الرئيس التونسي يحذر من تدفق أموال مشبوهة بعيدا عن رقابة الدولة
يشير لقاء الرئيس التونسي قيس سعيد بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي في قصر قرطاج الأربعاء الى جهود تبذل لوقف تدفق الأموال المشبوهة من الخارج وحديث مستمر عن تجاوزات في العشرية الماضية.
شملت حصول أحزاب وجمعيات على أموال من جهات خارجية بعيدا عن رقابة البنك المركزي والهيئات الرقابية المعنية وهو ما يمنعه القانون ويعمل القضاء حاليا على النظر فيه.
وأكدت رئاسة الجمهورية التونسية في بيانها ان مروان العباسي قدّم لرئيس الدولة القوائم المالية لسنة 2022 للبنك وتقرير مراقبي الحسابات.
وتناول اللقاء خاصة “الدور بالغ الأهمية للجنة التحاليل المالية لتحديد مصادر التمويلات المشبوهة التي انتفعت ولازالت تنتفع بها جهات بدورها مشبوهة حيث لم يعد يخفى على أحد أن الأموال تتدفق بصفة غير شرعية ولا مجال لهؤلاء الذين يستفيدون منها أن يبقوا دون محاسبة أو جزاء وفق ما يقتضيه القانون”.
ومثل التمويل الاجنبي لعدد من الاحزاب في العشرية الماضية احدى الملفات التي فتحتها السلطات التونسية أو تستعد لفتحها بعد الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي وعزل بموجبها منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الاسلامية، بينما يعطي رفع الغطاء السياسي عن تلك المنظومة التي يتهمها الرئيس التونسي بالفساد المالي ونهب المال العام، دفعة لجهود تطويق تدفق الأموال المشبوهة خارج القنوات الرسمية.
وكان محافظ البنك المركزي السابق الشاذلي العياري حذر في تصريحات خطيرة قبل مغادرته للبنك وإنهاء مهامه في 2018 من وجود تدفقات مالية غير مراقبة وعبر قنوات غير رسمية لكن القضاء الذي كان خاضعا في جزء منه لسلطة حركة النهضة، لم يبت في تلك الملفات وكثير منها ظل حبيس الرفوف.
ووجه الوزير السابق محمد عبو اتهامات صريحة كذلك لحركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي عقب سقوط حكومة الياس الفخفاخ من تورطهما في تبييض الأموال من خلال بعض القنوات التابعة للحركة في إشارة الى قناة الزيتونة لكن الحركة الإسلامية نفت ذلك.
وتسعى السلطات كذلك للتحقيق في تمويل بعض الجمعيات بطريقة مشبوهة خاصة منها الجمعيات القريبة من الأحزاب السياسية وعملت خلال فترة الحملات الانتخابية على دعم مرشحين سواء في الانتخابات البلدية او البرلمانية او حتى الرئاسية وحث الناس على التصويت مقابل تقديم دعم ومساعدات مالية او عينية.
ورغم ان الحكومات قبل اتخاذ الإجراءات الاستثنائية تعهدت بالتدقيق في الاموال التي تتدفق على الجمعيات التي عملت تحت شعار العمل الخيري لكن الجهود كانت بطيئة وتواجه الكثير من العراقيل بسبب عدم رغبة السلطة السياسية في تلك المراحل على كشف الحقيقة وعرقلة ذلك.
وعملت حكومة نجلاء بودن في 2022 على إصدار تعديل على قانون الجمعيات الذي صدر في 2011 بعد الثورة خاصة فيما يتعلق بنقطة التمويلات.
وجاء في التعديل “يحجر المرسوم الجديد على الجمعيات قبول مساعدات أو تبرعات أو هبات صادرة عن دول لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية أو منظمات تدافع عن مصالح وسياسات تلك الدول، وقبول مساعدات أو تبرعات أو هبات أجنبية غير مرخص فيها من اللجنة التونسية للتحاليل المالية”.
ومثل المال السياسي الفاسد والتمويلات الأجنبية اكبر عقبة أمام الديمقراطية التونسية حيث تسببت في استهداف نزاهة الكثير من الاستحقاقات الانتخابية.