سياسة

أردوغان.. ديكتاتور الحقيقة وسلطان الخيال


نادية التركي

كشف تقرير نشرته البي بي سي وأعده مراسل الهيئة البريطانية في إسطنبول مارك لوين أنه في دولة مثل تركيا، حيث تنتشر نظريات المؤامرة، يصعب التمييز بين الحقيقة والخيال.

كما جاء في تقرير البي بي سي أن تركيا تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث انتشار الأخبار الزائفة، حسب تقرير الأخبار الرقمية لرويترز.

وأخذت الصحف التركية منذ فترة مكان المتحدث الرسمي للحكومة التركية، وهذا الدور الذي لعبته خاصة في قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي مؤخرا.

وتضمن التقرير معلومات عن وسائل تقصي الحقائق في تركيا، وعدم توفقها في أداء دورها ونقل التقرير، أن خبيرا في محاولة لتقصي الحقائق قال إنه “لا توجد حرية تعبير في تركيا، فحتى مواقع تقصي الحقيقة تستخدم كدعاية، فهي سلاح آخر في يد الحكومة”.

ولا تدخر الحكومة التركية جهدا في السيطرة على الإعلام وتوجيهه من أجل تحقيق مآربها في الداخل والخارج.
ومن أهم مقاييس تقييم الدول وحرياتها هي استقلال القضاء وحرية الإعلام، وفي تركيا تحكم حكومة أردوغان قبضتها على هذين الجهازين.
تبين وبالمكشوف أن الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، يمثل الديكتاتورية تحت غطاء الشرعية والديمقراطية المشروطة التي يدير بها نظامه.

رئيس يحرم شعبه من التعبير ومعارضيه من التفكير، وكل همه أن يحقق حلمه الطفولي النزعة، وأن يتحول إلى سلطان يدير عقول الأحرار ليس في حدوده الترابية فحسب، بل في منطقتنا العربية والعالم الإسلامي.

ولتأكيد أن هذه الحقائق لم تأت من فراغ ما علينا إلا النظر في العوامل التالية:
– أردوغان يرفض وجود الأكراد، ولاحقهم من العراق إلى سوريا، ولو كان الأمر بيده لأقام إبادة جماعية لهم، وهو لا يفوت فرصة إلا وبين عداءه وإصراره على التخلص من أقلية لم تطالب إلا بمساواتها بالحقوق مع الشعوب التي تعيش معها، وتحقيق ذاتها وكيانها والمحافظة على ثقافتها.

– انقلب على حليفه الذي يحمل تفكيره الإخونجي فتح الله كولن، بعد أن اكتسب الأخير شعبية أكثر في تركيا، شعبية أخافت أردوغان الذي انقلب على حليفه، واتهمه بتنظيم انقلاب 2016، والذي استمد منه شرعيته لقمع الإعلاميين والمفكرين، وإغلاق المؤسسات التربوية والخيرية في تركيا، وإلى الآن وبعد مرور أكثر من سنتين على المحاولة الانقلابية المزعومة ما زال أردوغان يستغلها لقمع الحريات الداخلية والمساومات الخارجية، ولا يدخر جهدا لاستجلاب غريمه “الحليف السابق” للانتقام منه، على طريقة سلاطين القصور الذين يعيش في ذهنه على أنه واحد منهم.

– فتح الحدود التركية لدواعش سوريا والعراق مقابل نهب ثروات البلدين وتهريب مصانع بمنتوجاتها وآلياتها إلى ترابه، الذي يعتقد ويؤمن أنه ملك ورثه عن الأجداد ولا حق لأي توجه تركي أو معارض فيه.
– التحالف مع إيران على اختلاف الإيديولوجيات العقائدية والسياسية، إلى جانب التحالفات مع الروس حول مصالح مشتركة في سوريا، والتحالف مع قطر التي كانت تعتبر جزءا من حلف الأعداء -يعكس انتهازية هذا الرجل.

– الدور الذي يصر على لعبه فيما تيسر له من دول شمال أفريقيا بين تونس وليبيا لم يقصر أردوغان في محاولات لتكريس إيديولجياتها، ليس لمصالح هذه البلدان أو من يحاول مسك زمام الأمور فيها من الإخوان، بل ليعدها بسهولة للانضمام تحت رايات العثمانيين الذي يؤسس لعودة إمبراطورية الأجداد المهزومة.

توظيف أردوغان لوسائل الإعلام وأجهزة القضاء لن يستمر طويلا، فالشعب التركي المتشبع بمبادئ كمال أتاتورك، والمنفتح على العالم وما حققه من تقدم خلال القرن الماضي وقبيل إحكام قبضة الحزب الإخونجي على السلطة، كل هذه العوامل إضافة إلى تردي مستوى المعيشة، والتراجع المستمر لليرة التركية خلق وعيا موازيا رافضا توجيه الرأي العام في تركيا لصالح رئيسها الديكتاتور الذي لا يعمل سوى لمصلحته، وفي الوقت الذي يعيش فيه هو وعائلته أقصى حالات البذخ ينصح شعبه بالتقشف، ويتدخل في خبراء الاقتصاد ليستمر في العمل على عكس مصلحة بلاده.

المتوقع قريبا وفي أول فرصة يحصل عليها الشعب هو التمرد على السلطان في ذهنه، الرئيس في وظيفته، لاسترجاع تركيا الحرة كما يريدها أغلبية الشعب الذين يريدون أيضا علاقات سلام وتعاون مع الدول المجاورة.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى