العمليات الإرهابية في تونس ومحاولات مليشيات إخوانية للانقلاب على المسار الديمقراطي


ذكر خبراء بأن العمليات الإرهابية في الخميس الأسود بتونس تعتبر جزء من صناعة الخوف والتي تحركها بشكل خفي مليشيات إخوانية وذلك في محاولة للانقلاب على المسار الديمقراطي بالبلاد.

وقد قام الإرهاب بضرب تونس مجددا بعد فترة من الهدوء بتفجيرين، في وسط العاصمة، وإحباط عملية إرهابية ثالثة جنوبي البلاد.

وقد كان هذا الأمر متزامن مع شائعات حول وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ونفت سعيدة قراش، المتحدثة باسم الرئاسة، نفيا قاطعا حيث أكدت أنه يتلقى العلاج بالمستشفى العسكري بالعاصمة.

وبالرغم من إعلان تنظيم داعش تبنيه مسؤولية العمليات الإرهابية إلا أن خبراء تونسيين أكدوا أنه واجهة تحركها بشكل خفي أجنحة متطرفة بالأحزاب السياسية المعروفة بتقاطعاتها مع الإرهاب من أجل تأجيل الانتخابات أو إلغائها.

خلق فراغ أمني

ذكر عبد الجبار واردة، الخبير الأمني التونسي، بأن الملامح الأولية للعملية تنطلق جذورها من ليبيا وهي محاولة من المليشيات الإخوانية الواقعة تحت نفوذ حكومة فايز السراج من أجل توتير الأجواء التونسية وخلق فراغ أمني يساعدهم على مرونة التحرك بين تونس وليبيا.

وفي تصريحات للعين الإخبارية، تطرق واردة إلى ما تسعى إليه المليشيات بهدف ضرب العملية الديمقراطية في تونس وزعزعة استقرار الدولة، وذلك بمساعدة عناصر تونسية وأجنحة متطرفة في بعض الأحزاب السياسية.

بينما في الوقت الذي تفرض فيه الآجال الدستورية احترام موعد 6 أكتوبر، فإن قوى خفية داخل المنظومة الحزبية الحاكمة تدفع إلى ترويج فرضية تأجيل الانتخابات.

تأجيل الانتخابات

وذكر مراقبون في هذا الصدد بأن العمليات الإرهابية التي تأتي بغتة قد تجعل من تنظيم الانتخابات أمرا صعبا حسب نص الدستور الذي ينص على ضرورة تأجيل الانتخابات في حالة الخطر الداهم.

في حين يرى الناشط السياسي التونسي منذر سوايعية بأن هذا الخطر هو محاولة إخوانية من حركة النهضة للانقلاب على المسار الديمقراطي.

وفي حديث للعين الإخبارية، ذكر أنه لا يستبعد أن تكون بعض الأطراف الناشطة صلب الإخوان وراء العملية الإرهابية.

وأضاف أن وجود حركة النهضة في تونس قد ارتبط بالإرهاب منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأشار إلى عملية حرق مواطنين عزل في باب سويقة سنة 1991 وتفجير نزل سوسة والمنستير في ساحل البلاد سنة 1986.

الإخوان.. انهيار في الاستطلاعات

ذكر الباحث في العلوم الاجتماعية والمختص في جماعات الإسلام السياسي جهاد العيدودي بأن ما حدث في تونس يوم الخميس، هو نتيجة طبيعية لتغلغل الإخوان المتقاطع مع الإرهاب.

وفي تصريحات للعين الإخبارية، أشار العيدودي بأن العمليات الإرهابية في تونسترجع إلى التساهل والتواطؤ الإخواني مع التنظيمات الداعشية.

وذكر أيضا أن ملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر مثل سوريا والعراق قد مهّدت له حركة النهضة منذ حكومة حمادي الجبالي سنة 2012 .

وقال أيضا بأن المستفيد الوحيد من تأجيل الانتخابات هم الإخوان، رغم ما يتظاهرون به من حرص على إجرائها في موعدها.

وأضاف أيضا بأن التراجع الكبير في نسب الرضا الشعبي عن أحزاب الإسلام السياسي في استطلاعات الرأي الأخيرة وفشلها في الحكم طيلة ثماني سنوات يدفعان بها إلى توتير الأجواء العامة في تونس والعمل على تمزيق السلم الأهلي.

وفي نتائج شركتي سيغما كونساي وامرود كونسيلتينغ لاستطلاعات الرأي فقد تأخر الإخوان ورئيس الحكومة يوسف الشاهد لصالح صعود رجل الأعمال نبيل القروي ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى.

أما الداعون بشكل غير مباشر لتأجيل الانتخابات فيرون أن الوضع السياسي في البلاد، إضافة إلى حالة الصراع والانشقاق التي تعيشها القوى السياسية بما فيها حركة النهضة الإخوانية يجعل منها غير مستعدة الآن للمجازفة والمقامرة بخوض اختبار الفوز بالسلطة لما بعد 2019.

صناعة الخوف من أجل التمكن

أما رفقي زيدان، الباحث في الإسلامولوجيا بالجامعة التونسية، فقد ذكر بأن عقيدة جماعات الإسلام السياسي هي صناعة الخوف بغية التمكن من الدولة.

وفي حديث للعين الإخبارية،  وصف زيدان بأن العمليات التي ضربت تونس يومالخميس بالنوعية التي تهدف إلى قلب الطاولة سياسيا على الانتقال الديمقراطي.

كما أكد أن المجتمع التونسي بإرثه الحداثي الذي أسسه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة (1903- 2000) سينتصر على الإرهاب عاجلا أم آجلا.

ويعتبر زيدان صاحب دراسة معمقة بعنوان الإسلام السياسي وجذوره السوسيولوجية، وقد صدرت سنة 2017، حيث يؤكد أن الإرهاب الذي ضرب تونس طيلة سنوات الثماني لا ينفصل عن الإرهاب الإخواني غرب ليبيا والمليشيات المسلحة هناك.

كما توقع بأن تراجع هذه الجماعات يرتبط بشكل أساسي باليقظة الأمنية اللازمة وبضرورة تكاتف الأحزاب ذات التوجه الحداثي بدل الانشقاق الذي تعيشه.

كما ذكر بأن حزب نداء تونس أضاع على تونس فرصة الخروج من الخطر الإخوانيلحظة تحالفه مع حركة النهضة سنة 2014، وبأن أي تحالف مع الإخوان هو ضرر للدولة وللفكر المستنير.

هتافات ضد الإخوان

عرف مكان واقعة التفجير الانتحاري بشارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة التونسية، هتافات تندد بحركة النهضة الإخوانية وتحمل زعيمها راشد الغنوشي مسؤولية العمليات الإرهابية.

كما ردد الموجودون بالمنطقة التي وقع بها التفجير قرب السفارة الفرنسية هتافات منددة بالحركة ودورها المشبوه والمساند للإرهاب.

ومن بين الشعارات التي تم ترديدها يا غنوشي يا سفاح يا قتّال الأرواح، وتونس تونس حرة حرة والإرهاب على برّه. كما تشهد الساحة التونسية تحركات رسمية وشعبية مكثفة تهدف إلى تضييق الخناق على حركة النهضة الإخوانية التونسية من أجل التصدي لإرهابها الذي ينكشف يوما بعد يوم.

وقد هتفوا أيضا لا لتأجيل الانتخابات، وذلك في إشارة إلى تورط حركة النهضة في مثل هذه الممارسات الإرهابية لاستثمارها في تأجيل الانتخابات، حسب قانون الطوارئ، بعد انحدار شعبيتها إلى أدنى المستويات.

في حين تتلقى الحركة اتهامات بتورطها في اغتيال القياديين بالجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بالإضافة إلى اغتيال 15 من الجنود التونسيين في جبل الشعانبي (وسط) يوم 28 يوليو واغتيال 9 من الجنود في 11 أغسطس 2014، إلى جانب دعمها الخلايا الإرهابية الناشطة بين تونس وليبيا.

Exit mobile version