سياسة

أعين أردوغان على ليبيا منذ عهد القذافي


 إن أطماع تركيا في ليبيا تعود لعهد العقيد الراحل معمر القذافي، في الوقت الذي علمت فيه أنقرة بأن حصولها على مكان في البلد الغني بالنفط لن يؤمن لها فقط اقتصادها، بل سيمنحها أيضا فرصة للاستيلاء على منطقة شمال أفريقيا.

كل هذا ضمن مخطط قديم ترصده لنا العين الإخبارية، في إطار سلسلة تقارير عن أطماع أردوغان في أفريقيا، إذ تكشف الأحداث والتطورات الحالية في ليبيا محاولة إخضاعها للنفوذ التركي وجعلها بؤرة خراب وأطماع، ومنذ عهد القذافي، أرادت أنقرة دائما الاستيلاء على ليبيا من خلال بوابة الاستثمارات الاقتصادية والتي أخفت وراءها أطماعها العسكرية والاقتصادية في شمال أفريقيا.

كما أن زيارة الوفد التركي بارز المستوى، قبل أيام، إلى العاصمة طرابلس، شكلت واحدة من محطات البحث عن جني الأرباح وذلك بعد أن ضمنت خراب هذا البلد، وسط ترويج من حكومة ما يسمى بالوفاق غير الشرعية وإعلام تركي لاستثمارات تركية بقيمة 120 مليار دولار.

خداع القذافي

 

إن ليبيا تعتبر واحدة من النماذج التي خدعها النظام التركي وذلك بالتقرب منها بالاستثمارات وزيادة حجم التبادل التجاري، تمهيدا للاستثمار الأكبر، حيث أن العلاقات الاقتصادية بين طرابلس وأنقرة في عهد القذافي كانت توصف بالجيدة، وهذا ما تشير إليه المؤشرات الاقتصادية بين البلدين.

فخلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الإخواني في تركيا، ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار، بينما وصل حجم الاستثمارات الإجمالي نحو 18.5 مليار دولار إذ أنه الأعلى بين دول شمال أفريقيا، وقد جرى إنجاز قرابة 4 مليارات دولار منها والتي تركزت أساسا على قطاعات النفط والبناء والتعمير، قبل أن يسقط نظام القذافي في 2011.

وكانت أيضا ليبيا بمثابة سوق كبيرة لاستيعاب العمالة التركية التي فاق عددها 25 ألف عامل في 2011، فيما كان السياح الليبيون يشكلون أهم مصادر الدخل السياحي السنوي لتركيا، حسب ما جاء في إحصائيات رسمية في البلدين.

تجسس اقتصادي

 

هذا وكشف النظام التركي مع اندلاع أحداث فبراير 2011 في ليبيا عن أهدافه الحقيقية من تركيز وجوده الاقتصادي في هذا البلد العربي، وذلك بعد أن أعلن ما أطلق عليه دعم خيار الشعب الليبي في ثورته، إلا أن مزاعم أردوغان بتسبيق الحرية على المصالح لم تبقى لمدة طويلة، حيث بدأ الليبيون يكتشفون خديعة تركيا الكبرى بعد تعزيز النظام التركي نفوذه داخل بلادهم بجماعة الإخوان، بعد أن احتضنهم في أنقرة واسطنبول، وفتح لهم منابر الفتنة الإعلامية لخدمة مصالحه.

وبعد ذلك، قامت جماعة الإخوان بالاستيلاء على قرار ما يعرف بحكومة الوفاق بعد تشكيلها بدعم تركي قطري عسكري ولوجيستي، وقد أفادت من جهتها وسائل إعلام ليبية خلال السنوات الأخيرة بأن الاستثمارات التركية في عهد القذافي لم تكن إلا مشاريع استخباراتية بهدف دراسة البيئة الجغرافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية لليبيا.

وأراد بعدها نظام أردوغان تعزيز نفوذه في ليبيا من خلال جلب آلاف المرتزقة والدواعش من الشمال السوري، ومنذ 2014 دخل الجيش الوطني الليبي في معركة حقيقية مع تركيا على الأرض، حسب ما جاء في تصريح المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري.

استثمار في الدم الليبي

 

ومنذ ذلك الوقت، بدأ التواجد التركي في ليبيا مرحلة جديدة من الاستثمار في الدم الليبي، بعد أن بدأت أطماعه وأجنداته تتكشف بعد ضبط عشرات الشحنات من الأسلحة القادمة من تركيا إلى ميليشيات طرابلس والتنظيمات والجماعات الإرهابية المتحالفة معها في الغرب الليبي، لتحول بذلك ليبيا إلى نقطة التقاء أطماع أردوغان في استعادة أوهام الدولة العثمانية الاستعمارية مع ما يسمى بمشروع الخلافة الإخواني .

بالإضافة إلى تنوع الخراب التركي في ليبيا بين إيواء وتمويل وحماية الجماعات الإرهابية، واستيرادها فيما بعد من مناطق نزاع أخرى وأيضا إخراج ورقة الدواعش التي أشعل بها الشرق الأوسط.

خيانة حكومة الإخوان

 

إن أردوغان قد كشف عن أطماعه في ليبيا في وقت مبكر، حيث استغل تسليم حكومة فائز السراج سيادة وقرار ليبيا لنظامه، ووقعت أنقرة وميليشيات طرابلس، في نوفمبر من عام 2019، اتفاقاً لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة والتي تمتد من الساحل التركي الجنوبي من البحر المتوسط إلى الساحل الشرقي الليبي، أعقبه اتفاق عسكري آخر لحماية ودعم ميليشيات ومرتزقة الوفاق.

وتتولى تركيا حسب الاتفاق حقوق التنقيب عن النفط شرق البحر المتوسط، وهذا المشروع أدانته كل من اليونان وقبرص ومصر والإمارات العربية المتحدة وفرنسا، واعتبرته غير قانوني، كما أنها أصدرت، في مايو المنصرم، بياناً مشتركا يدين تصرفات أنقرة.

إلى ذلك، كشفت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على رأس وفد رفيع من رجال الأعمال عن حقيقة رهان النظام التركي على جماعة الإخوان التي تحكم طرابلس تحت ما يسمى بحكومة الوفاق والتي يرفضها الشعب بشدة، بغرض تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، تكون ثمنا لدعمها العسكري لمرتزقة الوفاق.

وقد اعترف خلال الزيارة مرتضى قارانفيل، رئيس مجلس الأعمال التركي الليبي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، بأن حجم الاستثمار التركي في ليبيا قفز إلى 120 مليار دولار في جميع القطاعات أبرزها المقاولات، وفق ما ذكر إعلام تركي رسمي، وتوقع أيضا قارانفيل بأن تكون 2020 سنة واعدة بشكل كبير في حجم التبادل التجاري بين أنقرة وميليشيات طرابلس، واتضح فيما بعد بأن الأطماع التركية تتجه نحو حصوله على الحصة الأكبر من مشاريع إعادة الإعمار، والاستحواذ على أكبر المشاريع في حقول النفط.

أردوغان.. حلم الغاز وكابوس المستنقع

 

وحسب مراقبين، فإن رغبة النظام التركي ومليشيات السراج المسنودة أيضا بالدواعش والمرتزقة في السيطرة على سرت والجفرة، تؤكد جليا حقيقة التواجد الاستعماري التركي في ليبيا للسيطرة على الهلال النفطي والثروات الأخرى البلاد، وإن الهلال النفطي يمثل 60 % من احتياطات النفط الليبي، إذ يمتد على مسافة 205 كيلومتر، من مدينة طبرق شرقاً إلى السدرة غرباً على ساحل البحر المتوسط.

إن احتياطات ليبيا من النفط تجعل النظام التركي يسعى وراء تدمير ليبيا بهدف الاستيلاء عليها وعلى ثرواتها، لاسيما وأن البلد الأول يملك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا يقدر بـ40 مليار برميل، ويحتل كذلك المرتبة الخامسة عربياً، بينما تصل نسبة النفط الليبي من الاحتياطي العالمي 3.76 %، وتعتبر أيضا ليبيا من أبرز الدول الغازية، نظرا لأنها تحتل المركز الـ21 عالمياً باحتياطات تقدر بحوالي 54.6 تريليون قدم مكعب، وفق ما أشارت إليه بيانات شبه رسمية.

تابعونا على

Related Articles

Back to top button