سياسة

بعد إنجاز دبلوماسي… ماذا بعد الأزمة بين برلمان الكويت وحكومتها؟


خلال نحو ثلاثة أشهر من تسلّمه الإمارة في دولة الكويت، حقق الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح إنجازاً دبلوماسياً لبلاده بنجاحها في جهود الوساطة، التي أدت إلى المصالحة الخليجية في قمة العلا في السعودية أول من أمس، لكنّه في المقابل يواجه أول أزمة سياسية داخلية في عهده؛ بين مجلس الأمة (البرلمان) الجديد والحكومة.

فقد تقدم أول من أمس ثلاثة نواب في البرلمان، الذي تم انتخابه في كانون الأول (ديسمبر) 2020، والذي غلب على تشكيله نواب معارضون، باستجواب لرئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، يتهمونه فيه بعدم التعاون مع مجلس الأمة.

وعادة ما يتسبب طلب استجواب رئيس الوزراء في نشوب أزمات سياسية حادة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت، كما يقول تقرير نشرته وكالة “رويترز” للأنباء.

وحظي الاستجواب الذي تقدم به النواب بدر الداهوم وثامر الظفيري وخالد العتيبي بدعم من نحو 33 من النواب الآخرين، الذين أعلنوا نيتهم تأييد الاستجواب، وهو ما يعني أنّ 36 نائباً، على الأقل، من أصل خمسين يؤيدون استجواب رئيس الحكومة. وحتى كتابة هذا التقرير فإنّ طلب الاستجواب يلقى تأييداً برلمانياً متصاعداً؛ إذ وصل عدد النواب المؤيدين له إلى 37 نائباً، بعد انضمام النائب علي القطان، إلى النواب الـ36، كما ذكرت صحيفة “الراي” الكويتية.

 

وأبلغت الحكومة رئيس البرلمان مرزوق الغانم عدم نيتها حضور جلسة مجلس الأمة التي كانت مقررة أمس؛ وهو ما تسبب في تعطيل انعقاد الجلسة.

انسداد الأفق

وأفادت صحيفة “القبس” الكويتية أنّ مصير الخيارات الدستورية للتعاطي مع انسداد أفق العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة الكويتية، انتهى لجهة استقالة حكومة الشيخ صباح الخالد، على أن يعاد تكليف الخالد رئيساً للوزراء. وكشفت مصادر وصفتها “القبس” بـ “الرفيعة” عن أنّ عملية التشكيل الحكومي المرتقب الإعلان عنه بعد إعادة تكليف الخالد، ستمتد بين 45 إلى 60 يوماً، مشددة على أنها فرصة لإزالة أجواء الاحتقان وإعادة ترتيب الأولويات للمرحلة المقبلة. 

وقالت “القبس”: “كانت مسيرة السلطتين التشريعية والتنفيذية قد تعثرت على جسر (هذا) الاستجواب الثلاثي (الذي) وجه إلى رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد” مدعوماً بتأييد أغلبية من النواب.
وتشترط اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي حضور الحكومة حتى تكون الجلسة البرلمانية صحيحة. وبعد قرار الحكومة بالغياب عن جلسة أمس تقدم خمسة نواب باقتراح بتعديل للائحة يسمح بعقد جلسات المجلس في حال غياب الحكومة متى اكتمل النصاب القانوني لها.

وبحسب “رويترز”، يدور الاستجواب حول ثلاثة محاور أو اتهامات لرئيس الحكومة:

الأول “مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة… باختياره لعناصر تأزيمية في مجلس الوزراء”، وعدم مراعاة اتجاهات المجلس الجديد؛ الذي يغلب عليه نواب من أصحاب التوجهات المعارضة.

مجلس الأمة الكويتي

ودار المحور الثاني حول “هيمنة السلطة التنفيذية” على البرلمان من خلال دعم الحكومة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليفوز بهذا المنصب من جديد، في حين صوّت 28 من النواب لمرشح آخر (بدر الحميدي)، بالإضافة إلى “التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس” من قبل الحكومة، وفقا لصحيفة الاستجواب.

أما المحور الثالث فيدور حول “مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي”، وهو ما اعتبره مقدمو الاستجواب “إخلالاً بالالتزام الدستوري” الذي يفرض عليها تقديم البرنامج فور تشكيلها.

وتلفت وكالة “رويترز” إلى أنه في سوابق تاريخية كثيرة، أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان؛ ما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد، كما أصاب الحياة السياسية بالجمود، بحسب الوكالة.

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزاً يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في آذار (مارس) 2021، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط؛ وفقاً لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان في آب (أغسطس) 2020.

وللتغلب على هذه المعضلة، تضيف “رويترز”، تسعى الحكومة الكويتية لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار كويتي (66 مليار دولار) على مدى 20 عاماً، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق.

ومن الناحية القانونية، من المفترض أن يدرج الاستجواب في الجلسة المقبلة للبرلمان التي ستعقد غالباً بعد نحو أسبوعين.

خيارات أمام الأمير

واستبعد المحلل السياسي محمد الدوسري مثول رئيس الوزراء صباح الخالد للاستجواب، متوقعاً أن تقدم الحكومة استقالتها قبل ذلك؛ لأن عدد المؤيدين للاستجواب كبير، وبالتالي عدم التعاون مع الحكومة “تجاوز العدد المطلوب”، وفقاً لـ”رويترز”.

وحول إمكانية حل البرلمان قال الدوسري إنّ “كل الخيارات متاحة (أمام الأمير).. وستستمر الأزمة بتشكيلة مجلس الأمة الحالية ورئاسته الحالية”.

وطبقاً للدستور الكويتي فإنه إذا رأى مجلس الأمة “عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر إلى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس الأمة. وفي حالة الحل، إذا قرر المجلس الجديد بذات الأغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلاً منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وتشكل وزارة جديدة”.

وكان أمير الكويت الشيخ نواف قال للنواب في افتتاح البرلمان الجديد في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2020 إنّ هناك حاجة لوضع برنامج إصلاحي شامل لمساعدة البلاد على الخروج من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، وإنه لا يوجد متسع من الوقت “لافتعال الأزمات”.

 

وقال في حينها أيضاً: “لم يعد هناك متسع لهدر المزيد من الجهد والوقت والإمكانات، في ترف الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات، والتي أصبحت محل استياء وإحباط المواطنين، وعقبة أمام أي إنجاز”.

يُذكر أنّ ثلثي أعضاء مجلس الأمة الكويتي خسروا مقاعدهم في الانتخابات التي جرت في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وحقق مرشحو المعارضة مكاسب في نتائجها؛ التي يقول محللون، بحسب “رويترز”، إنها قد تعرقل جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية مطلوبة.

حفريات

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى