سياسة

المعارضة السورية تقترب من حلب مع تصاعد المواجهات


وصلت مجموعات مناهضة للنظام السوري إلى مسافة كيلومتر واحد من أطراف الأحياء الخارجية لمركز مدينة حلب شمالي البلاد، فيما حذرت ايران من إعادة تفعيل الجماعات الإرهابية-التكفيرية في سوريا بعد مقتل مستشار إيراني بارز خلال الاشتباكات.

في المقابل أفادت مصاد أمني سوري وصول تعزيزات عسكرية إلى المنطقة مشيرا “لمعارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب” ومؤكدا أنها “لم تصل إلى حدود المدينة”.
وفجر الأربعاء، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السوري ومجموعات معارضة لها في الريف الغربي لمحافظة حلب حيث تمكنت قوات المعارضة خلال يومين من الاشتباكات المستمرة في محافظتي حلب وإدلب، من السيطرة على مساحة تبلغ 400 كيلومتر مربع بينما أدت تلك الهجمات لمقتل نحو 242 شخصا حسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
واقتربت المجموعات المسلحة من حي “حلب الجديدة” في أطراف المدينة، لتصبح على بعد كيلومتر واحد من الأحياء الخارجية للمحافظة. وبعد يومين من الاشتباكات، سيطرت الجماعات المناهضة للنظام على 56 منطقة سكنية في حلب وإدلب.
وكان مصدر عسكري قال قبل ذلك إن المسلحين تقدموا وأصبحوا على مسافة عشرة كيلومترات تقريبا من مشارف مدينة حلب وعلى بعد بضعة كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران. كما هاجموا مطار النيرب شرقي حلب حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وكشفت صحيفة “الوطن” السورية نقلا عن التلفزيون السوري عن مقتل 4 مدنيين جراء هجمات بالقذائف على المدينة الجامعية اليوم الجمعة.

ودعا الكرملين الجمعة السلطات السورية إلى “إعادة فرض النظام” بصورة “عاجلة” في محيط المدينة الاستراتيجية.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين “نطالب السلطات السورية بإعادة فرض النظام بصورة عاجلة في هذه المنطقة” معتبرا أن الهجوم المتواصل “اعتداء على سيادة سوريا”.

وقال نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، النقيب أوليغ إيغناسيوك، في مؤتمر صحفي، أن “مسلحين من جبهة النصرة هاجموا الأراضي التي تسيطر عليها السلطات السورية في محافظتي حلب وإدلب منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 400 مسلح”.

ويعتقد أن الهجوم المفاجئ استند على العديد من العوامل أولها انغماس روسيا في الحرب الأوكرانية وتراجع تواجد قوات حزب الله في الجبهة السورية على وقع الضربات القوية التي تلقاها في الحرب ضد اسرائيل حيث انتقلت العديد من عناصره الى لبنان للمشاركة في القتال ضد الجيش الاسرائيلي في الجنوب اللبناني.

لكن السبب الأبرز لشن الفصائل الموالية لتركيا للهجوم هو دفع أنقرة الرئيس السوري بشار الاسد لقبول جهود تطبيع العلاقات حيث لا ترغب الحكومة التركية في النهاية في تغيير المعادلة على الأرض وستبقي على الأرجح على التفاهمات مع روسيا.

وكان النظام السوري رفض التطبيع مع تركيا قبل انسحاب القوات التركية من شمال البلاد ووقف دعم الجماعات المسلحة التي تصفها بالتكفيرية.
وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي تعليقا على التطورات الميدانية من إعادة تفعيل الجماعات الإرهابية-التكفيرية في سوريا مطالبا باتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة لمنع انتشار بلاء الإرهاب في المنطقة.
وندد بقائي بشدة بجميع أشكال ومظاهر الإرهاب قائلا ان “تحركات الجماعات الإرهابية في سوريا خلال اليومين الماضيين جزء من المخطط الشيطاني للكيان الإرهابي الصهيوني وأميركا لزعزعة الأمن في منطقة غرب آسيا”.
وطالب “بضرورة يقظة وتنسيق دول المنطقة، خصوصا جيران سوريا، لاحباط هذه المؤامرة الخطيرة”.
وقدم “التعزية بعد مقتل المستشار العسكري الإيراني العميد كيومرث (هاشم) بورهاشمي، في المواجهة مع الجماعات المسلحة في ريف حلب”، مشددا على استمرار “دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للحكومة والشعب السوري في مواجهتهم الحاسمة للجماعات الإرهابية واستعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد”.
وتعتقد جهات مقربة من المحور الإيراني أن تقدم قوات المعارضة هو بهدف قطع الدعم عن حزب الله اللبناني عبر سوريا حيث خاض الحزب مواجهات مع الجيش الاسرائيلي قبل إقرار هدنة. وكان سلاح الجو الاسرائيلي قصف بشكل مكثف المعابر بين لبنان وسوريا.

وهددت الميليشيات العراقية الموالية لإيران بالعمل على التصدي لهجمات قوات المعارضة السورية.
ووجه فصيلا النجباء وكتائب سيد الشهداء العراقيان الجمعة إسرائيل بتحريك “الجماعات الإرهابية” في سوريا حيث توعدا بالعمل ضد هذه الجماعات.
وقال المعاون العسكري لحركة النجباء عبدالقادر الكربلائي، في حسابه على منصة “أكس”، إن “عودة التنظيمات الإرهابية الوهابية للعبث وتهديد الأبرياء والمقدسات في سوريا بإيعاز وأوامر صهيونية بعدما فشل مشروع النتنياهو في جبهة لبنان، يعني عودة المقاومة الإسلامية لسحق هذه الشراذم والميدان خير شاهد ودليل .. وان عادوا عدنا”.
من جانبه كتب الأمين العام لكتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي، على منصة “اكس”، إن “ما يحصل من تحريك للجماعات الارهابية في سوريا ومحاولات لإثارة الفتن في اليمن، يجري بأوامر وإشراف ودعم مباشر من الكيان الصهيوني البغيض، بقصد استنزاف بلدان محور المقاومة من الداخل، بعدما عجز هذا الكيان المتهالك عن الوقوف بوجه جبهات الإسناد فيها”.
وتابع “يجب توخي الحذر من محاولات مشابهة لتوسعة رقعة تلك الاحداث، والعمل بكل الوسائل لتجفيف منابع نشوئها”.
ولمواجهة هذا التقدم الميداني قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب البلاد قرب الحدود مع تركيا الخميس لصد الهجمات.

الطيران الروسي والسوري يحاولان صد الهجوم عبر شن غارات مكثفة
الطيران الروسي والسوري يحاولان صد الهجوم عبر شن غارات مكثفة

وفي أول بيان منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري “تصدت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمرا حتى الآن وكبدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح”.
وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و”قوات صديقة” لم يسمها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.
وقال مصدران من الجيش إن طائرات روسية قصفت مناطق تم الاستيلاء عليها حديثا وبلدات مأهولة بالسكان في آخر جيب تسيطر عليه المعارضة.
وقالت منظمة الدفاع المدني السورية التي تديرها المعارضة والمعروفة باسم الخوذ البيضاء إن 16 مدنيا على الأقل قتلوا في بلدة الأتارب التي تسيطر عليها المعارضة حين قصفت طائرة روسية منطقة سكنية.
وقال سكان وشهود إن الطريق السريع الرئيسي بين حلب ودمشق أغلق نتيجة الاشتباكات.
وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء ردا على تصعيد ضربات القوات الجوية الروسية والسورية في الأسابيع الماضية على المدنيين في مناطق جنوب إدلب، واستباقا لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.
وقالت مصادر أمنية تركية الخميس إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنت عملية محدودة في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسعت عمليتها بعد أن تخلت القوات الحكومية عن مواقعها.
وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019 بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.
وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.
ولطالما كانت هيئة تحرير الشام التي تصنفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفا للقوات الحكومية السورية والقوات الروسية.
وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا في شمال غرب سوريا.
وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصا، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.
وتقول دمشق إنها تشن حربا ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى