سياسة

جرائم ضد الإنسانية في سجون سرية وأقبية تعذيب تابعة لميليشيات الحوثي


أكدت ناشطات يمنيات ومعتقلات سابقات في تحقيق مطول ومفصل لوكالة الأسوشييتد برس، وجود شبكة من السجون السرية، وأقبية التعذيب، التابعة لميليشيات الحوثي إذ تقبع في حي تعز بصنعاء، مموهة بين مدارس وبيوت، ولا يمكن للمرء أن يتصور بأنها تضم عشرات النساء اللواتي يخضعن لانتهاكات الميليشيات اليومية من اغتصاب وضرب وتعذيب.

تحكي من جانبها الناشطة سميرة الحوري، والتي تم اعتقالها لمدة 3 أشهر في السابق من طرف الميليشيات قبل أن يطلق سراحها وتفر إلى مصر، وذلك بعدما أجبرتها الميليشيات على الإقرار في مقطع مصور بأنها كانت تمارس الدعارة وهذه التهمة تفضي إلى النبذ وحتى الموت في اليمن، تجربتها المريرة داخل تلك الأقبية، حيث أكدت بأنها لا تزال تسمع حتى الآن أصوات صراخهم.

كانت سميرة، البالغة من العمر 33 عاماً، تستغرب كيف كانت كلما سألت إحدى العائلات في صنعاء عن مصير قرينات لها في العمل الاجتماعي، يأتي الجواب دوما مطابقاً إنها مسافرة، إلى حين أنها اكتشفت في فجر أحد الأيام، كيف يكون السفر إلى أقبية العذاب والضرب والاغتصاب.

لقد حكت في التحقيق كيف تم اصطحابها من طرف عناصر من ميليشيات الحوثي إلى قبو مدرسة سابقة، إذ رأت الزنازين القذرة تعج بالمحتجزات، وأكدت أيضا بأن المحققين اعتدوا عليها بالضرب المبرح وتعرضت لصدمات كهربائية، وأمعنوا في تعذيبها النفسي، حتى أنهم قاموا بإعلان موعد لإعدامها وألغوه في اللحظة الأخيرة.

وأشارت إلى أنه كان واضحاً جداً أن السيدات اللواتي تجرأن على الانشقاق أو حتى مجرد العمل في المجال العام، تحولن إلى أهداف حملة قاسية ومتصاعدة من قبل الحوثيين.

رفضت الوشاية

قالت الحوري، والتي نجحت في البقاء على قيد الحياة بعد ثلاثة شهور في مركز الاحتجاز: مر كثيرون بظروف أسوأ من ظروفي بكثير، وأوضحت أيضا بأنها عندما رفضت طلباً من مسؤول حوثي للوشاية بالنشطاء الآخرين، قام زمرة من الرجال المقنعين المدججين بالكلاشينكوف باختطافها في يوليو 2019، كما لو كنت أسامة بن لادن، على حد وصفها.

 

هذا وتعرضت الحوري للاحتجاز داخل دار الهلال، وهي مدرسة مهجورة في شارع تعز، إذ كان معها حوالي 120 امرأة بينهن بارديس الصايغي، وهي شاعرة بارزة كانت تلقي أشعاراً حول قمع الحوثيين.

وأفادت الحوري بأن المحتجزات كان بينهن مدرسات وناشطات بمجال حقوق الإنسان ومراهقات، وتابعت بأن المحققين قد قاموا بخبط رأسها في طاولة بشدة لدرجة أنها احتاجت لإجراء جراحة في إحدى عينيها حتى تتمكن من الرؤية بشكل طبيعي من جديد بعد إطلاق سراحها بعد ذلك بشهور.

اعتقال واغتصاب

وإلى جانب الحوري، هناك اعتقالات أخرى للنساء في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ رأت رشا جرهوم، مؤسسة مبادرة مسار السلام والتي تدعو لضم النساء إلى المحادثات بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية: هذا أكثر العصور ظلاماً للمرأة اليمنية. لقد جرت العادة أن توقيف شرطة المرور لسيدة يعد أمراً مشيناً.

في حين أن التقديرات تدل على أن ما يتراوح بين 250 و300 امرأة محتجزات حالياً داخل محافظة صنعاء وحدها، حسب ما صرحت به العديد من المنظمات الحقوقية، كما أوضحت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر بأن ثمة احتمالاً أن تكون هذه التقديرات أقل من العدد الحقيقي، وتوجد صعوبة أكبر في تقدير أعداد المحتجزات داخل المحافظات والأقاليم الأخرى الخاضعة للحوثيين.

وفي نفس الصدد، وحسب ما قدرت نورا الجوري، رئيسة ائتلاف نساء من أجل السلام في اليمن، فإن ما يزيد على 100 امرأة محتجزات داخل محافظة ذمار جنوب العاصمة، والتي تمثل نقطة عبور كبرى من المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية إلى الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون.

بينما وثقت من جانبها الجوري، والتي تقوم بتولي إدارة مجموعة دعم غير رسمية في القاهرة تتعامل مع السيدات اللواتي أطلق سراحهن من سجون الحوثيين، 33 حالة اغتصاب و8 حالات لسيدات دمرهن التعذيب.

تناوبوا على اغتصابها

إلى ذلك، فقد التقت أسوشيتد برس بست محتجزات سابقات قد نجحن في الهروب خارج اليمن إلى القاهرة قبل أن يتسبب وباء كورونا في وقف الرحلات الجوية وإغلاق الحدود، حيث تمكن من حكاية قصص يدعمها تقرير صدر قبل وقت قريب من لجنة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة، أوضح بأن الانتهاكات الجنسية التي تتعرض لها المحتجزات قد تصل إلى مستوى جرائم الحرب.

وروت بذلك إحدى السيدات، وهي مدرّسة تاريخ سابقاً حيث رفضت كشف اسمها لحماية أسرتها في اليمن، بأنه قد تم القبض عليها في خضم حملة واسعة ضد التظاهرات في ديسمبر 2017، واقتيدت بعد ذلك إلى مكان ما في ضواحي صنعاء، لا تعلم أين يقع على وجه التحديد. وكانت تسمع فقط نباح الكلاب ليلاً، ولم تسمع ولا حتى صوت أذان الصلاة: حيث قالت: كنت بعيدة للغاية، وكأني سقطت خارج الأرض.

وتابعت القول بأن حوالي 40 سيدة كن محتجزات داخل الفيلا، وبأنها تعرضت للتعذيب على أيدي المحققين، حتى أنهم قاموا بنزع أظافر الإصبع الصغرى في قدمها، كما أخبرها ثلاثة ضباط مقنعين في أكثر من مرة بأن تصلي وقالوا لها إنهم سيطهرونها من الإثم، وتناوبوا بعد ذلك على اغتصابها، في حين تولت حارسات تقييدها ومنعها من الحركة.

حوثي يغتصب السجينات

وتولى من جهته رئيس قسم التحقيقات الجنائية لدى الحوثيين، سلطان زابن، إجراء التحقيقات داخل المدرسة، وفق ما ذكرت الحوري والصايغي، وقالتا بأنه في بعض الليالي كان زابن يصطحب الفتيات الجميلات والصغيرات إلى خارج المدرسة لاغتصابهن، وأشارت في هذا السياق لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة إلى زابن باعتباره يتولى إدارة موقع احتجاز لم يكشف عنه تتعرض فيه نساء للاغتصاب والتعذيب.

وأوضحت أيضا الجوري وعدد من المحتجزات سابقاً بأن اثنتين على الأقل من الفيلات في شارع تعز قد تم استخدامهما في احتجاز النساء، فضلا عن مواقع أخرى حول العاصمة، منها شقق صودرت من سياسيين منفيين، مستشفيان وخمس مدارس.

الشرعية تناشد الجنايات الدولية

والجدير بالذكر أن وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني، قد ناشد قبل يومين وعلى ضوء تلك الشهادات محكمة الجنايات الدولية من أجل التحقيق في جرائم المعتقلات الخاصة للنساء في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية وتقديم المتورطين فيها للمحاكمة باعتبارها جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى