سياسة

القوة الصامتة روسيا تشعل سباق التسلح في أعماق البحار


القوة الصامتة التي تتحرك بعيدًا عن الأنظار، هكذا تراهن روسيا على غواصاتها الحديثة لتفرض حضورها في سباق التسلح العالمي تحت أعماق البحار.

ففي ظل الاهتمام العالمي المتزايد بمصير حاملة الطائرات الروسية “الأدميرال كوزنتسوف”، التي واجهت سلسلة من التعثرات، يبدو أن موسكو حسمت خيارها الاستراتيجي بتحويل ثقلها من السفن السطحية إلى أسطول الغواصات المتطور، ليصبح عنصر الردع الأول في ترسانتها البحرية.

ولـ40 عاما، ظلت “كوزنتسوف” التي يبلغ طولها 300 متر، ويبلغ مداها 9800 ميل، الحاملة الوحيدة لروسيا، لكن سيرتها الذاتية تحولت إلى كتالوج كوارث بدءا من إلغاء مهام قتالية، وتوقف متكرر، وفقدان طائرتين خلال مهمتها القتالية الوحيدة بسوريا في عام 2016، وفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية.

ولفتت المجلة إلى أنه رغم بدء تحديث الحاملة عام 2017، إلا أنها تعرضت لحوادث متتالية شملت غرق الحوض الجاف الذي كانت ترسو فيه، ثم اندلاع حريق مدمر أودى بحياة شخص وإصابة عشرة آخرين، أعقبه الكشف عن فساد واسع داخل أحواض الصيانة.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا وتوقف الإمدادات من قطع الغيار السوفياتية، تصاعدت الدعوات إلى إحالتها للتقاعد نهائيا.

رهان تحت الأمواج

في المقابل، برز رهان موسكو على ما يصفه قادة البحرية الروسية بـ”القوة الصامتة” أسطول الغواصات.

إذ يرى القائد السابق لأسطول المحيط الهادئ، سيرغي أفاكيانتس، أن زمن حاملات الطائرات بدأ يزول كأدوات عسكرية في ظل عصر الصواريخ فرط الصوتية والغواصات المتقدمة، واصفا هذه السفن الضخمة بأنها “رموز من عصر مضى يمكن تدميرها خلال دقائق”.

وتحوّلت أولويات روسيا البحرية بشكل حاسم نحو تعزيز أسطول غواصاتها الذي يُعد الركيزة الأكثر فاعلية في ترسانتها العسكرية.

فمنذ عام 2013، ضخّت روسيا استثمارات هائلة في أسطول المحيط الهادئ وحده، فأضافت 13 غواصة جديدة، بينها خمس غواصات استراتيجية نووية من طراز “بوري” القادرة على حمل صواريخ باليستية عابرة للقارات.

وفي يوليو/ تموز 2023، وصف الرئيس الروسي  فلاديمير بوتين هذا التوسع بأنه “حيوي” للأمن القومي، معلنا خططا لإضافة أربع غواصات أخرى من الطراز ذاته.

وعلى عكس الحاملة المتعثرة “الأدميرال كوزنتسوف”، تشير مجلة “فورين بوليسي” إلى نشاط للغواصات الروسية عبر البحار، من دوريات في القطب الشمالي والمحيط الأطلسي، إلى مناورات في البحر الأسود وبحر البلطيق، ما يعزز حضورها العملياتي ويجعلها عنصر ضغط استراتيجي على حلف الناتو.

تهديد؟

القادة العسكريون في الغرب لا يخفون قلقهم. فبحسب الكابتن جون إيتكن، القائد السابق في البحرية الملكية البريطانية، تشكل هذه الغواصات “تهديدا استراتيجيا معقدا”.

ورغم أن هذه الغواصات قد لا تستهدف الأراضي الأمريكية مباشرة، إلا أن قدراتها تتيح لها شل مجموعات القتال البحرية التابعة لواشنطن عبر التهديد الخفي المستمر.

كما تُشكل أداة ضغط بالغة الخطورة على دول أوروبا في أي صراع مستقبلي، خاصة مع قدرتها على اختراق دفاعات الحلف وإرباك أنظمته عبر الضربات المفاجئة، مستفيدة من تقنيات التخفي والمراوغة المتطورة. وفق “فورين بوليسي”.

سباق التسلح

ولا يقتصر سباق التسلح تحت الماء على روسيا، فبريطانيا تخطط لشراء ما يصل إلى 12 غواصة هجومية جديدة لتعزيز قدراتها.

وألمانيا كذلك، تعزز هي الأخرى تعاونها مع أوسلو لتطوير 6 غواصات متقدمة خُصصت 4 منها للبحرية النرويجية.

فيما أبرمت أستراليا صفقة مع الولايات المتحدة وبريطانيا للحصول على غواصات نووية.

تحركات تُظهر أن المعركة الخفية في الأعماق أصبحت ساحة التنافس المركزي بين القوى العسكرية العالمية. بحسب المجلة الأمريكية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى