متابعات إخبارية

أطفال لبنان يواجهون مستقبلاً مجهولاً


لا تعرف رنا الحريري متى ستتمكن من إعادة أطفالها إلى المدرسة، حيث تضع الأزمة الاقتصادية الطاحنة في لبنان مصير التعليم العام في حالة من عدم اليقين، حيث أدى نقص التمويل للنظام المدرسي إلى إضرابات المعلمين المتكررة وإغلاق المدارس، ما أدى إلى انسحاب الأطفال بشكل متزايد من نظام التعلم الرسمي، وفي بعض الحالات إجبارهم على العمل، حسبما ذكر موقع “المونيتور” الأميركي.

انهيار المؤسسات

وتقول الحريري (51 عاماً) إن ابنتها آية البالغة من العمر تسع سنوات تسألها مراراً وتكراراً: “متى سأعود إلى المدرسة؟ لكني لا أعرف ماذا أقول لها”.

وتنهار المؤسسات العامة في لبنان منذ انهيار الاقتصاد في أواخر عام 2019، مما دفع معظم السكان إلى الفقر ووجهت ضربة قوية للمدارس الحكومية، حيث  أضرب موظفو القطاع العام، بما في ذلك المعلمون، مراراً وتكراراً مع انهيار قيمة رواتبهم بعد أن فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98 في المئة من قيمتها مقابل الدولار.

وقالت الحريري: “بقي أطفالي في المنزل لمدة ثلاثة أشهر العام الماضي بسبب الضربات”.

وكانت رنا الحريري تتمنى أن تصبح ابنتها منة البالغة من العمر 14 عاماً طبيبة في يوم من الأيام، لكن الآن، “آمل فقط أن تتمكن من الذهاب إلى المدرسة في المقام الأول”، قالت وهي تجلس في منزل صديقتها محاطة بأطفالها الأربعة.

وأضافت: “على مدى السنوات الأربع الماضية، فشل المعلمون في تأمين حقوقهم، في حين يفتقد أطفالنا التعليم الأساسي”.

غضب شعبي

وأكد الموقع الأميركي، أن معلمي القطاع العام يحصلون على ما يعادل 150 إلى 300 دولار شهرياً، في حين دقت وزارة التعليم ناقوس الخطر بشأن نقص التمويل.

وخرجت الحريري بغضب إلى الشوارع، واحتجت إلى جانب المعلمين الذين طالبوا بتحسين الأجور خلال اعتصام في سبتمبر، ومن المقرر أن يبدأ العام الدراسي في أوائل أكتوبر، ولكن وسط عدم اليقين بشأن تاريخ البدء، بدأ ابناها، البالغان من العمر 13 و17 عاماً، العمل مع والدهما، الذي يعمل سباكاً، وفي الوقت نفسه، أُجبرت بناتها على الانتظار في المنزل.

وقالت وهي تتنهد: “أريدهم أن يحصلوا على شهادة جامعية… لكن هذا البلد يقتل مستقبلهم، التعليم العام “في خطر”.

وأوضح الموقع أنه منذ عام 2019، يعاني الأطفال “من اضطراب مدمر في تعليمهم”، وفقا لوكالة الأمم المتحدة للطفولة.
ويتزايد تسرب الأطفال من المدارس نتيجة للأزمة.

تُعزى الاضطرابات إلى الأزمة الاقتصادية ووباء فيروس كورونا والانفجار المميت الذي وقع عام 2020 والذي هز ميناء بيروت والإضرابات التي أدت إلى إغلاق المدارس.

وقالت منظمة اليونيسف في لبنان إن “عدداً متزايداً من العائلات” لم تعد قادرة على تحمل “تكلفة التعليم بما في ذلك النقل إلى المدرسة والغذاء والكتب المدرسية والقرطاسية والملابس”.

ووجدت اليونيسف في تقرير صدر في يونيو أن ما لا يقل عن 15 بالمائة من الأسر سحبت أطفالها من المدارس، مقارنة بـ 10 بالمائة قبل عام.

وقال التقرير إن واحدة من كل 10 عائلات اضطرت إلى إرسال أطفال، لا تتجاوز أعمارهم في بعض الأحيان ست سنوات، للعمل لتغطية نفقاتهم.

وقال عاطف رفيق، رئيس قسم التعليم في مكتب اليونيسف في لبنان، إن “البقاء خارج المدرسة يعرض الأطفال… للعنف… والفقر”، ويزيد من مخاطر زواج الأطفال بين الفتيات.

واشتكى وزير التعليم عباس الحلبي مرارا وتكرارا من مشاكل التمويل، محذرا في سبتمبر من أن “التعليم العام في خطر”.

كارثة جديدة

ووفقاً لتقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش، خفضت وزارة التعليم عدد أيام التدريس من 180 في عام 2016 إلى حوالي 60 في العامين الماضيين، “بسبب القيود المالية”.

وقال رمزي قيس، الباحث في شؤون لبنان في هيومن رايتس ووتش: إنه سنة بعد سنة، لم يكن لدى الوزارة “خطة” لتأمين الأموال اللازمة لتبقى المدارس مفتوحة دون انقطاع.

ووفقاً لتقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش، خفضت وزارة التعليم عدد أيام التدريس من 180 في عام 2016 إلى حوالي 60 في العامين الماضيين.

وقال لوكالة فرانس برس: “إذا أردنا أن نضيع عاما خامسا أو نتوقف، فسيكون الأمر كارثيا“.

ولكن على الرغم من النكسات، تدفق المزيد من التلاميذ على المدارس العامة في لبنان، حيث لم تعد الأسر قادرة على تحمُّل تكاليف التعليم الخاص.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى