سياسة

تسريبات تفضح تناقضات حمد بن جاسم


لقد اعتاد الجميع على إطلالات رئيس الوزراء القطري الأسبق حمد بن جاسم عبر حسابه في موقع تويتر في ثوب الشيطان يعظ، وهو متقمص شخصية الناصح الأمين، لكن تغريداته مؤخرا بخصوص قضايا الإعلام في العالم العربي استفزت العديد من الإعلاميين والنشطاء، ليس فقط لأنها تحمل في طياتها التناقضات والازدواجية والانفصام، بل لأنها جاءت بعد أيام فقط من الكشف عن تسجيلات صوتية مسربة تكشف قيامه بما يوجه انتقادات بشأنه.

إن حمد، الذي يعرف بأنه مهندس المؤامرات، وعراب الفوضى، ورائد سياسات الفتنة، يرثي لحال الإعلام العربي الذي توجهه الحكومات، فيما جرى قبل أيام فقط نشر تسريبات بصوته وهو يتفق على توظيف قناة الجزيرة التي أسسها بهدف تسويق أجندته العدائية الداعمة للإرهاب ونشر الفتنة والاضطرابات في المنطقة.

إنه يأسف لحال الإعلام العربي الذي لم يناصر القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تذيع شاشات الجزيرة مسؤولي إسرائيل آناء الليل وأطراف النهار، وقد كان رئيس استخباراتها في زيارة لبلاده قبل أسابيع، إذ أنه لا يخجل في أي لقاء، بمناسبة وبدون مناسبة، من الدعوة للتطبيع مع إسرائيل.

إلى جانب أنه كان عراب التطبيع، وسياساته إلى جانب حمد بن خليفة أمير قطر السابق- والتي ينهجها الأمير الحالي تميم بن حمد حتى اليوم، وقد أسهمت في تكريس الانقسام الفلسطيني.

تغريدات بن جاسم

 

وجاء في تغريدة حمد بن جاسم بن جبر حال أغلب الإعلام العربي المسموع والمقروء والمرئي، وقال بأن الإعلام في معظم الدول العربية ينطق بما تفرضه الحكومة وبما تمليه من توجهات حيال الأحداث في العالم العربي وفي العالم كله.

مضيفا بأن الحال هبط إلى ما دون مستوى القاع، فأخذت الحكومات تجيش جيوش الذباب الإلكتروني وتطلق لها العنان لتغرد بكل كذب ومنكر وتزوير للواقع.

 

وأوضح أيضا بأنه تحت طائلة إرهاب الحكومات والقوانين التعسفية قيدت الحرية المسؤولة للإعلام التي تبتغي الإصلاح والتطوير دون فوضى، وأصبحت وسائل الإعلام العربية أبواقا تحارب الإسلام وتناصر إسرائيل وهي تصادر الأراضي الفلسطينية، وترفض تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

كأنما يغرد عن قطر

 

على الرغم من توجيهه تلك الانتقادات للإعلام العربي والحكومات العربية يحاول حمد أن يبعد إعلام بلاده من تلك الاتهامات وينزهها، غير أن من يدقق في تغريداته يلاحظ مليا بأنه كما لو كان يتحدث عن قطر وحكومتها وإعلامها.

لقد جاء رثاؤه للإعلام الذي ينطق بما تفرضه الحكومة وبما تمليه من توجهات، بعد مرور أيام فقط من تسريبات جديدة تؤكد الإشراف المباشر على قناة الجزيرة من قبله ومن قبل أمير قطر السابق حمد بن خليفة، وهما معا لا يزالان يقومان بهذا الدور حتى اللحظة.

هذا وتدحض تسريبات مزاعم قطر بخصوص استقلالية قناة الجزيرة، وتؤكد أيضا بما لا يدع مجالا لأي شك ارتكاب تنظيم الحمدين الحاكم في قطر أسوأ جريمة في حق الإعلام، وذلك باستخدامه في غير أهدافه الحقيقية، والقيام بتوظيفه لتسويق أجندته العدائية الداعمة للإرهاب ونشر الفتنة والاضطرابات في المنطقة.

ومن جانبه، نشر المعارض القطري خالد الهيل في الشهر الماضي، تسريبين لحوار بين حمد بن خليفة وحمد بن جاسم من جهة والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي من جهة أخرى، حيث في أحدهما، قال القذافي بأن الجزيرة متوقفة خلال تلك الفترة عن الهجوم على السعودية، بينما يرد عليه بن جاسم متفقا معه وقال هو الآخر: أمهلونا شوية.

إلى ذلك، علّق الهيل على التسريب واعتبر بأنه يكشف تدخل الحمدين بشكل مباشر في سياسة الجزيرة ويبين مدى خبث حمد بن خليفه وحقده على السعودية، فيما يكشف التسريب الآخر عن وجود اتفاق بين الحمدين والقذافي على طبيعة تغطية قناة الجزيرة للوضع الليبي، بل أيضا وقيام الجانبين بتخصيص منسقين في الدولتين لهذا الأمر.

ويظهر بأن هذا الحوار يدور بشأن وجود مواد بثتها الجزيرة، إذ تباين فيها اتفاقًا بين قطر وليبيا بخصوص ذلك الأمر وفق ما قاله القذافي في التسجيل، ويرجع الحمدين هذا الأمر لعدم رد المنسق الذي اختاره القذافي على اتصالات الجانب القطري، فيما يرد القذافي بأنه سينبه عليه في هذا الأمر بالذات.

ومن جهة أخرى، رد حمد بن جاسم مقترحا على القذافي ومن معه، الاتصال مباشرةً على حمد بن ثامر، الذي أشرف على تأسيس قناة الجزيرة في العام 1996 ويتولى في الوقت الراهن منصب رئيس مجلس إدارة الشبكة.

إن كل هذه التسريبات تعتبر دليلا واضحا على إشراف الحمدين (حمد بن خليفة وحمد بن جاسم) المباشر على قناة الجزيرة، بل ورسم سياساتها وعقد صفقات بخصوص تغطياتها واستخدامها في مؤامرات لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، كما لا تزال قناة الجزيرة والإعلام المملول من قطر يتولى هذا الدور.

الذباب الإلكتروني.. ومذيعو الجزيرة

وبخصوص حديث حمد بن جاسم عن قيام الحكومات بتحضير جيوش الذباب الإلكتروني لتغرد بكل كذب وتزوير للواقع، قامت العين الإخبارية برصد في تقارير سابقة قيام قطر بتجييش ذبابها الإلكتروني وذلك بقيادة مذيعي الجزيرة من خلال حساباتهم في موقع تويتر مثل جمال ريان وفيصل القاسم وغادة عويس في تنظيم حملات أكاذيب وبهتان وافتراءات ولاسيما ضد الدول المقاطعة لها ( السعودية والإمارات والبحرين ومصر).

والجدير بالذكر أنه ومنذ أن قامت الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، في يونيو من عام 2017، بوقف العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع الدوحة، نظرا لدعمها للإرهاب، قامت من جهتها قناة الجزيرة وأتباعها من وسائل الإعلام القطرية أو الممولة منها، ومذيعوها عبر حساباتهم في تويتر بشن حملات افتراءات وأكاذيب ممنهجة ومنظمة تستهدف بالأساس الدول الأربع الرافضة لإرهاب قطر.

إن قناة الجزيرة والتابعون لها تستخدم استراتيجية جد خبيثة تكمن محاورها في تزييف الحقائق وتزوير التاريخ وتشويه الحاضر والتحريض الرخيص، ولم توفر القناة وأتباعها أي فرصة من محاولة استهداف تشويه أي إنجاز يتحقق في الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، واعتادت في نفس الوقت تقديم جميع أنواع الدعم للكيانات والمنظمات الإرهابية التي تنشر التطرف وتثير الفتن في المنطقة.

محاربة الإسلام ومناصرة إسرائيل

وفيما يتعلق باتهام حمد بن جاسم لوسائل الإعلام العربية بأنها أبواقا تحارب الإسلام وتناصر إسرائيل، فالأحداث على أرض الواقع تؤكد بأن أكثر من ناصر إسرائيل وتاجر بالقضية الفلسطينية هو قطر وإعلامها لا غير، وبأن أكثر من أساء للإسلام هو نظام الدوحة وجزيرته، وذلك بسبب دعمه الواضح للجماعات الإرهابية وأبرزها الإخوان ودفاعه عن القتلة والإرهابيين.

بالإضافة إلى ذلك، يعترف حمد بن جاسم آل ثاني في تسجيل صوتي مسرب جرى بثه مؤخرا، بسيطرة عناصر الإخوان بشكل كلي على قناة الجزيرة، كما يؤكد التسجيل ذاته بأن القناة تعتبر بمثابة ناطق باسم التنظيم الإرهابي، الأمر الذي يفسر الدفاع المستميت لها عن الإخوان وعملياتهم والسعي لترويج أفكار جماعة الشر الإخوانية بشكل شيء.

إلى جانب ذلك، عرفت الفترة الماضية سقطات عديدة، تفضح دعم القناة للإرهاب، إذ قبل أسابيع مجدت الجزيرة برودكاست قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، المصنف إرهابيا، والمتورط في إراقة دماء الكثير من الأبرياء في العالم، ولاسيما في سوريا واليمن والعراق ولبنان.

وبعد ذلك نشر الموقع الإلكتروني للجزيرة شهر ماي الماضي مقالا يدافع عن الإرهابي المصري هشام عشماوي، ويؤيد أفكاره، ويدافع أيضا عن الأعمال الإرهابية ويصفها بأنها مقاومة مسلحة.

ويشار إلى أن عشماوي قد جرى إعدامه في مارس المنصرم بعد إدانته بتهم قتل جنود وضباط والتخطيط لهجمات تستهدف كمائن لقوات الجيش والشرطة، واعترف بنفسه في فيديوهات مصورة له بارتكابها قبل أن يتم اعتقاله.

هذا وقد دعمت قناة الجزيرة، منذ أن أسست، جماعات الإرهابية علنا واستضافت قادتها من أمثال أبو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا على شاشتها للترويج لأفكارهم، ولم يطمئن مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هو الأخر في مقابلاته وترويج تصريحاته وتهديداته، إلا لقناة الجزيرة القطرية.

تاريخ مخز في التطبيع

إن تاريخ قطر تاريخ مخزفي التطبيع ، حيث قام أمير قطر السابق حمد بن خليفة بدعم من حمد بن جاسم بإقامة علاقات مع إسرائيل، بعد عام واحد من توليه الحكم، وجرى افتتاح المكتب التجاري في الدوحة من طرف رئيس الحكومة الإسرائيلي حينها شمعون بيريز عام 1996، الأمر الذي يدل على أنه أكثر من مكتب؛ إذ أن رئيسه كان لديه رتبة سفير في الخارجية الإسرائيلية.

وجرى أيضا التوقيع على اتفاقية لبيع الغاز القطري إلى إسرائيل، وإنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب، وأسهمت سياسات حمد بن خليفة في تكريس الانقسام الفلسطيني، ففي الوقت الذي أعلنت فيه حماس انقلابها على السلطة الفلسطينية عام 2007، وبسط سيطرتها على قطاع غزة والانفصال عن الضفة الغربية، أيدت الدوحة الخطوة ودعمتها ماليا ولا تزال حتى اليوم.

كما زار أمير قطر السابق، في أكتوبر الثاني عام 2012، قطاع غزة، وقامت حماس باستقباله استقبال الفاتحين بالرغم من معارضة الرئيس الفلسطيني لأي تعامل مباشر مع حماس، ووقتها قدم دعماً مالياً للحركة الإرهابية قيمته 450 مليون دولار تحت ستار مشروعات إعادة إعمار غزة، وبعد أن حصل ابنه تميم بن حمد الحكم على الحكم في يونيو 2013، نهج طريق أبيه، لتستمر قطر في تطبيعها مع إسرائيل وتكريس الانقسام الفلسطيني،

بينما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قيام رئيس الموساد يوسي كوهين، وقائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال هرتسي هاليفي بزيارة سرية لقطر فبراير الماضي، بهدف حثهم على الاستمرار في دعم حركة حماس.

وحسب ما أفادت به هيئة البث الإسرائيلي (مكان)، فقد التقى مدير الاستخبارات الإسرائيلية وقائد المنطقة الجنوبية في إسرائيل عدة مسؤولين قطريين بينهم رئيس جهاز الاستخبارات محمد المسند، وشارك في الاجتماع محمد العمادي المبعوث القطري إلى قطاع غزة.

في حين اعتبر من جهتهم مراقبون بأن طلب إسرائيل من الدوحة استمرار دعم حركة حماس الإخوانية يدل على العلاقة المشبوهة بين الأطراف الثلاثة، وتآمرهم على تصفية القضية الفلسطينية.

وفي السنوات الأخيرة نشطت الاتصالات القطرية-الإسرائيلية تحت غطاء بحث الأوضاع في قطاع غزة، واستقبلت العاصمة القطرية الدوحة العديد من المسؤولين الإسرائيليين، فضلا عن وفود وسط انتقادات داخلية وخارجية، وكانت السلطة الفلسطينية اشتكت عدة مرات من الاتصالات التي تقوم بها قطر مع جيش الاحتلال وحركة حماس.

عراب التطبيع.. بطل التسريبات

وكان بن جاسم ذاته بمثابة عراب التطبيع أثناء فترة عمله رئيسا للوزراء وزيرا للخارجية في عهد حمد بن خليفة وما يزال حتى اللحظة، وفي لقاء له مؤخرا، قال “وجهة نظري يجب أن تكون هناك علاقات واضحة مع إسرائيل، ويجب أن يكون هناك سلام مع إسرائيل ولكن يجب أن تكون له نتائج هو إعادة الحق الفلسطيني.

ويؤكد هذا التصريح على أن تنظيم الحمدين يدعو لتطبيع أولاً مع إسرائيل يتبعه إعادة تل أبيب الحق الفلسطيني، في مخالفة لما تدعو له مبادرة السلام العربية وكل العرب بضرورة إعادة الحق الفلسطيني أولاً.

إن سياسات حمد بن جاسم إبان عمله كرئيس للوزراء (2007-2013)، تعتبر أحد أبرز أسباب أزمات قطر مع أشقائها، ويعد تدخل تنظيم الحمدين في السياسة القطرية، أحد أسباب فقدان بوصلتها، إلى جانب التسريبات التي كشفت مؤخرا، إذ أن الخليجيون بوجه عام والسعوديون تحديداً لم ينسوا تسجيلات تنظيم الحمدين مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وهما يتآمران ضد المملكة العربية السعودية وقادتها.

هذا وجرى تسريب تسجيلين للحمدين مع القذافي في عام 2014، إن يرجح أنهما يعودان إلى عام 2003، ويظهر تخطيط الحمدين لزعزعة استقرار السعودية، والسعي إلى تقسيمها، وأيضا الاعتراف علانية بمخطط المؤامرات.

وقد جرى تقدير ثروة بن جاسم بـ12 مليار دولار أمريكي عندما استقال من منصبه كرئيس لوزراء قطر ووزير خارجيتها يونيو 2013، إذ جمعها كلها من الصفقات المشبوهة والعمولات الضخمة التي حصل عليها من ثروات الشعب القطري.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى