سياسة

الجزائر… قانون جديد يمنع العسكريين من ممارسة السياسة لمدة 5 أعوام بعد التقاعد


نواب البرلمان الجزائري في استعداد من أجل مناقشة قانون جديد في الأيام القليلة المقبلة يمنع العسكريين من ممارسة السياسة لمدة 5 أعوام كاملة بعد تقاعدهم.

وقد أحالت الحكومة مشروع القانون الجديد للجنة القانونية بالبرلمان وذلك تحت مسمى القانون الأساسي للمستخدمين العسكريين، حيث صادق عليه الأسبوع الماضي مجلس الوزراء الجزائري، ويتضمن ضوابط للعسكريين المتقاعدين بمختلف رتبهم ومسؤولياتهم السابقة.

ويلزمهم بواجب التحفظ المهني فترة التقاعد مع منعهم من ممارسة أي نشاط سياسي، سواء تعلق الأمر بالانتماء إلى أي حزب سياسي أو الترشح لأية وظيفة سياسية أو انتخابات لخمسة أعوام كاملة.

ويوضح أيضا مشروع القانون المقصود من ممارسة وظيفة سياسية وحزبية، إذ ذكرت المادة 30 المعدلة أنها تتضمن تصريحات ونقاشات حرة قد تؤدي إلى خرق واجب الالتزام والتحفظ.

وقد نصت المادة نفسها على أن العسكري مهما كانت وضعيته القانونية الأساسية لا يمكنه الترشح لأي وظيفة عمومية انتخابية، مع توسيع مجال المنع إلى عسكريي الجيش الوطني الشعبي المقبولين للتوقف نهائياً عن نشاطاتهم والمحالين إلى الاحتياط.

كما تضمنت المادة أيضا التأكيد على منع العسكري من ممارسة السياسة بعد إحالته إلى الحالة المدنية، وذكرت بأن فترة المنع تمدد 5 سنوات ابتداء من تاريخ التوقف النهائي للنشاط، وليس للعسكري الحق في ممارسة نشاط سياسي حزبي أو الترشح لأية وظيفة سياسية انتخابية أخرى.

في حين قد أبقى القانون على الشروط الواجب اتباعها على العسكري الاحتياطي في القانون الخاص بهم والصادر عام 1976، والتي تصل إلى المتابعة القضائية في حال عدم الالتزام بها.

وقد ذكرت المادة 15 مكرر منه بأنه على العسكري العامل المقبول للتوقف نهائياً عن الخدمة في صفوف الجيش والمحال على الاحتياط، يمارس بكل حرية الحقوق والحريات التي تكفلها له قوانين الجمهورية، مع إلزامه بواجب الاحترام والتحفظ وأي إخلال بهذا الواجب من شأنه المساس بشرف واحترام مؤسسات الدولة, يمكن أن يكون محل تدابير مختلفة تصل إلى المتابعة القضائية.

وقد ذكّر أيضا مشروع القانون الجديد بحالة العسكريين المتقاعدين، على أنهم محالون أيضا إلى الاحتياط، إذ يمكن للجيش استدعائهم للخدمة مرة أخرى في الظروف الاستثنائية. في حين أن المادتان 24 و45 من القانون ذاته، قد أوضحت الأسباب التي يمنع بموجبها القانون على العسكري المتقاعد ممارسة السياسة لخمس سنوات.

أما المادة 24 من القانون فقد ذكرت بأنه يلزم العسكري بواجب التحفظ في كل مكان وفي كل الظروف، وتمنعه من أي نشاط أو كل تصرف من شأنه المساس بشرف وكرامة صفته أو أن يخل بالسلطة وبالسمعة المميزة للمؤسسة العسكرية.

في حين، نصت المادة 45 من القانون ذاته، على أن العسكري ملزم حتى بعد إعادته إلى الحياة المدنية بالسر المهني، وهو ملزم بحماية وعدم إفشائه، ما عدا الحالات المنصوص عليها في القانون، وهي الأسرار التي يطلع عليها أو يكون قد اطلع عليها في إطار أو بمناسبة ممارسة نشاطاته.

ضمان انتخابي

 

وقد اعتبر مراقبون بأن مشروع القانون يعتبر ضماناً جديداً من المؤسسة العسكرية والسلطات الجزائرية لشفافية الانتخابات الرئاسة القادمة. وقد ربطوا بين التصريحات المتتابعة لقائد أركان الجيش الجزائري منذ بدء الأزمة السياسية والتي شدد فيها على عدم وجود أية طموحات سياسية لقيادة الجيش، إلى جانب حديثه للمرة الأولى عن انتهاء عهد صناعة الرؤساء.

في حين قد أرجع متابعون خلفيات القانون إلى قطع الطريق على العسكريين الموالين والمقربين من رئيس جهاز المخابرات الأسبق محمد مدين، ويعتبرونهم أعمدة الدولة العميقة الذين يريدون العودة إلى المشهد من بوابة السياسة.

وقد جاء هذا القرار، بعد ترشح الجنرال المتقاعد علي غديري مع ضباط متقاعدين آخرين في انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 18 أبريل الماضي، لاسيما وأن غديري قد قرر الدخول إلى عالم السياسة بعد 3 أعوام فقط من إحالته إلى التقاعد.

وقد أحدث ترشح غديري جدلاً كبيراً في الجزائر، خصوصا بعد تصريحاته التي تحدى فيها المؤسسة العسكرية بطوفان شعبي يوصله إلى قصر المرادية (مقر الرئاسة، وقد رفعه سقف انتقاد قادة الجيش الجزائري بالقول أنا أو أنتم.

وقد رأى المراقبون بأن مواقف الجنرال المتقاعد حينها على أنها مؤشر على وجود صراع داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، قبل أن تكشف وزارة الدفاع الجزائرية أوائل أبريل الماضي عن وجود مخطط للانقلاب على قيادة الجيش من قبل مسؤولين عسكريين وسياسيين من جناحي الدولة العميقة.

آخر مرحلة في مسار الاحترافية

 

ومن جهته، فقد قدم العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري عبد اللطيف العربي شريف قراءة عن توقيت القانون الجديد وأهدافه. وذلك في تصريح للعين الإخبارية.

وقد ذكر بأن القانون الجديد يؤرخ لمرحلة جديدة في تاريخ المؤسسة العسكرية الجزائرية، والمشروع هو بداية لتطبيق المرحلة الختامية من مسار ومشوار الاحترافية الذي بدأته قيادة الجيش منذ 2003.

وأوضح أيضا بأن مشروع القانون يساعد في بناء جيش احترافي مختلف عما كان عليه، والنأى بالمؤسسة العسكرية عن كل المهاترات والتدخل في السياسة. كما أضاف بأن مسار الاحترافية وابتعاد الجيش الجزائري عن التدخل في السياسة جعله يرتقي إلى المرتبة 19 عالمياً بعد أن كان خارج كل التصنيفات، والفضل في ذلك يعود إلى الاستراتيجية المختلفة تماماً لقيادات الجيش الحالية عما كان سائداً منذ استقلال الجزائر.

كريس للدولة المدنية

 

بينما النقطة الثانية التي حملها مشروع القانون الجديد حسب ما ذكره الضابط السابق في القوات البرية الجزائرية، فقد ربطها بتصريحات قيادة الجيش التي نفى من خلالها تزكيته لأي مرشح في انتخابات الرئاسة، ونهاية عهد صناعة الرؤساء.

وشدد أيضا عبد اللطيف العربي في حديثه على أن إخراج القانون في هذا الوقت بالذات جاء لضرب عصفورين بحجر واحد، حيث أكد القانون على أنه لا يجب اختصار أهمية ودور الجيش في حزب أو موقف سياسي من خلال ذلك العسكري، والزج بالجيش في السياسة هو تقزيم لدوره في الدفاع عن الوطن.

وأضاف بأن القانون قد جاء ليؤكد مرة أخرى على أن العسكري الجزائري ملك للوطن وليس له أطماع في السياسة أو أية مكاسب ضيقة، ويبقى الشرف العسكري مصان للمتقاعد من الجيش.

وأوضح أيضا بما أن ما تضمنه مشروع القانون الجديد هو تكريس للدولة المدنية في الجزائر وإنهاء أية علاقة أو دور للجيش في السياسة، وأَضاف بأن السياسة غالباً ما تكون في مستوى أدنى، لكن نبل مهمة العسكري في التضحية من أجل الوطن وليس من أجل أخذ مكاسب الوطن.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى