سياسة

الأحزاب الإسلامية في الجزائر.. تبادل التهم وتصفية حسابات


عرفت الفترة التي سبقت اندلاع الحراك الشعبي بالجزائر، لاسيما خلال اشتداد الجدل السياسي حول المخرج من أزمة الولاية الخامسة، تبادل قادة الحزبيْن الإخوانييْن في البلاد، حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية التهم حول علاقاتهما مع مستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه سعيد.

وأثارت إحالة رئيسة حزب العمال لويزة حنون من طرف القضاء العسكري وتوجيه تهم المشاركة في التآمر على سلطة الجيش والدولة، مخاوف حقيقية لدى قيادات إسلامية، كانت على تواصل مع سعيد بوتفليقة، وهي الآن بصدد تفادي أي تأويل من طرف السلطات العسكرية، للقاءات المذكورة، وتبرئة ذمة مبكرة من أي تهمة مماثلة قد توجه لهم.

وكشف السجال المحتدم بين حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية جزء من حقائق الأحزاب الإسلامية التي كانت على تواصل مع قمة السلطة، وتتبنّى خطابا معارضا في العلن، واضطرتها التطورات المتسارعة في البلاد، إلى كشف أوراقها، خشية إدراجها في خانة التواطؤ مع القوة غير الدستورية التي كانت تحكم البلاد.

وقال القيادي في حركة حمس ناصر حمدادوش: نذكر لخضر بن خلاف (قيادي جبهة العدالة والتنمية) بأن ما يعيبه علينا بهذه الاتصالات المعلنة والرسمية، تقع فيه قيادات من حزبه وبعلم من رئيسها جاب الله جاب الله ذاته عندما تلتقي سرا بهذه القوى غير الدستورية ومع رأس الدولة العميقة، ومع رئيس الوزراء الأسبق عبدالمالك سلال، بل وحتى مع ممثل عن رئيس الوزراء نورالدين بدوي، أثناء تشكيله للحكومة الأخيرة –المرفوضة شعبيًّا– بعد الحراك الشعبي.

وأضاف: لقد توجهنا بمبادرة التوافق الوطني إلى كل مؤسسات الدولة، ومنها الرئاسة، وإلى كل مكونات الطبقة السياسية في الموالاة والمعارضة وإلى المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، ضمن مشروع وطني معلن ومكتوب وموزع…لقاؤنا مع من يعتبر الآن من القوى غير الدستورية، كان ضمن سلطة الأمر الواقع، التي كان يذعن لها الجميع، وتتعامل معها جميع الأطراف (مؤسسات رسمية وحزبية ومجتمعية وإعلامية ودولية)، بل إن وثيقة مازفران للمعارضة مجتمعة كانت تنصّ على الحلّ التوافقي المتفاوض عليه معها.

وشدد ناصر حمدادوش، على أن مسالة الاتصالات هي مشروع سياسي من أجل تحقيق التوافق الوطني، وليس مفاوضات حزبية لصالح الحركة، وذلك مهما كان رأي جاب الله وبن خلاف في المشروع، وأن حمس وضعت قضية الإجماع وموافقة جميع مؤسسات الدولة عليه، شرطا لتحقيق التوافق المأمول من طرف حركة حمس.

وجاءت تصريحات قيادي حمس، ردا على تصريحات مماثلة أدلى بها القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، ضمنها إشارات لأداء رئيس حمس عبد الرزاق مقري، دور الوسيط بين السلطة والمعارضة لتأجيل الانتخابات الرئاسية في نسختها المقررة من طرف سلطة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وذكر بن خلاف أن جاب الله استقبل مقري في مكتبه بعد اللقاء الذي جمعه مع سعيد بوتفليقة، وقد أوصاه بألا يكون عرابا للسلطة بمبادرته التي كان مستشار الرئيس وراءها، ودعاه ليترك السلطة لتبدي نيتها مباشرة دون التخفي وراء مبادرة حمس والوصول إلى مسعاها بتزكية من المعارضة.

وسرد بن خلاف، تفاصيل اللقاءات التي جرت بين زعيم حمس، وسعيد بوتفليقة ومسؤولين في الرئاسة، بالقول عبد الرزاق مقري، لم يكشف عمّن التقاه في المرادية إلا بعد إلحاح من قيادة جبهة العدالة والتنمية، وأشار إلى الشقيق الأصغر والمستشار الشخصي سعيد بوتفليقة، فضلا عن مسؤولين آخرين.

ولا تستبعد مصادر متابعة للتطورات السياسية في الجزائر، أن يتواصل مثول سياسيين ومسؤولين مدنيين، أمام القضاء العسكري بالبليدة، في إطار قضية التآمر على سلطة الجيش والدولة.

ويوصف المتهمون في تلك القضية بـالعصابة وبـالقوة غير الدستورية، بعد سجن زعيمة حزب العمال لويزة حنون، والجنرال المتقاعد حسين بن حديد. وكشف المحامي مقران آيت العربي الثلاثاء عن التهم الموجهة للويزة حنون بعد أن وافق على الدفاع عنها بعد لقائها ودراسة ملفها.

وقال آيت العربي في بيان له، أن حنون تواجه تهمتين، الأولى جريمة التآمر غايتها المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية، مؤكدا أن عقوبتها منصوص عليها في المادة 284 من قانون القضاء العسكري، وتصل إلى 10 سنوات سجن. وأضاف “أما التهمة الثانية فهي التآمر لتغيير النظام وهو الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمادة 77 من قانون العقوبات، وعقوبته الإعدام.

وتعكس الخلافات السياسية بين أحزاب التيار الإسلامي، حدة المخاوف التي تنتاب قياداتها، من إمكانية تحويل لقاءات واتصالات سابقة مع رموز السلطة إلى تهم تلاحقهم لدى القضاء العسكري، فضلا عن العداوات العميقة بين حزبيْ التيار الإخواني، حيث يغيب التضامن السياسي بين أحزاب العائلة الواحدة، وأن كل طرف يسعى إلى تبرئة ذمته مقابل التضحية بالطرف الآخر.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى