب الله يرفع راية النصر
أثار محمد مهدي نجل حسن نصر الله زعيم حزب الله الراحل جدلا واسعا بنشره مقطع فيديو أعلن خلاله النصر على إسرائيل، في موقف وصفه العديد من اللبنانيين بـ”المثير للسخرية”، باعتبار الدمار الهائل الذي خلفته الحرب التي أسفرت عن مقتل نحو 4 آلاف وحوّلت العديد من البلدات والقرى في جنوب لبنان ومناطق واسعة من الضاحية الجنوبية إلى أثر بعد عين، كما أدت إلى تفكيك قيادة الحزب المدعوم من إيران بفقدانه أبرز قياداته وفي مقدمتهم أمينه العام وخليفته المحتمل هاشم صفي الدين.
وأشاد محمد المهدي نصر الله في مقطع الفيديو الذي صوره أمام منزله المدمر في منطقة الضاحية الجنوبية ببيروت بما وصفه بـ”صمود” و”تضحيات” السكان، بينما احتفل أنصار الحزب المدعوم من إيران بالهتافات الداعمة للجماعة الشيعية.
السيد محمد مهدي حسن نصر الله، نجل سيد شهداء الأمة، من أمام ركام منزله: أرضيت يا رب؟ خذ حتى ترضى.
#لم_ولن_تسقط_لنا_رايه pic.twitter.com/64eIHw2FQ8
— ايمن السومري ✌️ (@amenmhfjg) November 27, 2024
وفي جنوب لبنان، أعرب القرويون العائدون عن فرحتهم، معتقدين أنهم انتصروا على إسرائيل، بينما أشار البعض إلى استمرار نزوح الإسرائيليين من الجليل كدليل على نجاحهم، وفق قناة “الميادين” الموالية لإيران.
ووزع الجيش اللبناني منشورات على السكان العائدين تضمنت تحذيرا من الذخائر غير المنفجرة، بينما أعلن وزير الدفاع موريس سليم في تصريح لقناة “الجزيرة” القطرية أن عشرة آلاف جندي سينتشرون في الجنوب، مؤكدا التزام لبنان بالقرارات الدولية، مضيفا “سيادتنا تنبع من وجود الجيش على الحدود الجنوبية. لن تكون هناك قوة أخرى في لبنان غير جيشنا وقوات اليونيفيل”.
لكن لم يحتفل الجميع بالنصر المفترض، فقد انتقدت صحيفة “نداء الوطن” اللبنانية الاحتفالات، موضحة أن “خسائر حزب الله تطغى على أي ادعاءات بالنجاح”، وكتبت “العديد من قادة حزب الله ماتوا، فأين النصر من دونهم؟”.
ووصفت الصحيفة تدمير القرى والأنفاق والدفاعات الحدودية الجنوبية بـ”الضربة الكارثية”، كما سلطت الضوء على نزوح سكان الجنوب وفشل الحكومة في توفير المأوى خلال الحرب، ووصفت هذه النتائج بأنها “أسوأ الهزائم” التي واجهها حزب الله منذ تأسيسه.
ولم يعلن حزب الله عن حصيلة نهائية للخسائر البشرية في صفوفه، بينما تشير تقديرات معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب إلى أن الجماعة المدعومة من إيران خسرت 2450 فردا.
وفي سياق متصل أكّد النائب حسن فضل الله المنتمي إلى حزب الله اليوم الأربعاء أن هناك تعاونا كاملا مع الدولة اللبنانية لتعزيز انتشار الجيش في جنوب البلاد، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
وكان فضل الله يتحدّث من بنت جبيل في جنوب لبنان، في وقت بدأ آلاف اللبنانيين بالعودة إلى مناطقهم وبلداتهم في أنحاء مختلفة من البلاد لا سيما في الجنوب إثر سريان اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله بعد نحو عام من التصعيد وشهرين من مواجهة مفتوحة مدمّرة.
وسرت الهدنة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن اعتبارا من الرابعة فجرا ويفترض أن تضع حدا لنزاع بدأ في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة بين الدولة العبرية وحركة حماس الفلسطينية، إثر فتح حزب الله ما أسماها “جبهة إسناد” لغزة.
وقال فضل الله ردّا على سؤال لوكالة فرانس برس، عن انسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال الليطاني الذي ينصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، إن الأمر “مرتبط بإجراءات الدولة اللبنانية وتعزيز انتشار الجيش”.
وأضاف “هناك تعاون كامل في هذا المجال ولن تكون هناك أي مشكلة”، متابعا “نحن ليس لدينا لا سلاح ظاهر ولا قواعد عسكرية” في جنوب لبنان.
وردا على سؤال عن استعداد الحزب لتفكيك بنيته العسكرية جنوب الليطاني أو سحبها وتراجع مقاتليه من المنطقة، أوضح فضل الله أن “المقاومة في عملها هي مقاومة سرية وليست مقاومة لها مظاهر عسكرية أو قواعد منتشرة”، مشيرا إلى أنه “لا توجد أي قواعد لها أو أي سلاح ظاهر، لأن طبيعة المقاومة أنها ليست جيشا نظاميا”.
وأضاف فضل الله أن “أبناء حزب الله هم أبناء هذه القرى والبلدات وأغلب الشهداء الذين قضوا هم من أبناء هذه القرى. لا أحد يستطيع أن يخرج ابن القرية من قريته”.
ومنذ انتهاء حرب يوليو/تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله بموجب القرار 1701 الذي حظر أي تواجد عسكري في المنطقة الحدودية لغير الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة “يونيفيل”، لم يشاهد أي وجود عسكري لحزب الله في المنطقة، لكن تقارير تفيد أن مقاتلي الجماعة منتشرون في القرى والبلدات وأنهم بنوا أنفاقا ومراكز سرية يختبئون فيها مع سلاحهم.
وفي سياق متصل اعتبر فضل الله أن إسرائيل “لم تربح الحرب” لأنها لم تحقّق أهدافها. وقال “حزب الله لم يكن يريد حربا واسعة، كانت لدينا جبهة اسناد في منطقة ضيقة”.
واعتبر أن “العدو الاسرائيلي هو الذي شنّ هذه الحرب بتفجيرات البايجر” في 17 سبتمبر/أيول التي استهدفت آلاف أجهزة الاتصال التابعة لحزب الله وأوقعت قتلى وجرحى بين عناصره، ثم بتكثيف القصف على لبنان في 23 منه واغتيال الأمين العام لحزب الله في الـ27 منه بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال إن “العدو طرح أهدافا كبيرة، لكن عندما لم يستطع تحقيق هذه الأهداف الكبيرة، معنى ذلك أنه لم يربح الحرب”.
وتابع “نحن أمام منع إسرائيل من تحقيق أهدافها في لبنان. هي أعلنت أنها تريد تدمير حزب الله واليوم الحزب موجود بقوة في كل المناطق اللبنانية وخصوصا جنوب الليطاني”.
وحذّر فضل الله كذلك من أن حزب الله مستعدّ للردّ في حال خرقت إسرائيل الاتفاق. وقال إن “القرار 1701 يتحدّث عن حقّ الدفاع عن النفس للطرفين. عندما يُعتدى على بلدنا نحن أيضا لن نبقى مكتوفي الأيدي”.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الأربعاء أن لبنان سيعزّز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مطالبا في الوقت عينه الدولة العبرية بالالتزام بالهدنة وسحب قواتها.
وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل برعاية فرنسية أميركية على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من لبنان في غضون 60 يوما، وعلى انسحاب حزب الله من جنوب لبنان إلى المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.
كما يتمّ إخلاء المناطق اللبنانية الواقعة جنوب نهر الليطاني من أسلحة حزب الله الثقيلة، ويتسلّم الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية مواقع الجيش الإسرائيلي وحزب الله.
ورأى فضل الله أن “الجانب الإسرائيلي لم يتمكّن من فرض أي شرط سياسي بما في ذلك ما ادعاه حول حرية الحركة” في الاتفاق، مشيرا إلى أن “هذا غير موجود في الورقة الأميركية ولا في التعديلات التي قدمها الجانب اللبناني”.