أردوغان صديق تل أبيب أم عدوها؟
لا تتوقف المواقع الإلكترونية التابعة لوسائل إعلام مؤيدة لتركيا ومعها قطر عن تداول ونشر مواد دعائية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإظهاره على هيئة المنقذ الوحيد للقضية الفلسطينية، خاصة بعد هبوط أولى طائرات شركة “العال” الإسرائيلية في إسطنبول لنقل معدّات طبية إلى إسرائيل قبل عدّة أيام، بعد توقف رحلات الشركة إلى تركيا نحو 10 سنوات.
ومع أن السلطات التركية استقبلت الطائرة الإسرائيلية في موكبٍ علني رُفِعت فيه أعلام كلا البلدين في مطار اسطنبول الدولي، لكن وسائل الإعلام المؤيدة لأنقرة والدوحة تتهم دول أخرى بالتطبيع مع تل أبيب وتتناسى أنقرة، لذلك هناك أمور يجب تذكير هذه الوسائل “الإعلانية” بها مرة أخرى.
لنبدأ من حجم التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب، فقد بلغ 6 مليارات دولار العام الماضي، بعد أن كان حجم هذا التبادل قد بلغ بداية العقد الماضي 3 مليارات دولار، وهذا يعني أن العلاقات الاقتصادية التركية ـ الإسرائيلية تطوّرت على نحوّ كبير طيلة تلك السنوات، ويستحيل أن يتضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين بهذا الشكل مع وجود أزمة سياسية بينهما!.
وإلى جانب التبادل التجاري بين البلدين، لا يمكن نفي حقيقة حركة الطيران بينهما، فقبل تفشي فيروس كورونا المستجد في تركيا كانت تستقبل يومياً ما لا يقل عن 20 رحلة جوية من إسرائيل، هذا عدا عن أن تركيا هي الوجهة السياحية الأولى للإسرائيليين من بين كلّ دول العالم، وفق ما تشير آخر جداول شركات الطيران.
ورغم أن وسائل الإعلام الداعمة لأردوغان تصوّره كعدوٍّ لدود لإسرائيل، إلا أن هذا الأمر غير صحيح بتاتاً، ومع أنه لا يتجاهل القدس في خطاباته ويصفها بخطٍ أحمر، لكنه كان أول من اعترف بها كعاصمة لإسرائيل حتى قبل أن يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ذلك .
ففي أغسطس /آب 2016 صادق البرلمان التركي على “تطبيع العلاقات مع إسرائيل”، بعد اتفاقٍ بين البلدين منتصف العام نفسه، وأظهرت وثائق مسرّبة بعد ذلك أن الاتفاق تمّ بين “أنقرة والقدس” بدلاً من أن يكون بين “أنقرة وتل أبيب”، وهذا يعني أن أنقرة اعترفت بالقدس كعاصمة لإسرائيل قبل واشنطن بسنوات، وهو أمر تأكّده معظم أحزاب المعارضة التركية خاصة اليسارية منها.
وتلا توقيع تلك الاتفاقية بين الطرفين عودة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها، حيث جرى تبادل السفراء بين البلدين، واستأنفت على إثرها سفارة إسرائيل في أنقرة عملها، وكذلك فعلت قنصليتها في اسطنبول بعد أن تنازلت أنقرة عن شرطها الأساسي بموجب تلك الاتفاقية.
كما أن عودة التنسيق الأمني والاستخباراتي بين أنقرة وتل أبيب كان من بين أهم بنود الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، ويشمل هذا التعاون صيانة طائرات حربية تركية، والعودة لعقد صفقات أسلحة بين الجانبين.
ولذلك، لا يمكن أبداً وصف أنقرة كعدوٍ لتل أبيب، فهي حليفتها كما تشير الحقائق وأمام هذه الوقائع كلّها يجب أن يدرك داعمو أردوغان في العالم العربي أنه صديق إسرائيل الوحيد في المنطقة ولم يكن عدوها يوماً.