سياسة

الجثث المجهولة.. غطاء حوثي للتستر على جرائم قتل غير مشروعة


في شمال اليمن، تتزايد حالات الدفن الجماعي لـ “جثث مجهولة الهوية” في مناطق سيطرة الحوثيين، وسط غموض حول هوية الضحايا وأسباب الوفاة، هذه الممارسات تثير القلق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم القتل خارج إطار القانون، مع تزايد عدد الجثث المدفونة دون تحديد لهويتها، يُتهم الحوثيون بمحاولة التستر على جرائم القتل والتعذيب التي تمارسها الميليشيات ضد المعتقلين في سجونهم.

تقارير حقوقية

في الأسابيع الأخيرة، تزايدت تقارير حقوقية تشير إلى أن جماعة الحوثي المسلحة في شمال اليمن تقوم بدفن مئات الجثث دون تحديد لهويتها أو إعلان سبب الوفاة.

 وفقًا لإحصائيات، فإن الميليشيات دفنت في أول أيام شهر أكتوبر الجاري وحده 126 جثة مجهولة الهوية في محافظتي الحديدة وصعدة، وهو ما يثير الشكوك حول وجود جرائم تعذيب وقتل ممنهج تتم خلف الأبواب المغلقة في السجون الحوثية.

تمويه على القتل

خلال السنوات القليلة الماضية، دفنت جماعة الحوثي أكثر من 848 جثة مجهولة منذ عام 2020 حتى بداية أكتوبر 2023، دون أي توضيح من الجماعة حول أسباب الوفاة أو أي معلومات عن هوية الضحايا.

هذه الممارسات تؤكد، بحسب حقوقيين، محاولات الميليشيات التغطية على جرائم التعذيب والقتل خارج نطاق القانون بحق المختطفين والمختفين قسريًا.

تأتي عمليات الدفن الجماعي هذه بالتزامن مع زيادة حملات الاعتقال والاختطاف التي تنفذها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، وتحديدًا مع اقتراب الاحتفالات الوطنية بالذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر، مما يثير التساؤلات حول العلاقة بين هذه الحملات والدفن الجماعي للجثث.


جريمة إنسانية

يرى خبراء حقوق الإنسان، أن دفن “الجثث المجهولة” يأتي في إطار سياسة منظمة لتغطية الإنتهاكات الواسعة التي ترتكبها جماعة الحوثي.

حيث يُعتقد أن هذه الجثث تعود إلى معتقلين تم تصفيتهم أثناء تعذيبهم داخل السجون الحوثية.

 ويوضح الحقوقيون، أن هذه الجرائم تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، حيث أن دفن الجثث دون الإفصاح عن هوية الضحايا أو إشعار أسرهم يعد جريمة إنسانية خطيرة تتطلب تحقيقات مستقلة.

حجم الجرائم

وفقًا لتقارير حقوقية حديثة، هناك أدلة دامغة على أن الجماعة تستخدم “الجثث المجهولة” كغطاء للتستر على عمليات التعذيب والقتل الممنهج.

 وأكدت التقارير، أن الحوثيين يستغلون غياب الرقابة الدولية على المناطق الخاضعة لسيطرتهم لتنفيذ هذه الجرائم دون محاسبة.

ووفقًا لخبراء، فإن معظم هذه الجثث قد تعود لأشخاص اختفوا قسرًا أو تم احتجازهم بشكل غير قانوني، وتمت تصفيتهم دون محاكمة أو تحقيق.

وطالب حقوقيون المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل وفتح تحقيقات شفافة ومستقلة للكشف عن ملابسات هذه الجرائم، وضمان محاسبة المتورطين.

كما أشاروا إلى أهمية تقديم المساعدة لعائلات الضحايا، سواء بتحديد هوية الجثث أو عبر توفير الدعم النفسي والقانوني لهم.

إحصائيات مقلقة

منذ بداية العام الجاري، دفنت جماعة الحوثي أكثر من 150 جثة مجهولة في عدة محافظات، من بينها صنعاء، الحديدة، وصعدة.

وتكشف الأرقام أن محافظة الحديدة تصدرت قائمة المناطق الأكثر تضررًا، حيث دفنت فيها 132 جثة بشكل جماعي خلال يناير وأكتوبر 2023. كما أن محافظة صعدة شهدت دفن 62 جثة في ديسمبر من العام الماضي.

وفي العامين الماضيين، بلغ عدد الجثث المجهولة التي تم دفنها نحو 446 جثة في مناطق سيطرة الحوثيين، مما يشير إلى استمرارية هذا النهج المتبع من قبل الجماعة في التعامل مع ضحاياها.

يأتي هذا التصعيد في عمليات الدفن الجماعي بالتزامن مع الحملات العسكرية التي تشنها جماعة الحوثي في شمال اليمن، حيث تواصل الميليشيات انتهاكاتها ضد المدنيين واعتقال العشرات دون توجيه تهم واضحة. وتشير التقارير إلى أن العديد من هؤلاء المعتقلين يُنقلون إلى مراكز احتجاز سرية، حيث يُتعرضون لأبشع أنواع التعذيب، مما يؤدي في كثير من الحالات إلى وفاتهم.

كما أن تزامن هذه الأحداث مع الأعياد الوطنية يشير إلى محاولة الحوثيين كتم أي أصوات معارضة أو محاولات لإحياء الروح الوطنية التي تتعارض مع أيديولوجية الجماعة. عمليات الاختطاف والتعذيب أصبحت جزءًا من استراتيجية قمعية تعتمدها الميليشيات لإرهاب السكان المحليين وضمان ولائهم المطلق.

دعوات للتحقيق والمحاسبة

في ظل تصاعد هذه الانتهاكات، تتزايد الدعوات الدولية والمحلية لإجراء تحقيقات مستقلة للكشف عن الجرائم التي ترتكبها جماعة الحوثي. وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسؤوليته في حماية المدنيين في اليمن، وضمان تحقيق العدالة للضحايا.

يتعين على الجهات المعنية تكثيف جهودها لكشف الحقيقة وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة.

 كما يجب تعزيز الضغوط على جماعة الحوثي للسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى المناطق المتضررة والتحقيق في أوضاع المعتقلين والمختفين قسريًا.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى