الإمارات من الصحراء إلى الفضاء


من كان يتوقع أن يتحول حلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله” إلى حقيقة بعد أكثر من 40 عاماً، عندما استقبل وفد وكالة “ناسا” بعد نجاح مهمة “أبولو” عام 1969 لهبوط الإنسان لأول مرة على سطح القمر، حيث عكس هذا اللقاء مدى اهتمام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- للفضاء وأهمية العلم في خدمة العالم وتقديره للعلماء وأصحاب الإنجازات والمفكرين ودورهم الرائع في خدمة المجتمعات، وقيادتهم إلى استكشاف ما هو مفيد للبشرية والمساعدة على تطورهم.

في عام 2018 أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة وبالتحديد في الثالث من شهر سبتمبر، أول إنجاز لطموح زايد بعد نجاح أول رائدي فضاء باجتيازهما الاختبارات التي تؤهلهما لتحقيق ذلك الطموح بين 4022 شابا وشابة، هما الرائد هزاع علي المنصوري والرائد سلطان سيف النيادي بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية.

في عام 2019 وبالتحديد في الخامس والعشرين من سبتمبر تم إطلاق أول طموح للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله” يحمل شعار المهمة التاريخية “طموح زايد”، بعد إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء عن اختيار هزاع المنصوري ليكون رائد الفضاء الأساسي في مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية، ليكون أول رائد فضاء إماراتي وثالث رائد فضاء عربي، حيث يعتبر هزاع علي المنصوري أول رائد فضاء عربي يذهب إلى محطة الفضاء الدولية، قضى فيها رائد الفضاء هزاع المنصوري ثمانية أيام على متن محطة الفضاء الدولية ضمن بعثة فضاء روسية، التي انطلقت من محطة “بايكونور” الفضائية في كازاخستان، ليبدأ عصر الإمارات والعرب للعلم والمعرفة عن أسرار الفضاء.

وما زال “طموح زايد” ينمو ويكبر لم يتوقف حتى شاهدنا مسبار الأمل في العشرين من شهر يوليو عام 2020 ينقش لنفسه حروفاً من ذهب في صفحات التاريخ ليكون مفخرة للعرب بعد نجاح إطلاق هذا المشروع لاستكشاف المريخ في أول مهمة تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد ذكر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ثلاث رسائل “الرسالة الأولى للعالم: أن الحضارة العربية لعبت ذات مرة دورا كبيرا في المساهمة في المعرفة الإنسانية، وستلعب هذا الدور مرة أخرى. الرسالة الثانية هي لإخواننا العرب: لا شيء مستحيل، وإننا نستطيع أن نتنافس مع أعظم الأمم في السباق على المعرفة. والرسالة الثالثة هي لمن يسعون للوصول إلى أعلى القمم: لا تضع حدودا لطموحاتك، ويمكنك أن تصل حتى إلى الفضاء”.

يعتبر مسبار الأمل تحديا جديدا لتحقيق “طموح زايد” لمعانقة الفضاء ومشروع الإمارات لاستكشاف الكوكب الأحمر، فقد شارك إنجازه 200 مهندس ومهندسة، من شباب وشابات الإمارات، و200 مهندس وعالم على مدى الستة الأعوام السابقة، حقق من خلالها العديد من الإنجازات العلمية، من بينها إنجاز 200 تصميم تكنولوجي علمي جديد، وتصنيع 66 قطعة من مكونات مسبار الأمل في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المخطط أن يصل هذا المسبار إلى مدار كوكب المريخ في الربع الأول من عام 2021، بالتزامن مع الذكرى الخمسين لقيام الاتحاد، يقطع خلالها مسبار الأمل مسافة 493 مليون كيلومتر يقارب سبعة أشهر، سيبقى فيها مسبار الأمل سنتين مريخية أي ما يعادل 1374 يوما، حيث يبدأ في التقاط أولى صوره العالية الجودة لسطح المريخ، وسيساعد مسبار الأمل في الإجابة على أسئلة علمية رئيسية حول الغلاف الجوي للمريخ، وأسباب فقدان غازي الهيدروجين والأكسجين من الغلاف الجوي؛ لأن معظم مهمات استكشاف المريخ السابقة كان تركيزها على دراسة تضاريس كوكب المريخ والطبيعة الجيولوجية له وليس المناخ، ومن شأن هذا الأمر أن يوفر للعلماء معلومات جديدة عن مناخ وطبيعة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر.

تتولى وكالة الإمارات للفضاء الإشراف الكامل على التفاصيل اللازمة لتنفيذ المشروع، بينما يقوم مركز محمد بن راشد للفضاء بمتابعة تنفيذ عمليات تصميم وبناء مسبار الأمل، ويهدف مشروع الإمارات لاستكشاف الكوكب الأحمر إلى تطوير رأس المال البشري في الدولة، وتشجيع وإلهام الجميع على دراسة التخصصات العلمية المتقدمة وعلوم الفضاء للارتقاء بجهود أبناء الإمارات في مجال الاكتشافات العملية ومواصلة طموح زايد في المعرفة بأسرار الفضاء والنهوض لبناء قطاع الصناعة الفضائية، وبناء شراكات دولية في قطاع الفضاء بما يخدم البشرية.

نقلا عن العين الإخبارية

Exit mobile version