سياسة

أقباط السودان يعودون إلى السياسة بعد غياب طويل المدى


ظل الأقباط السودانيون على مر تاريخهم العريق يسيرون في دروب الثقافة والرياضة والمجتمع بعيدين عن معترك السياسة، لاعبين أدوارا كبيرة في البلاد، حيث يعود لهم الفضل في تأسيس أول مدرسة أهلية للبنات عام 1902، وتأسيس المكتبة القبطية عام 1908، والكلية القبطية للأولاد عام 1919.

ويشار إلى أنه في التاريخ السوداني كانت أول امرأة تدخل كلية غردون التذكارية، وهي جامعة الخرطوم لاحقا، القبطية آنجيل إسحق، ويعود الفضل في ذلك إلى طبيعة ثقافة الأقباط المتقدمة على عادات مجتمع السودان صارم التقاليد آنذاك.

ومنذ أن نشأت الدولة السودانية الحديثة، عمل الأقباط في المصالح والإدارات الحكومية، كالبريد والبرق والتلغراف والسكة الحديد والإدارات المالية والحسابية، والأشغال والزراعة والغابات والقضاء والطب. وقد تم انتداب بعضهم للبحوث والاستكشاف حول ربوع السودان، ويرجع إليهم الفضل في توطين صناعة المنسوجات بالسودان وبدايات تكوين الفرق الرياضية السودانية.

ويعرف أيضا التاريخ السوداني بأسماء مثل جورج مشرقي صاحب المقهى الشهير بأم درمان، والذي كان مقرا للطبقة المثقفة السودانية وبخاصة الشعراء والمغنيين. وقد لمع أيضا اسم يوسف ميخائيل المؤرخ والذي كتب مذكراته عن الثورة المهدية والحكم التركي، وقد كان الخليفة عبد الله التعايشي، خليفة الإمام المهدي (1885-1898)، يعتبره عضوا للمهدية وسندا لها وكثير من الأسماء التي نجحت في عالم التجارة والصناعة.

وبالرغم من تفضيل الأقباط العيش في جماعة تتمسك بتقاليد تحد من التصاهر والاختلاط المجتمعي، فإن السنوات الأخيرة قد أذابت كثيرا من الحواجز، وتدثر الأقباط بالكثير من العادات السودانية، ويتجلى ذلك في إقامة موائد الإفطار الرمضانية على مدار سنوات.

وقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي قبل نحو عامين شابا قبطيا يستعد للبطان، وهي عادة سودانية قديمة تمارس في طقوس الأعراس، وتعني مبادلة الجلد على الظهور لإظهار القوة والرجولة أمام الحاضرين. وقد دخل وزير قبطي الحكومة للمرة الأولي في تاريخ السياسة السودانية، وهو موريس سدرة إبان حكم الرئيس الراحل جعفر نميري (1969-1985).

وحاليا وبعد غياب يشارف على نصف قرن، يعود الأقباط إلى السياسة السودانية عبر بوابة مجلس السيادة، إذ حسب ما ذكرت مصادر مقربة من المباحثات، توافق المجلس العسكري الانتقالي وإعلان قوى الحرية والتغيير على ترشيح رجاء عيسى عبد المسيح، المستشارة بوزارة العدل، لتكون العضو الحادي عشر للمجلس.

وقد قام شباب الأقباط في السودان بأدوار بارزة في ثورة ديسمبر والتي أطاحت نظام الرئيس السابق عمر البشير، كما لفتت الأنظار صور لأقباط سودانيين خلال تغطيتهم رؤوس المعتصمين بالأقمشة لحمايتهم من أشعة الشمس الحارقة أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، في ساحة الاعتصام أمام مقر قيادة العامة للجيش.

في حين يرى البعض أن ما قام به الأقباط من مشاركة  في الحراك السوداني قد كان ثأرا من نظام الإخوان الذي أعدم أحد الأقباط، وهو الطيار جرجس يسطس في العام 1989 بتهمة حيازة نقد أجنبي، وهذه التهمة نفسها التي يقف البشير بسببها أمام القضاء.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى