سياسة

أردوغان وكيم وخامنئي


هناك عدد قليل من الشعب التركي، ومثله من العرب -أغلبهم من موالي فكر تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي- إضافة إلى نسبة قليلة من الرأي العام في الدول الغربية، ممن يعتقدون أن رئيس النظام التركي، رجب طيب أردوغان، ما يزال محافظاً على موقعه السياسي الداخلي والخارجي وأن بإمكانه أن يحقق مشروعه السياسي المتمثل في استعادة إرث الخلافة العثمانية وذلك من خلال توسيع نفوذه داخل عدد من الدول العربية. 

أردوغان انتهى سياسياً، وبقي الإعلان عن حالة وفاة نظامه؛ ففي داخل تركيا هناك حالة من الاضطرابات الاجتماعية تقودها القوى السياسية والأحزاب المعارضة له وصلت قبل يومين إلى تنظيم مسيرة من أجل المحافظة على الديموقراطية التي خربها غروره. وانتهى إقليمياً من خلال الإصرار على استعداء كل جواره الجغرافي المحيط به فأصبح معزولاً عن مجاله الذي يمكن أن يتحرك به من أجل تنفيذ مشروعه الاستراتيجي. وهو انتهى دولياً أيضاً، بسبب تحديه للدول الكبرى الولايات المتحدة وروسيا والتلاعب بينهما في مواقفه السياسية، مرة يميل إلى المواقف الأمريكية ومرة أخرى يحاول التقرب إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك بسبب استخدام أسلوب الابتزاز السياسي للدول الأوروبية والتدخل في شؤونها من خلال الأقليات التركية المنتشرة في تلك الدول خاصة ألمانيا.

يكمن سبب استمراره على رأس السلطة التركية، وبقاؤه في واجهة الأحداث السياسية العالمية في أنه تمكن من القضاء على حيادية المؤسسات ووظيفتها التقليدية، فلم تعد تركيا دولة المؤسسات البعيدة عن سيطرته والتي تستطيع إيقافه ووضع حد لطموحاته. وكذلك يكمن سبب بقائه في أنه لا يوجد أحد يريد التخلص منه في الفترة التي يبدو فيها الكل منشغلا بإعادة ترتيب أوراقه السياسية في المنطقة التي تعتبر من أهم المناطق في الاستراتيجية الدولية؛ وبالتالي يكون من المناسب للدول المتنافسة الاستفادة من مغامراته غير المحسوبة.

وعليه فإن مسألة القضاء عليه والتخلص من أفكاره تم تركها لثلاث حالات، الحالة الأولى: الاعتماد على ميدان السياسة والانتخابات التشريعية بعد أن تم القضاء على دور الرقيب لعلمانية الدولة المتمثلة في الجيش التركي بعد أن قام بافتعال مسرحية الانقلاب عليه في العام 2015. الحالة الثانية، الزج به في ملفات إقليمية وتوريطه سياسياً وعسكرياً لحين فقده للشرعية والقوة كما حدث مع نظام صدام حسين وحينها يكون القضاء عليه سهلاً، ولكن للأسف هذا السيناريو تبعاته كبيرة على المنطقة والعالم. الحالة الثالثة: الانتظار لحين يتسبب في حرب مع دولة إقليمية وبالتالي إنهاء غطرسته كشخص مسبب للقلق، والتخلص من أفكاره والأوهام التي يروجها بين الحين والآخر باتت تتكاثر في منطقتنا وتهدد مستقبل الاستقرار في العالم وتتلاعب بمشاعر الناس وعواطفهم مثل: إعادة دولة الخلافة وتحرير القدس.

وكي لا يلوم أحد نفسه، فإن أردوغان هو الذي أصاب نفسه في مقتل أكثر من مرة منها: عندما قرر أن يتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية لدعم الفوضى الأمنية وقام باستعداء أكبر دولتين عربيتين لهما وزنهما في الاستراتيجية الإقليمية والدولية هما مصر والسعودية ومحاولة زعزعة الاستقرار العربي بدءاً منهما ورغم فشله إلا أنه ما يزال يحاول من خلال حكومات (قطر والسراج) للوصول إلى هدفه.

وكذلك عندما قرر أن يستخدم الإرهاب والهجرة غير الشرعية لابتزاز الدول الأوروبية للوقوف معه ودعمه ضد الدول العربية أو السكوت عن أفعاله في المنطقة وفي دول آسيا الوسطى. أما المرة الثالثة فكانت، رفضه أية محاولات لإنقاذه من مغامراته السياسية التي لم تجلب له وللشعب التركي سوى المشاكل و “الصداع السياسي” سواءً في سوريا أو ليبيا، بل كان يعمل على التحريض بعدم إيقاف سياسة التقتيل فيها كما يفعل مع المبادرة المصرية حول الأزمة الليبية.

بات العالم أمام خيارين لتخليصه من مغامرات أردوغان وغروره السياسي. إما أن تتم مساعدة الشعب التركي والقوى السياسية المعارضة له وهي كثيرة تكاد تشمل كل تركيا لاستبداله بقيادة تركية جديدة، يمكن أن تستعيد تركيا من الأفكار التخريبية وترجع له مصداقيته، أو أن المجتمع الدولي سيكون أمام احتمال ظهور شخصية لا تقل في خطورة تهديدها لاستقرار العالم من تهديدات نظام كوريا الشمالي والنظام الإيراني.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى