الرئيس التونسي والأسد يستكشفان تعاونا أوسع في أوّل لقاء بجدة
التقى الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الجمعة بنظيره السوري بشّار الأسد في مقر إقامته بجدّة، مرحّبا بعودة سوريا إلى الجامعة العربية.
فيما يأتي هذا اللقاء قبل ساعات من انطلاق القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين، وسط تطلعات بأن تفضي إلى حسم عدد من الملفات الشائكة وعلى رأسها طيّ صفحة الأزمة السورية.
ونشرت صفحة رئاسة الجمهورية التونسية فيديو يصوّر لقاء سعيد والأسد، مشيرة إلى أن الرئيس التونسي “أعرب عن بالغ سعادته بعقد هذا اللقاء التاريخي”. واصفا إياه بأنه “يعكس علاقات الأخوة بين تونس وسوريا بعكس ما ادعاه البعض في وقت من لأوقات بأنهم أصدقاء سوريا في حين أنهم ساهموا في معاناة الشعب السوري لسنوات طويلة”.
ورحّب سعيد بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، معربا عن أمله في أن يستعيد هذا البلد عافيته ويحافظ على وحدته واستقراره ويحسم الشعب السوري أمره بنفسه بعيدا عن كل التدخلات الخارجية حتى تعود سوريا منارة للعلم والثقافة وتضطلع بدورها الطبيعي إقليميا ودوليا، وفق الرئاسة.
وأشار البيان إلى أن “اللقاء تطرق أيضا إلى العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين”، بينما أكد الرئيسان “على ضرورة توسيعها لتشمل مجالات. واعدة وفق فكر مستقل جديد وتصورات غير تقليدية”، كما اتفقا على تكثيف آليات وفرص الاتصال والتشاور والتنسيق بين البلدين على مختلف المستويات.
ولفتت الرئاسة إلى أن سعيد والأسد “تبادلا جهات النظر بخصوص بعض الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والتطرق إلى المسائل المطروحة على جدول أعمال القمة العربية”.
وأعلن الرئيس التونسي الشهر الماضي عن قراره بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا. منهيا بذلك قطيعة امتدت لأكثر من عشر سنوات، في خطوة وصفت بـ”الهامة” خاصة وأنها تزامنت مع الجهود العربية لفك عزلة دمشق.
وأرسلت تونس فرق مختصة من أفراد النجدة والإنقاذ وطواقم حماية مدنية وطواقم طبية وعشرات الأطنان إلى سوريا بعد زلزال فبراير الماضي، ضمن مساعيها التضامنية للتخفيف من آثار الكارثة، في بادرة قوبلت بالثناء من الجانب السوري.
وأنهت تونس الشغور الدبلوماسي في سوريا الشهر الماضي بتعيين محمد المهذبي سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية التونسية بدمشق بصلاحيات واسعة تتيح له إبرام العقود والاتفاقيات في مختلف المجالات.
وأكد سعيد في تصريح حينها أن”قضية النظام السوري هي شأن داخلي يخص السوريين بمفردهم”، مشددا على أن “السفير يعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام”.
بدورها أعلنت السلطات السورية عن اعتزامها تعيين سفير لها بتونس وإعادة فتح سفارتها، تناغما مع قرار الرئيس التونسي، ليدشن البلدان مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون الثنائي. وأثنى جانب هام من التونسيين بهذه الخطوة خاصة وأن الجالية التونسية في سوريا تعدّ أكثر من 6 آلاف تونسي.
ورحّب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد خلال لقائه سعيد أثناء الزيارة التي أداها إلى تونس الشهر الماضي بقرار عودة العلاقات بين تونس ودمشق قائلا إن “القرارات الجريئة والشجاعة التي اتخذها الرئيس سعيد لا تعبر فقط عن إصرار وعزيمة من أجل توحيد جهود الأمة العربية لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الجميع لكنها تعبر بشكل دقيق عن الإيمان بالحاضر والمستقبل”.
ويعود القرار التونسي بقطع العلاقات مع سوريا إلى العام 2011 خلال عهد الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي في خطوة أثارت انتقادات شديدة في صفوف المعارضة التونسية، قبل أن تبادر تونس في العام 2015 بأول خطوة دبلوماسية تجاه سوريا بتعيين ممثل قنصلي لها في دمشق.
وينتظر أن يساهم التعاون بين تونس وسوريا في حسم عدد من الملفات من بينها ملف تسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في السنوات الأولى من اندلاع النزاع السوري بما بين 5 إلى 6 آلاف جهادي.
ومن شأن عودة العلاقات بين البلدين أن تفيد التحقيقات التي يجريها القطب القضائي لمكافحة الإرهاب مع قيادات في حركة النهضة بشبهة التورط في ملف التسفير ومن بينهم نائب رئيس الحركة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض.
وسبق أن كشف عدد من المعتقلين التونسيين في شهاداتهم عن بعض التفاصيل من بينها أنه جرى تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى إسطنبول حتى دخول الأراضي السورية دون أي عراقيل.
واتهمت قيادات سياسية من المعارضة التونسية النهضة بتسهيل تسفير جهاديين، وهو ما نفته الحركة بشدّة. بينما أعيد فتح الملف الشائك الذي ظلّ طيّ الكتمان عندما كان القيادي في الحركة نورالدين البحيري وزيرا للعدل.
واعتقل البحيري وخضع للتحقيق قبل أن يمنح سراحا شرطيا مع منعه من السفر، فيما تتواصل التحقيقات في القضية المتعلقة بافتعال وثائق جنسية وجوزات سفر تونسية.