بعيدا عن السياسية.. حميدتي يعمل على بناء جيش موحد
أكد قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مساء السبت، أنه “لا يسعى إلى إلغاء القوات المسلحة أو تفكيكها أو استبدالها”.
وإنما تشكيل جيش واحد محايد “لا علاقة له بالسياسة”، بعد انضمام كوكبة كبيرة من ضباط وجنود الجيش من قيادة الفرقة 20 الضعين بولاية شرق دارفور لقواته.
في أحدث انشقاق يضرب قوات عبدالفتاح البرهان التي لم تنجح حتى الآن في تحقيق أي تقدم يذكر على الأرض رغم استخدامها “القوة المميتة” بقصف المناطق السكنية وتسليحها الميليشيات.
ومساء السبت أعلنت قوات الدعم السريع أن “قوة كبيرة من القوات المسلحة بقوام 15 ضابطا و527 من الرتب الأخرى بالفرقة 20 الضعين، أعلنت انحيازها التام لخيار الشعب والانضمام لها في شرق دارفور”.
ويأتي هذا الانشقاق داخل القوات المسلحة السودانية ضمن سلسلة من الانشقاقات السابقة التي تظهر تراجع ثقة الجيش السوداني بقيادته الحالية، كما تؤشر إلى تحول في اتجاهات للحرب لصالح قوات الدعم السريع.
وقال قائد قوات الدعم السريع في السودان في بيان عبر حسابه على تويتر مساء السبت، “نرحب ترحيبا حارا بشرفاء القوات المسلحة من الضباط وضباط الصف من قيادة الفرقة 20 الضعين بولاية شرق دارفور الذين استجابوا لدعوتنا لهم بالانحياز لإرادة وخيارات شعبنا”.
وأضاف “ولن ننسى كل الشرفاء من القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى الذين انضموا لخيار الجماهير مدافعين عن أهداف الثورة”.
وأكد حميدتي أن “انضمام هذه الكوكبة من الشرفاء يمثل دفعة جديدة لنا في هذه المعركة التي نخوضها ضد فلول النظام البائد وقيادة التنظيم داخل القوات المسلحة الذين اختطفوا جميع مؤسسات الدولة وسخروها لخدمة أجندة الدولة العميقة”.
وأوضح أنه “لا يسعى لإلغاء القوات المسلحة أو تفكيكها أو استبدالها، لكننا سنعمل يدا بيد مع الشرفاء على بناء جيش قومي واحد لا علاقة له بالسياسة يخدم مصالح الشعب ويحمي البلاد”.
وتابع قائلا إن “الوقت حان لفتح صفحة جديدة من تاريخ بلادنا، نرسم فيها مستقبل أمتنا وفق رؤية وطنية شاملة، تحقق الحرية والعدالة لنا جميعاً في ظل حكم ديمقراطي حقيقي”.
وأعرب عن ثقته في “إعادة بناء السودان بالاستفادة من تنوعه الاجتماعي والثقافي وإمكاناته البشرية والمادية الهائلة”، لافتا إلى القدرة على “وضع بلادنا الغالية في الطريق الصحيح”.
وتزامن بيان حميدتي مع تحقيق قوات الدعم السريع انتصار ميداني جديد في مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، فيما انخرط الجيش في الحرب الإعلامية للتغطية على فشله العسكري وخسائره الثقيلة المتلاحقة.
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان، مساء السبت، تنفيذ “مهمة عسكرية مباغتة بالتسلل إلى داخل المنطقة العسكرية كرري” في مدينة أم درمان، و”استهداف عدد من المواقع التابعة للجيش السوداني، مشيرةً إلى “خسائر في الأرواح والعتاد”.
ولفت البيان إلى ” ونجحت القوات الخاصة بقوات الدعم السريع في تدمير متحرك من 25 مركبة بكامل عتادها وقتل العشرات من قوات الفلول، وتدمير عدد 3 مركبات مدرعة، إلى جانب حرق عدد من المباني داخل معسكر المظلات والمطبعة العسكرية التي يستخدمها الانقلابيين كمخازن للأسلحة والذخائر”.
وأكد أن “الهجوم المباغت الذي تم للمرة الثانية علي التوالي، أحدث رعبا في أوساط مليشيا البرهان التي لم تستفيق من الهجوم السابق إلا على وقع العملية الخاصة التي نفذت اليوم (السبت)”.
وشدد على أن “قوات الدعم السريع، ستواصل تنفيذ عمليات خاصة محكمة في عدد من مواقع ومقرات الانقلابيين وانه لا أمل لقادة الانقلاب إلا بالاستسلام أو انتظار مصيرهم المحتوم على ايدي أشاوسنا الأبطال”.
وفي المقابل، قلّل الجيش من أعداد جنوده المنشقين عنه وقال متحدث الجيش العميد نبيل عبدالله، في بيان “هنالك تضخيم في العدد مبالغة كعادة قوات الدعم السريع”.
وأضاف “هم بضعة ضباط تم استيعابهم في أوقات سابقة ضمن الترتيبات الأمنية (لاتفاق السلام في جوبا مع الحركات المسلحة في أكتوبر 2020)، عدا ضابط واحد (يتبع للجيش)”.
وأردف أن “28 جنديا وضابط صف جميعهم من أبناء المنطقة سقطوا في محك التربية العسكرية التي تتسامى عن الانتماءات الجهوية الضيقة”.
كما انخرط الجيش السوداني في الحرب الإعلامية لتشويه سمعة قوات الدعم السريع، وهي حرب طالما كان الخاسر فيها لاعتماده على اتهامات دون أدلة اثبات، وقد كشفت عدة تقارير زيفها وخلوها من أي صحة، وأثبتت أن ادعاءات البرهان مردودة عليه وأنه هو من استعان بمتطرفين ومحكومين في قضايا إرهاب جرى إطلاق سراحهم لتنفيذ عمليات ارهابية.
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، اتهمت في وقت سابق السبت، “قوات الدعم السريع باستخدام أطفال دون الـ15 عاما في القتال، في انتهاك للقانون الدولي”.
وذكر الناطق باسم الجيش السوداني، في بيان، أن “قوات الجيش مستمرة في توجيه الضربات للدعم السريع بجميع المواقع في أنحاء البلاد”، مؤكدا أن “قوات الدعم السريع استخدمت مجرمين وهاربين من السجون كمقاتلين لتنفيذ عمليات إجرامية مصاحبة”.
ورد المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت على هذه الاتهامات قائلا إن “الدعاية الحربية قد تكون وراء نشر فيديو لطفل يدعي تجنيده من الدعم السريع ولا أستبعد أن يكون مفبركًا وينبغي التحقق منه”.
وأضاف عزت في تصريح في لقناة العربية الحدث “لسنا بحاجة لتجنيد الأطفال و60 بالمئة من عناصر قوات الدعم السريع لم يتدخلوا في الحرب حتى الآن .
وأكد عزت “مستعدون للتعاون مع الجنائية الدولية ولدينا دائرة قانونية ومحكمة ميدانية للبت في مخالفات عناصر الدعم”.
وهذه الاتهامات التي تندرج في دائرة الحرب الإعلامية المراد منها إلى جانب تشويه سمعة قوات الدعم السريع، تغطية الجيش عن هزائمه المتتالية، فرغم دخول القتال بين طرفي الصراع الأحد اليوم المئة، إلا أن قوات البرهان التي كانت تعتقد أنها ستنهي الحرب في بضعة أيام لم تحقق أي تقدم ميداني يذكر.
وتأتي هذه التطورات، بعد أيام من إعلان البرهان استعداده لاستئناف المفاوضات المعلقة بمدينة جدة السعودية، بعدما دفعته الهزائم الثقيلة المتلاحقة لاتخاذ هذا القرار.
وقالت مصادر بالحكومة السودانية لـ”رويترز”، السبت الماضي، إن ممثلين عن الحكومة وصلوا إلى مدينة جدة السعودية لاستئناف المحادثات مع قوات الدعم السريع.
واستبعد السفير علي الصادق وزير الخارجية السوداني المكلف، حصول هدنة خلال مفاوضات جدة معللا ذلك بأن المفاوضات غير المباشرة لم تستأنف أعمالها بصورة جدّية بعد.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء السودانية “سونا” أن “القبول بهدنة أخرى مشروط بالتزام المتمردين بإخلاء المرافق العامة، والخروج من بيوت المواطنين، والكف عن عمليات السلب والنهب، وقطع الطرقات، وتعطيل حياة الناس”.
وعلقت السعودية والولايات المتحدة في أوائل يونيو الماضي، محادثات سابقة بين الجانبين السودانيين في جدة بعد انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار. ولم تؤكد الرياض أو واشنطن بعد استئناف المحادثات.
وفشلت سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة، في وضع حد للقتال الذي اندلع في منتصف أبريل الماضي.
وخلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب وزارة الصحة والأمم المتحدة.