الأرض.. مسؤولية الكل
لا يسقط من الحسابات كوكبنا الذي يمنحنا الحياة والصحة طالما نمنحه الاهتمام الذي يأمله براً وبحراً وجواً.
كلما أرى حملةً لتنظيف الشواطئ أو البراري وحتى أعماق البحار يتنامى لدي شعور بالحماسة تارة وبالحزن تارة أخرى، فلا يعقل أن يظل هناك اليوم أشخاص يتقاعسون عن رمي معلبات المشروبات الغازية في سلال القمامة بدلاً من إلقائها من نوافذ السيارة، كما لا يعقل أن تترك مخلفات كل نزهة برية في مكانها.. فالبيئة كما منحتنا السلام والطمأنينة حق علينا تجاهها أن نمنحها الرعاية.
أقول قولي هذا وأنا أرى قادة أربعين دولة يتباحثون في شؤون المناخ وتداعياته لأتساءل حول دورنا كأفراد في ظل حكومات ترسم سياسات واسعة وتضخ المليارات وتدعم الصناديق من أجل أرض مستدامة نورثها لأجيال وأجيال من بعدنا، فكما يقول المثل اليد الواحدة لا تصفق.. فيد الحكومة مع يد الشعب تصنعان فارقاً في كل القطاعات وأصغر الممارسات إلى أعظمها تصنع التراكمات.
وعلى سبيل التزامات حكومات الدول، في كلمته خلال قمة القادة حول المناخ التي استضافها الرئيس الأمريكي، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التزام الإمارات بتحويل تحديات التغير المناخي إلى فرص مستقبلية للجيل القادم واستعداد الدولة للعمل عن قرب مع الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي والقطاع الخاص لتحقيق نقلة نوعية في الاستجابة العالمية للتغير المناخي.
هكذا وعد يأتي مكملاً لجهد عمل دؤوب بدأ قبل نحو خمسة عشر عاماً ويسير باتجاه مئوية الدولة في ٢٠٧١، حينها قررت الإمارات تحويل جميع التحديات إلى فرص نمو، فاعتمدت العديد من السياسات الداعمة لعمل جميع القطاعات بنهج صديقٍ للبيئة، فعرفنا الاقتصاد الأخضر والمسكن الأخضر والحي الأخضر والمدينة الخضراء.. إلخ.
وتزامن ذلك مع حراك ممنهج وسريع بالتحول نحو التكنولوجيا منخفضة الكربون والطاقة المتجددة، ولا أدل من جهدٍ كبير في هذا المجال مثل استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “أيرينا” في أبوظبي.
السياسات تحركت من مجرد تخطيط على الورق لتكون واقعاً ملموساً عبر مشاريع شهدنا تشغيل أهمها عالمياً في عام ٢٠٢٠، مثل محطة براكة لدينا، ومحطتين للطاقة الشمسية من بين الأكبر عالمياً، ويجري العمل على إنشاء محطة ثالثة ستكون أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم.
وكعادتها تؤمن دولة الإمارات بأهمية العمل الجماعي الدولي، فنجدها تستثمر في أكثر من 70 دولة حول العالم في الطاقة المتجددة، وتدعم المبادرات المنقذة للبيئة وآخرها المشاركة في مشروع الابتكار الزراعي للمناخ للتغلب على آثار التغير المناخي على القطاع الزراعي العالمي.
وهنا أعود إلى النقطة المحورية في المسؤولية المشتركة تجاه أرضنا، لأطرح تساؤلاً حول أهمية تحفيز الاستثمارات البيئية التي تدعم التنمية المستدامة ومدى فتح الأبواب الواسعة أمام القطاع الخاص والشركات الوطنية للمساهمة في هذا المجال، جنباً إلى جنب مع القطاع العام، خاصة مع كون الدولة لاعباً عالمياً مؤثراً في الاقتصاد البيئي.
فرغم كون الإمارات دولة نفطية، فإنها تحقق تقدماً ملحوظا في التنويع الاقتصادي وتخفيض الاعتماد على النفط عبر سياسات وقوانين جاذبة تشرع الأبواب أمام الاستثمار في شتى القطاعات، ويبدو أن المستقبل يلوح بفرص أكبر في الاستثمارات ذات الصلة بقطاعات البيئة والاقتصاد البيئي والطاقة المتجددة وبالأخص الطاقة الشمسية.