بعد التصعيد مع إسرائيل.. إيران تُنشئ مجلسًا للدفاع القومي في اعتراف غير مباشر بالفشل

أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بأن المجلس الأعلى للأمن القومي وافق على إنشاء مجلس الدفاع القومي اليوم الأحد، وذلك في أعقاب حرب جوية قصيرة مع إسرائيل في يونيو مثلت أكبر تحد عسكري لإيران منذ حربها مع العراق في الثمانينيات.
ويشير تفعيل هذا المجلس، إلى أن النظام الإيراني بات يتعامل مع الوضع الأمني كأزمة وجودية، بعد أن كشفت الضربات الإسرائيلية عن فشل ذريع في ردع التهديدات الخارجية.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي قولها “ستتولى الهيئة الدفاعية الجديدة مراجعة الخطط الدفاعية وتعزيز قدرات القوات المسلحة الإيرانية بطريقة مركزية”.
وسيرأس مجلس الدفاع القومي الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وسيضم رؤساء أفرع الحكومة الثلاثة وكبار قادة القوات المسلحة والوزارات المعنية.
ومن المتوقع أن تكون وزارات الدفاع والمخابرات والخارجية أعضاء في المجلس، على الرغم من أن التقرير لم يقدم تلك التفاصيل.
ومن مهام المجلس الجديد، وفق الإعلان الرسمي، دراسة الخطط الدفاعية وتعزيز قدرات القوات المسلحة بشكل مركزي ومنظم، تحت إشراف الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي.
ويأتي قرار إنشاء مجلس الدفاع القومي كاعتراف صريح بالخسائر الفادحة التي تكبدتها إيران في حرب جوية استمرت 12 يوما، وقد أسفرت الضربات الإسرائيلية، التي شاركت فيها الولايات المتحدة، عن مقتل ما يقرب من 1100 شخص، بينهم عدد كبير من القيادات العسكرية العليا وخبراء في المجال النووي، حيث فقدت إيران عشرة من كبار قادتها العسكريين وستة عشر عالمًا على الأقل.
وقد بلغت الهزيمة ذروتها باستهداف غارات جوية لمنشآت نووية إيرانية رئيسية، مما أرسل رسالة واضحة بأن طهران عاجزة عن حماية أهم أصولها الاستراتيجية.
وما زاد من عمق الصدمة هو انكشاف عمليات اختراق استخباراتية إسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية. ففي الوقت الذي كانت فيه البلاد تلملم جراحها، كشفت السلطات الإيرانية عن إلقاء القبض على عدد من المشتبه فيهم الإيرانيين الذين يعملون لصالح إسرائيل. هذه الاختراقات، التي تعد دليلا على ضعف الأجهزة الأمنية الإيرانية، تُرجح أن تكون قد سهّلت الضربات الجوية الدقيقة التي استهدفت القادة والخبراء، مما يفسر الخسائر البشرية الفادحة وفشل المنظومة الدفاعية في التصدي لها.
وحذر القائد العام للجيش الإيراني أمير حاتمي، من أن التهديدات الإسرائيلية لا تزال قائمة، مما يؤكد أن هذا الإجراء ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو استجابة استراتيجية لخطر دائم ومستمر.
وكان لدى إيران مجلس مماثل خلال الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات والتي خلفت ما يقرب من مليون ضحية على كلا الجانبين.
ولم يكن تأسيس مجلس الدفاع القومي مجرد قرار إداري، بل هو إشارة واضحة إلى أن إيران تعتبر تهديدات إسرائيل والولايات المتحدة الراهنة تحديا وجوديا يماثل حرب الثمانينيات مع العراق.
وهذا التحول يعكس إدراك طهران بأن الاعتماد على استراتيجيات دفاعية تقليدية لم يعد فعالا بعد أن فقدت البلاد عددا من أبرز قادتها وخبرائها في مواجهات حديثة. لذا، يمثل إنشاء هذا المجلس تحولا نوعيا نحو المركزية، بهدف توحيد جهودها العسكرية والاستخباراتية لمواجهة التحديات المستقبلية.