سياسة

إجراءات تأديبية ضد تركيا.. ما السبب؟


عقابا على رفض أنقرة الإفراج عن المعارض البارز عثمان كافالا، فقد أعلن المجلس الأوروبي، بدء الإجراءات التأديبية بحق تركيا ما يمثل خطوة غير مسبوقة بالنسبة للأتراك، ولم تلجأ إليها المنظمة الأوروبية إلا مرة واحدة في تاريخها.

وقد اتفقت لجنة الوزراء الحقوقية التابعة للمنظمة الأوروبية على الخطوة بعدما رفضت تركيا مرارا الامتثال للحكم الصادر عام 2019 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والذي يقضي بالإفراج عن رجل الأعمال والحقوقي التركي البارز عثمان كافالا، حسبما أفاد بيان المجلس الأوروبي حسبما أوردت فرانس برس.

وجاء قرار المجلس الأوروبي وسط سلسلة من النكبات الاقتصادية والسياسية تواجهها حكومة رجب طيب أردوغان، حيث يتصاعد القلق حيال انتهاكات السلطات التركية لحقوق الإنسان في الداخل، خصوصا بعد مسرحية الانقلاب الفاشل في 2016 ضد أردوغان، الذي يلاحق كافالا بشكل شخصي في خطاباته، ويستهدفه مراراً.

وقال مجلس أوروبا في بيانه: “تعتبر اللجنة بأن تركيا ترفض الالتزام بحكم المحكمة النهائي بضمان الإفراج الفوري عن المتقدّم بالطلب“.

بينما حضّت الخارجية التركية مجلس أوروبا، أمس الخميس، على عدم إطلاق الإجراء بزعم “احترام العملية القضائية الجارية“، معتبرة أن تلك الخطوة ستمثّل “تدخلا” في شؤونها الداخلية.

وقد رحب مدير برنامج أوروبا لدى منظمة العفو الدولية نيلز موينيكس، بتلك الرسالة الأوروبية القوية الموجهة لتركيا، لافتا إلى أن قضية عثمان كافالا “واضحة تماما”.

وقال موينيكس: إن “فشل تركيا في ضمان الإفراج الفوري عن عثمان كافالا وإنهاء ملاحقته القانونية المدفوعة سياسيا يعد خرقا غير مقبول لالتزامات الدولة حيال حقوق الإنسان“.

وبحسب التقارير، فإن هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها مجلس أوروبا هذه الإجراءات ضد أحد البلدان الـ47 المنضوية فيه، موضحة أن المرة الأولى كانت في عام 2017، عندما تم إطلاق إجراء مشابه ضد أذربيجان لرفضها إطلاق سراح المعارض ألغار مامادوف.

إلا أنه تم إطلاق سراح مامادوف لاحقا في آب/أغسطس 2018، ما أدى إلى وقف الإجراءات.

واعتُمد الإجراء عام 2010 لضمان الامتثال الكامل لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الملزمة قانونيا للدول الأعضاء.
 

وباعتبارها عضوًا في مجلس أوروبا منذ العام 1950، وعلى غرار كافة الدول الأعضاء، تكون تركيا ملزمة بالامتثال إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تشرف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على تنفيذها والالتزام بها.

ومن المقرر أن قرار اللجنة الوزارية، الذي يحتاج موافقة الأغلبية بثلثين، سيضع تركيا قيد مذكرة رسمية مفادها بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ستتولى النظر في تقاعسها عن إطلاق سراح كافالا.

كما ستقرر المحكمة بعد ذلك ما إذا كان تباطؤ تركيا عن تطبيق قرارها يمثل انتهاكا إضافيا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وبحسب فرانس برس، سيكون أمام تركيا مهلة أقصاها 19 كانون الثاني/يناير للرد، وبعدها ستحيل اللجنة القضية مجددا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في اجتماعها المقبل في الثاني من شباط/فبراير.

يذكر أن الجلسة المقبلة في قضية كافالا سيكون انعقادها في إسطنبول، بتاريخ 17 كانون الثاني/يناير المقبل.

وبحسب النظام الأساسي، سيحق لمجلس أوروبا تعليق حق العضوية أو حتى طردها إذا جاء التصويت في اللجنة الوزارية يقر الإجراء العقابي في النهاية.

وتؤكد تقارير أوروبية أن سجن كافالا يعد أحد القضايا الأبرز في تركيا في عهد أردوغان، الذي يدير البلاد منذ عقدين، لكنه يواجه حاليا أزمة اقتصادية شديدة.

وكان رجل الأعمال كافالا، البالغ 64 عاما، والمولود في باريس، ساعد في تمويل شاريع تتعلق بالمجتمع المدني وانخرط في مساعي تحقيق مصالحة بين تركيا وجارتها أرمينيا التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بأنقرة.

إلا أن الرئيس التركي استهدف كافالا مرارا، واتهمه بأنه عميل للملياردير المدافع عن الديمقراطية جورج سوروس، كما اتهمه بالضلوع في احتجاجات واسعة عام 2013 ضد عملية تطوير عمراني لحديقة في إسطنبول.

ورفض كافالا تلك الاتهامات التي يدعمها الرئيس التركي، واصفا إياها بأنها اتهامات تقوم على “التشهير” إلى جانب كونها “هجوما على الكرامة الإنسانية“.

ورفضت تركيا الإفراج عن كافالا، ما أدى إلى توتر العلاقات بين أنقرة والغرب، بسبب تقويض الحريات.

وفي تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت عشر سفارات إعلانا مشتركا، كان من بينها السفارات الفرنسية والألمانية والأميركية، في إعلان فريد من نوعه، حيث أكدوا أن مواصلة اعتقال كافالا يقوض الديمقراطية في تركيا ونظامها القضائي.

بينما تمادى أردوغان في استهداف كافالا ومعاداة الغرب، معلنا طرد السفراء الغربيين العشرة، إلا أنه تراجع سريعا عن هذه الخطوة.

ومن المقرر أن يواجه عثمان كافالا السجن مدى الحياة، حال إدانته في المحاكم التركية بتمويل احتجاجات 2013، وتدبير انقلاب 2016.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى