سياسة

الاتحاد الأوروبي يسعى إلى فرض عقوبات على تركيا بشأن انتهاكاتها لسيادة اليونان وقبرص


كشفت أوروبا يوم أمس الجمعة عن قائمة تخص عقوبات محتملة شديدة ضد تركيا جراء ما قامت به من انتهاكات متكررة لسيادة اليونان وقبرص، بينما توقع من جهتهم مراقبون بأن تلك العقوبات وإذا ما جرى تنفيذها ستترك أثارا مدمرة على الاقتصاد التركي، الذي يعرف في الأصل تراجعا كبيرا.

إن الإشارة بالعقوبات الجديدة من طرف بروكسل جاء على لسان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، يوم أمس الجمعة، حيث قال بوريل بأن احتمال فرض عقوبات جديدة على تركيا، ما لم يتم تحقيق تقدم باتجاه خفض التوتر مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، مضيفا بأن التكتل يريد منح الحوار فرصة جدية، حسب ما أفادت به وكالة فرانس برس.

غير أنه تابع القول بأن الاتحاد الأوروبي مستقر في دعمه للبلدين العضوين وهما اليونان وقبرص في الأزمة القائمة، مما أثار المخاوف بخصوص احتمال نشوب مواجهة عسكرية.

هذا ووافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يقومون بعقد اجتماع في برلين على طلب قبرص بشأن فرض عقوبات على مزيد من الأشخاص بعد عمليات التنقيب التي تقوم تركيا بإجرائها في مساحات مائية تطالب بها الجزيرة، أما قائمة العقوبات المحتملة ضد تركيا فتضم كلا من:

– السفن أو غيرها من الأصول المستخدمة في عمليات التنقيب.

– حظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي.

– فرض قيود على البنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة (التنقيب التركي عن الغاز في المناطق البحرية التابعة لليونان).

– عقوبات كبرى ضد قطاعات بأكملها في الاقتصاد التركي.

التداعيات المتوقعة

ومن جانبه، قال أستاذ القانون الدولي، أيمن سلامة لموقع سكاي نيوز عربية بأن الاقتصاد التركي لا يمكنه أن يتحمل العقوبات الأوروبية المحتملة، مضيفا في حديثه بأن فرض العقوبات سيفضي إلى استنزاف احتياطات النقد الأجنبي عند

أنقرة، وأيضا إضعاف مصداقية السياسة النقدية التركية، وعدم استقرار أسعار الفائدة الحقيقية للودائع، إلى جانب العجز الضخم في الحساب الجاري الذي يغذيه جزئياً حافز ائتماني قوي تسبب في تفاقم مخاطر التردد في التمويل الخارجي لتركيا.

وتوجد أيضا بالإضافة إلى ذلك الضغوط السياسية والاهتزاز الداخلي وسط تفاقم الاحتجاجات الداخلية ضد سياسة البطش بحقوق الإنسان، والاستقلال المحدود للبنك المركزي التركي يؤدي كذلك إلى عدم استقرار السوق وتهاوي الليرة التركية التي فقدت منذ بداية 2020 عشرون في المئة من قيمتها، مع العلم بأن هذه العملة عرفت انهيارا واضحا خلال عام 2018 بعد فرض العقوبات من طرف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حينها، حسب ما قاله سلامة، معتبرا بأن المناورات العسكرية الاستعراضية التي تقوم بها تركيا في شرق المتوسط، فضلا عن عمليات التنقيب الشاسعة عن الغاز والنفط هناك تسهم في استنزاف الميزانية التركية، وستكون بذلك التكلفة باهظة.

إلى ذلك، أشار المتحدث ذاته إلى أن ذلك سيترك وبلا شك تداعيات سلبية خطيرة على فرص الاستثمار الأجنبي في تركيا وقدرة البنك المركزي على إقراض البنوك التركية، ولفت أيضا إلى أن ما قاله أردوغان بخصوص فائض مالي بسبب الاكتشافات الغازية التي أعلن عنها، هو في الحقيقة بعيد عن الواقع، كما أن لا أحد يصدق ذلك.

وتابع سلامة في حديثه بأن الاتحاد الأوروبي يقوم حاليا بدراسة لفرض العقوبات الجديدة، بعد فشل جهود الوساطة الألمانية وعدم نجاح العقوبات التي جرى فرضها في السابق من طرف الاتحاد الأوربي على مواطنين أتراك وشركات تركية تأكد فيما بعد تورطهم في عمليات التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية القبرصية، وفي ظل عدم رضوخ أنقرة للمناشدات التي تطالبها بالتوقف عن أعمال التنقيب التي تنافي قانون البحار.

وحسب سلامة ، فإن بروكسل تسعى من وراء كل هذه الخطوات إلى مزاولة الضغط على تركيا حتى تخضع هذه الأخيرة لمبادئ القانون الدولي وتتوقف عن ممارسة سياسة الهيمنة والتوسع على حساب دول المنطقة.

تجربة أوروبا مع العقوبات

وخلال المراحل التاريخية، عرف المجتمع الدولي عدداً واسعا من نماذج وأنماط عملية فرض العقوبات، والتي تأتي بها منظمات دولية ودول ذات سيادة بهدف إجبار الدولة المستهدفة بالعقوبات على تصحيح مسارها، مثلما هو الحال مع تركيا، حيث خلال عام 2014، قام كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات على أشخاص وشركات روسية مرتبطين بعملية إلحاق شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وحينها وصلت العقوبات إلى 300 شخص و500 شركة، وجرى فرض العقوبات بشكل تزايدي عاما بعد عام، وكان من ضمن العقوبات حظر توقف السفن السياحية الأوروبية في موانئ شبه جزيرة القرم، الأمر الذي يدل على أنها ربما قد تلجأ إلى هذا الخيار ضد تركيا.

شرط العقوبات والموعد

إن النزاع بخصوص الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز قد أعاد إلى الوسط الخصومة التاريخية بين أثينا وأنقرة، إذ قام كل من البلدين بإجراء تدريبات عسكرية بحرية منفصلة، وبعد المحادثات، قال من جانبه بوريل اتفقنا على أنه في غياب التقدم من جانب تركيا، قد نضع قائمة بمزيد من القيود التي يتوقع مناقشتها خلال (اجتماع) المجلس الأوروبي في 24 و25 سبتمبر، مضيفا بأنه لم يتم التعمق في العقوبات الواسعة النطاق على الاقتصاد التركي، إلا إذا لم تثبت فعالية التدابير المحددة ضد عمليات التنقيب.

أما أثينا فقد رحّبت بذلك، حيث قال وزير خارجيتها نيكوس دندياس لوسائل إعلام يونانية أعتقد أن الجانب اليوناني حصل على ما بإمكانه الحصول عليه، عقوبات محتملة في حال لم تختر تركيا خفض التصعيد ولم تعد إلى الحوار، غير أن أنقرة أجابت عن ذلك بكل غضب وقالت بأن دعم الاتحاد الأوروبي غير المشروط لما وصفتها بمواقف اليونان وقبرص المبالغ فيها تتجاهل مطالب أنقرة المشروعة وتشكل بحد ذاتها مصدر توتر.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى