سياسة

العلاقة القطرية الإخوانية.. الدوحة تسلم الإخوان ملف الدعاية الإعلامية لسياستها


“لسنا في حاجة إلى طيران وعسكر، نحن نؤسس لقناة ستكون هي القوات المسلحة القطرية”، ورد هذا التصريح في مقابلة مع وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم أجراها معه مراسل قناة (mbc) سعد السيلاوي العام 1992.
هذه القناة لم تكن سوى “الجزيرة الفضائية”؛ التي تأسست على أنقاض قناة “بي بي سي” العربية التي أغلقت مكاتبها العام 1996، بعد انقلاب وصف بـ”الأبيض” في 27 حزيران (يونيو) من العام الذي سبقه؛ استولى فيه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على مقاليد حكم قطر من أبيه، وما لبث الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، وكيل وزارة الإعلام القطرية آنذاك، أن ترأّس مجلس إدارة القناة مستعيناً بالخبرة البريطانية.

ويشير الباحث الفلسطيني في جامعة بير زيت محمد أبو الرب في كتابه “الجزيرة وقطر”، الصادر العام 2013، إلى إلغاء دائرة المطبوعات والنشر القطرية، وكذلك وزارة الإعلام، آنذاك، مقابل تشكيل هيئة للإذاعة والتلفزيون لتحتضن الجزيرة.
من ناحيته، يفسّر الكاتب محمد الزياني في كتابه “ظاهرة الجزيرة” (Aljazeera phenomenon )، الذي يحوي مقالات جمعها لعدة كتّاب، ونشر بالإنجليزية العام 2005، هذا الإلغاء بتصريح الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني الذي قال في ذلك الحين: “مسار قناة الجزيرة هو ذات مسار الدولة القطرية في تطورها، ومن الطبيعي أن تتّجه الجزيرة إلى اختيار المراسلين الذين يأخذون بإستراتيجية قطر في هذه المرحلة”.
وكان من أوائل أولئك المراسلين، المهندس الإخواني الأردني ذو الأصول الفلسطينية، والقيادي السابق في مكتب الشباب الإسلامي في السودان وضاح خنفر؛ الذي عمل في الجزيرة منذ العام 1997 مراسلاً في جنوب إفريقيا، ليظهر بعد ذلك في أفغانستان لتغطية الحرب التي شنتها الولايات المتحدة العام 2001 إثر أحداث سبتمبر، ثم انتقل إلى تغطية حرب العراق العام 2003، ودارت حوله الشبهات بسبب قصف الجيش الأميركي لعدة مواقع في أفغانستان والعراق صدف أن قام خنفر بتغطية الحالة العسكرية فيها.

وبعد تسلّمه إدارة قناة الجزيرة العام 2003، ثمّ تعيينه مديراً عامّاً لشبكة الجزيرة العام 2006، وتسرّبت في العام 2011 وثيقة من وثائق “ويكيليكس” تحمل الرقم  (05DOHA1765)، تشير إلى اتهامه بتحسين صورة الجيش الأمريكي أثناء حربه في العراق، كما اتّهم خنفر بدعمه للإخوان من خلال إبرازه لقياداتهم في برامج القناة بدعم من إدارتها، من خلال الأسلوب التحريري للبرامج الوثائقية فيها؛ بحيث تثير التعاطف مع قيادات تنظيمات كالقاعدة، و تقدم البرامج المشجعة على التطرف والطائفية، كبرنامجي؛ “الشريعة والحياة” و”الاتجاه المعاكس”.

وفي بحثه الصادر عن جامعة جورج تاون الأمريكية العام 2009، يتحدث الكاتب توفيق بن عمار تحت عنوان: “الجزيرة، وتصوير حوار الإرهاب” أنّ القناة كانت أول من صور مفهوم الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمر 2001، وانفردت بنقل صورة “العربي الإرهابي” للغرب، كما انفردت بعرض شرائط تسجيلية لتنظيم القاعدة وزعيمها بن لادن في العالم العربي والغربي، وسط شبهات حول علاقتها بهذه التنظيمات ووجودها بشكل دائم قبل وقوع الحدث في أفغانستان والعراق”.

وقام بن عمار بتحليل مجموعة برامج أساسية وأخرى وثائقية قدمتها الجزيرة، من أبرزها “الشريعة والحياة” الذي يقدمه يوسف القرضاوي؛ إذ أجاب القرضاوي في الحلقة التي بثت بتاريخ 27 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2002، حول شرعية التنظيمات المتطرفة والفرق بين الإرهاب والمقاومة، بطريقة مؤججة للعنف “إن الإسلام في معركة شاملة: عسكرية سياسية، اقتصادية، ثقافية، دينية، وأخرى إعلامية، وهذه الأخيرة لها أسلحة نفاذة”.
وبالرغم من أنّ شبكة الجزيرة، تفرعت فيما بعد لتضم مجموعة قنوات هي: الوثائقية والإخبارية والرياضية والجزيرة مباشر، إضافة إلى الجزيرة الدولية الناطقة بالإنجليزية؛ التي تقدم خطاباً مغايراً “معتدلاً نسبيا” قياساً للناطقة بالعربية، إلا أنّ المحطة ارتكزت  على إظهار وجوه جماعة الإخوان المسلمين في شتى برامجها، لتوظيفها ضمن سياسة ممنهجة في التحريض ضد جهات ودول عربية عبر طرح قضايا تتعمد الانتقائية الواضحة.

وفي هذا السياق؛ يرى الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان أنّ “قطر- كدولة صغيرة- لم تكن تؤهلها قوتها وقدراتها لمنافسة المملكة العربية السعودية في قوتها وتأثيرها في المنطقة”.
ويضيف بان في تصريح لـ”حفريات”: “حاولت قطر تسويق جماعة الإخوان التي دخلت في شراكة أدوار معها منذ العام 1995، وهو ما تجلّى في تدشين الجزيرة لتكون الذراع الإعلامية الأبرز لمشروع الجماعة، لتظهر قطر باعتبارها راعية تطلعات الشعوب، دون أن تضم إلى هذه الشعوب الشعب القطري بالطبع”.
كذلك اعتبر بان أنّ “حلّ التنظيم الإخواني في قطر العام 1999 جاء رسالةً بأنّها لم تعد على أجندة التنظيم، بينما الحقيقة أنّها تبنّت المشروع الإخواني في الخارج بالكامل، وهو ما ظهر في احتضان الحكم الإخواني في مصر، ثم احتضان المعارضة الهاربة والملاحقة قضائيا فيما بعد، ويمكن القول في النهاية: إن الإخوان تعودوا على لعبة التوظيف المتبادل فى علاقتهم بالإنجليز ثم الأمريكيين والقطريين حاليا لتوظّفهم بفاعلية في المنطقة في بداية “الربيع العربي”.

نقلا عن حفريات

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى