سياسة

إعفاء”الحريديم” من التجنيد يعمق الانقسام بإسرائيل


صوت الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي مساء الاثنين في جلسته العامة لصالح إضفاء صفة الاستمرارية على قانون التجنيد الذي تم طرحه في البرلمان السابق ويمنح الشبان الحريديم (اليهود المتدينين) إعفاء من الخدمة العسكرية.

وبذلك يمكن للكنيست الاستمرار من نفس النقطة حيث توقف التشريع في عام 2022، على أن يتم عرضه لاحقا على لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست لمناقشته، تمهيدا للمصادقة عليه في القراءة الثانية والثالثة، وفق موقع “والا” العبري. ويتطلب أي تشريع في الكنيست التصويت عليه بثلاث قراءات كي يصبح قانونا نافدا.
وصوت لصالح مشروع القانون 63 عضوا من أصل 120 بالكنيست، مقابل معارضة 57 معارض.
وكان وزير الدفاع يوآف غالانت الوحيد من الائتلاف الحكومي (64 مقعدا بالكنيست)، الذي صوت ضد القانون، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.

وعقب التصويت على مشروع القانون الليلة، سُمع تساحي برافرمان، مدير مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو ينتقد غالانت “إنه وقح، يجب إقالته”، وفق المصدر ذاته.
وفي وقت سابق الاثنين، قالت “يديعوت” إن غالانت ينوي التصويت ضد قانون التجنيد، وإن هذه الخطوة قد تكلفه منصبه.
وعلق زعيم المعارضة يائير لابيد على التصويت لصالح إحياء قانون التجنيد، وهاجم الائتلاف الحكومي مضيفا “هذه واحدة من أسوأ لحظات إذلال الكنيست الإسرائيلي على الإطلاق”.
وأضاف “في خضم يوم آخر من القتال العنيف في قطاع غزة، تمرر الحكومة الفاسدة قانون التهرب من الخدمة العسكرية ورفضها. الأمر كله سياسة. والقيم صفر”.

 الحكومة الفاسدة قانون التهرب من الخدمة العسكرية ورفضها

من جانبه، علق رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان على تصويت الائتلاف الحكومي على القانون قائلا “في جوف الليل، بينما يقاتل خيرة أبنائنا وبناتنا في ساحة المعركة، اتخذت الحكومة الإسرائيلية خطوة أخرى نحو قانون التهرب من الخدمة العسكرية، الذي يشكل ضررا خطيرا لجنود الجيش الإسرائيلي وجنود الاحتياط، ويتعارض مع احتياجات الجهاز الأمني، وكل ذلك من أجل البقاء السياسي”.
بدوره، كتب وزير الدفاع يوآف غالانت بحسابه على منصة “إكس” “شعب إسرائيل يتوق إلى تفاهمات. التغييرات الوطنية يتم إجراؤها بإجماع واسع النطاق”، مضيفا: “لا يجب أن نمارس سياسة ضيقة على حساب جنود الجيش الإسرائيلي“.

وقال حزب “معسكر الدولة” بقيادة بيني غانتس ردا على التصويت “لقد أثبتوا الليلة أنهم عادوا إلى 6 أكتوبر/تشرين الاول”، (قبل اندلاع الحرب).
ومضى قائلا في بيان “في زمن الحرب، عندما يقاتل جنود الجيش الإسرائيلي من أجل الوطن، يكافح الائتلاف أجل إدامة الإعفاء من التجنيد”.
وأشار إلى أنه “لم يفت الأوان بعد لتمرير مخطط واسع وشامل يلبي احتياجات الأمن والمجتمع”.
بدورها، هاجمت عضو الكنيست ميراف ميخائيلي (حزب العمل) الائتلاف بسبب المصادقة على استمرار تشريع قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم.

وكتبت ميخائيلي على حسابها بمنصة “إكس “في الائتلاف في إسرائيل يهاجمون في الصباح عائلات المختطفين وفي الليل يبصقون في وجوه المقاتلين والمقاتلات بتمرير قانون التهرب من الخدمة العسكرية”.
وأضافت “إنهم يتحدثون كثيرًا عن النصر الكامل، دعوهم يفتحون أعينهم، لقد فشل كل شيء”.
وفي 15 مايو/أيار الماضي، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه سيعيد إحياء تشريع عام 2022، وذلك بعدما فشل في التوصل إلى اتفاق مع شركائه الحريديم في الائتلاف الحكومي بشأن تشريع جديد لتجنيد أعضاء مجتمع الحريديم في الجيش الإسرائيلي. ويضم الائتلاف الحكومي الحالي حزبي “شاش” (11 مقعدا من أصل 120 بالكنيست) و”يهدوت هتوراه” (7 مقاعد) الحريديين.

ومشروع القانون المذكور، “من شأنه أن يزيد ببطء معدل تجنيد الحريديم في الجيش الذي يمثل مشكلة من الناحية القانونية ولا يلبي الاحتياجات العسكرية الحالية لإسرائيل”، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
ويتضمن مشروع المخطط خفض سن الإعفاء من التجنيد لـ”الحريديم” إلى 21 عاما (حاليا 26)، لكن يطبق الخفض خلال مدة عامين.
وبحسب هيئة البث الرسمية “وفق المخطط، سيتمكن الشاب المتدين البالغ من العمر 21 عاما من الانضمام إلى نظام الطوارئ والإنقاذ الوطني والحصول على تدريب مهني.. ويرتفع سن الإعفاء بعد عامين إلى 22، وبعد ثلاثة أعوام إلى 23”.

وجرى اقتراح مشروع القانون عام 2021 للمرة الأولى من قبل الحكومة بقيادة نفتالي بينيت، وتم تمريره في الكنيست بالقراءة الأولى عام 2022، لكن حل الكنيست لإجراء الانتخابات في ذات العام، حال دون إحالته إلى القراءات النهائية.
وفي أكثر من مناسبة، أكد زعيم حزب “معسكر الدولة” بيني غانتس رفضه لإعادة إحياء المشروع الذي اقترحه بنفسه قبل عامين عندما كان وزيرا للدفاع.
ويقول غانتس، إن “المشروع لم يعد يصلح لا سيما بعد (اندلاع) الحرب على غزة” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويؤكد أن “إسرائيل بحاجة إلى جنود، وليس إلى مناورات سياسية تمزق الشعب أثناء الحرب”.

فرق الجيش وقوات الاحتياط تعرضت للارهاق بسبب حرب غزة والجبهة في الشمال
فرق الجيش وقوات الاحتياط تعرضت للارهاق بسبب حرب غزة والجبهة في الشمال

وشدد غانتس في بيان الشهر الماضي على أن “مخطط الخدمة (العسكرية والمدنية) الذي وافقت عليه الحكومة السابقة أعده جهاز الأمن بوصفه قانونا انتقاليا وأساسا لتطوير مخطط يشمل جميع شرائح الشعب”.

وعلى مدى عقود تمكن الشبان الحريديم من تجنب أداء الخدمة العسكرية من خلال الالتحاق بالمدارس الدينية لدراسة التوراة والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة لمدة عام واحد حتى وصولهم إلى سن الإعفاء من الخدمة العسكرية.
ومنذ 2017، فشلت الحكومات المتعاقبة في التوصل إلى قانون توافقي بشأن تجنيد “الحريديم”، بعد أن ألغت المحكمة العليا قانونا شُرّع عام 2015 .وقضى بإعفائهم من الخدمة العسكرية، معتبرة أن الإعفاء يمسّ بـ”مبدأ المساواة”.
ومنذ ذلك الحين، دأب الكنيست على تمديد إعفائهم من الخدمة العسكرية. ومع نهاية مارس/ آذار الماضي، انتهى سريان أمر أصدرته حكومة نتنياهو بتأجيل تطبيق التجنيد الإلزامي لـ”الحريديم”.

وأصدرت المحكمة العليا، في فبراير/شباط الماضي. أمرا يطالب الحكومة بتوضيح سبب عدم تجنيد “الحريديم”.
ونهاية مارس الماضي، أصدرت المحكمة أمرا مؤقتا بوقف الدعم المالي لطلاب مؤسسات التوراة المطلوب منهم التجنيد.
وفيما تعارض الأحزاب الدينية تجنيد “الحريديم”، فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيّده، ما تسبب لنتنياهو بإشكالية تهدد ائتلافه الحاكم.
ويشكل المتدينون اليهود نحو 13 بالمئة من عدد سكان إسرائيل البالغ قرابة 9.7 ملايين نسمة. وهم لا يخدمون في الجيش، ويقولون إنهم يكرّسون حياتهم لدراسة التوراة.

ويُلزم القانون كل إسرائيلي وإسرائيلية فوق 18 عاما بالخدمة العسكرية. ولطالما أثار استثناء “الحريديم” من الخدمة جدلا طوال العقود الماضية.
لكن تخلّفهم عن الخدمة العسكرية بالتزامن مع الحرب المتواصلة على غزة وخسائر الجيش الإسرائيلي زاد من حدة الجدل. إذ تطالب أحزاب علمانية المتدينين بالمشاركة في “تحمّل أعباء الحرب”.
وأبطلت محاكم إسرائيلية المحاولات المتكررة لتكريس هذا الإجراء في القانون. وأمرت الحكومة مؤخرًا بسحب تمويل المدارس التي تؤوي المتهربين من التجنيد.
وتستمد الأحزاب الدينية قوتها من حاجة الساسة الإسرائيليين. لها عند تشكيل الحكومات لنيل ثقة الكنيست.

ومع تشكيل الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو نهاية 2022. عادت الأحزاب الحريدية بكل قوتها إلى الساحة السياسية بعد أن تخلت الحكومة السابقة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد عنها.
ويحاول “الحريديم” وعلى رأسهم حزب “شاس” الذي يمثل المتدينين الشرقيين (السفارديم). وحزب “يهودوت هتوراه” الذي يمثل المتدينين الغربيين (الأشكناز). الاستفادة من تأثيرهم للحصول على المزيد من الميزانيات المالية لمجتمعاتها ومدارسها.
غير أن تلك الأحزاب تولي أهمية بشكل خاص لمصادقة الكنيست على قانون يستثني المتدينين اليهود من الخدمة العسكرية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى