أحد مستشاري الرئيس الإيراني يصرح: “لسنا مثل العراق ولبنان”


إيران ليست العراق أو لبنان” هكذا قال أحد مستشاري الرئيس الإيراني حسن روحاني في تغريدة له على موقع تويتر، وذلك في إشارة إلى أن الاحتجاجات التي قد هزت أركان البلدين لن تفعل ذات الشيء في بلاده، غير أن بعض الوقائع على الأرض تشير إلى عكس ذلك.

وكان قد خرج الإيرانيون إلى الشوارع في عدد من المدن الإيرانية محتجين على قرار صدر الجمعة الماضية برفع أسعار الوقود. حيث تضمن القرار رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا من البنزين يتم شراؤها كل شهر، و300 بالمئة لكل لتر إضافي كل شهر. وقد اندلعت المظاهرات في 100 منطقة في نحو 20 مدينة في إيران خلال 48 ساعة فقط بعد الإعلان عن القرار.

ومن جانبه، فقد قال حسام الدين آشنا، وهو مستشار الرئيس الإيراني، في تغريدته على تويتر بأن إيران ليست العراق أو لبنان، والسفارة الأميركية في طهران أيضا مغلقة منذ سنين طويلة. لن نسمح لوسائل الإعلام العميلة بتحديد مصيرنا. غير أن الوضع في الواقع يقول عكس ما تدعيه طهران، وفيما يلي 4 أوجه تشابه بين الوضع في إيران وكل من العراق ولبنان.

الاقتصاد.. الشرارة

لقد كانت أسعار البنزين هي المحرك الرئيسي للاحتجاجات التي اندلعت في طهران وكبرى المدن الإيرانية، حيث يمثل الوقود سلعة أساسية للمواطنين الإيرانيين الذين يعتبروا المساس به مثل المساس بماء الشرب. كما يعاني الاقتصاد الإيراني تدهورا كبيرا إثر تبديد الميزانية في مغامرات عسكرية في الخارج ودعم ميليشات في العراق ولبنان وسوريا واليمن. إلى جانب عقوبات اقتصادية أميركية قد ضربت القطاع النفطي الحيوي وقطاعات المصارف والصناعات الثقيلة والشركات والمؤسسات التابعة للحرس الثوري. المظاهرات تعكس أيضا الغضب واسع النطاق بين 80 مليون شخص في إيران يرون مدخراتهم تتبخر وسط قلة الوظائف، وانهيار العملة الوطنية، الريال.

أما في العراق، تشهد البلاد حراكا شعبيا احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، كما يمتلك العراق ثروة نفطية هائلة، غير أن الفساد يلتهم عوائد النفط سنويا ولا يترك للموازنة العامة ما يكفي للإنفاق على الخدمات والاستثمارات والوظائف. ويأتي أيضا في المرتبة الـ13 بين الدول الأكثر فسادا في العالم، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية.

فيما يتعلق بلبنان، فقد انطلقت شرارة الاحتجاجات بعد أن قررت الحكومة وضع ضرائب على مكالمات الإنترنت، لتفتح الباب أمام غضب يغلي منذ فترة ضد الأداء الاقتصادي وتفشي البطالة. ويعتبر لبنان ثالث أكثر الدول مديونية في العالم بحيث تتجاوز نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي 150 بالمئة، ومن المتوقع أن ترتفع إلى بحلول نهاية العام، فيما يبلغ إجمالي الديون المستحقة على لبنان نحو 86 مليار دولار. غير أن إيران التي لا ترى نفسها مثل العراق ولبنان، فقد استنزفت عائداتها النفطية في الإنفاق العسكري.

ووفق تقرير صدر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، فقد بلغ الإنفاق العسكري الإيراني عام 2018 نحو 13 مليار دولار. وبالرغم من ارتفاع معدل التضخم إلى 40 بالمئة وانخفاض الناتج المحلي، فالتقرير يشير إلى سحب طهران مبالغ ضخمة من احتياطي العملة الأجنبية، للإنفاق على تطوير الصواريخ الباليستية والطموحات العسكرية الإقليمية.

في حين قد كتبت السفارة الأميركية في بغداد في أبريل الماضي، على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك : يستشري الفساد في جميع مفاصل #النظام_الإيراني، بدءا من القمة فممتلكات مرشد النظام علي #خامنئي وحده تقدر بـ200 مليار دولار، بينما يرزح كثير من أبناء الشعب تحت وطأة الفقر بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه #إيران بعد أربعين عاما من حكم الملالي.

تكتيك المتظاهرين

الأسلوب الذي ينهجه المتظاهرون في إيران هو ذاته الذي اتبعه الغاضبون في بيروت وبغداد باللجوء إلى إغلاق الطرق بالإطارات المحترقة، في مسعى لشل الحركة في البلاد وممارسة ضغط احتجاجي كبير على السلطات. وقد شوهدت أعمدت الدخان مرتفعة وسط شوارع مدن أصفهان وكرمنشاه وبوشهر، بعدما احتلتها الإطارات المحترقة. بينما تخشى السلطات من شل حركة البلاد، نظرا لكونه يعطي انطباعا للخارج بأن النظام غير قادر على ممارسة سلطته في الشارع.

والذي يلفت النظر في المظاهرات الإيرانية، أنها قد اندلعت على نطاق واسع في وقت شبه متزامن في مدن عديدة، متخلية بذلك عن فكرة الاعتصام في ميدان أيقوني وهو ما حدث في العراق عندما امتدت التظاهرات سريعا من بغداد إلى المحافظات الجنوبية، الأمر الذي شهده لبنان بمظاهرات في بيروت وطرابلس والبقاع والعديد من المدن الحيوية بالتزامن. ويصعب هذا التكتيك على قوات الأمن السيطرة على الاحتجاجات أو ضرب الروح المعنوية للمحتجين عبر فض اعتصامهم من منطقة محددة.

سقف المظاهرات

وكالذي حدث في العراق ولبنان، فقد تحولت المظاهرات في إيران من احتجاجات اقتصادية الطابع إلى مطالبات واسعة بإسقاط الطبقة الحاكمة. وهذه ليست المرة الأولى التي تتحول فيها الاحتجاجات المطلبية إلى انتفاضة غضب ضد النظام السياسي في إيران، غير أن المحتجون قد بدأوا مباشرة بحرق صور المرشد علي خامنئي بالبنزين الذي قامت الحكومة برفع أسعاره.

كما يخشى النظام الإيراني من أن تمتد الاحتجاجات اللبنانية والعراقية إليه، نظرا لأنه بقوة فيهما عبر ميليشيات حزب الله في لبنان وفصائل الحشد الشعبي في العراق. وقد أغلق العراق يوم السبت حدوده الجنوبية مع إيران أمام المسافرين بعد طلب من إيران، بسبب الاحتجاجات المستمرة في كلا البلدين.

القمع الأمني

قدمت إيران النصح إلى العراق باستخدام القوة لقمع الاحتجاجات الشعبية التي سقط فيها أكثر من 300 قتيل. وقد اتفقت القوى السياسية في العراق في حضور قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على ضرورة الإبقاء على السلطة الحالية، حتى وإن اضطر الأمر إلى استخدام القوة لإنهاء الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام. غير أن النصيحة الإيرانية لم تأت بأي نتيجة في صالح السلطة الموالية لطهران.

وقد حدث ما كان النظام الإيراني يخشاه، وامتدت روح الاحتجاجات إلى الداخل الإيراني مع أول قرار يمس المواطنين الذين يعانون السياسيات الاقتصادية للنظام وإهداره المال على دعم الميليشيات المسلحة في المنطقة.

كما لم تنتظر السلطات الإيرانية كثيرا قبل أن تستخدم الرصاص الحي مباشرة ضد المتظاهرين في معظم المدن، واعتقلت ما يزيد على ألف متظاهر، ساعية لوأد الاحتجاجات بالطريقة المعتادة، وهي استخدام أقصى درجة عنف لإحداث صدمة خوف بين المتظاهرين وإجبارهم على عدم النزول إلى الشارع.

وبالرغم من ذلك، تتسع دائرة الاحتجاجات الغاضبة في إيران بينما يواصل المتظاهرون في طهران حرق صور المرشد، مثلما فعل المحتجون في شوارع بيروت وبغداد.

Exit mobile version