في “الاستعمار” التركي لشمال سوريا


للاستعمار وجوه وأشكال كثيرة، تتراوح بين الاحتلال العسكري المباشر، والسيطرة الاقتصادية والأمنية، والإحلال الثقافي والسياسي، وهو في اختياره لهذا الشكل أو ذاك له علاقة باختلاف الظروف ووجود الضرورات، لكن له جوهر واحد، يكمن في السيطرة التي تمارسها دولة على شعب آخر والتحكم بمصيره، لأهداف ومشاريع سياسية.

ولعل هذا ما تقوم بها تركيا بالضبط تجاه بعض الدول العربية في يومنا هذا، فمزاعم أردوغان بأن بلاده لا تنوي الاحتفاظ بأراض سورية، وأنها حريصة على وحدة الأراضي السورية، تدحضها المعطيات والحقائق والوقائع والإجراءات التي تقوم بها السلطات التركية يوما بعد آخر في المنطقة الممتدة بين إدلب وجرابلس وصولا إلى رأس العين في الشمال السوري، فاستراتيجية خطوة خطوة التي تتبعها هذه السلطات تحولت إلى احتلال مباشر، بات يحفر مجراه عميقا على الأرض السورية، هوية ووجودا ومصيرا.

لعل من يتابع خطوات تركيا في الشمال السوري عقب العمليات العسكرية الثلاثة التي قامت بها ( درع الفرات – غصن الزيتون – نبع السلام )، لا بد أن يرى كيف تحولت تركيا إلى الاحتلال المباشر لهذه المناطق، ومن أهم المؤشرات في هذا المجال:

في الواقع، التصريحات التركية بشأن الحرص على وحدة الأراضي السورية تتناقض مع ما تقوم به على أرض الواقع من إجراءات عملية، ولعل إرسال المزيد من القوات والمعدات إلى هناك يثير السؤال عن الحاجة لها ؟ وما تخطط له ؟ هل ذلك تحضير لحرب جديدة أم لوجود دائم في إطار فرض سياسة أمر الواقع؟ لقد فعلت تركيا ذلك سابقا في منطقة لواء اسكندرون التي أطلقت عليها اسم هاتاي وكذلك في شمال قبرص .. إنه الروح الاستعمارية التركية التي تنبثق من إرث العثمانية لإعادة السيطرة التركية على شمال سوريا والعراق وصولا إلى طرابلس الغرب في ليبيا.

نقلا عن العين الإخبارية

Exit mobile version