الثورة والفساد.. صراع دموي محتوم!
يواجه العرب الآن مأساة حقيقية هى مأساة فى النخبة، وأخرى فى الشارع!
بعض النخبة تلعب لعبة الشعبوية الكاذبة بشكل انتهازى لاستمالة الشارع الثائر!
وبعض القوى السياسية التى تنزل للشوارع العربية تطالب بالمستحيل فى مدة إنجاز يستحيل تحقيقها!
وما بين انتهازية الكبار وضلالات الصغار، تضيع من الشعب الصادق النبيل الذى يعانى ويتألم، إمكانية التوصل إلى صيغة ما تؤدى لتسوية حقيقية فى حقه الإنسانى للعيش بحياة كريمة، دون فساد أو استبداد.
شبه السياسى، الذى يحاول استمالة شبه الثائر للنيل من شبه الحكومة، يؤدى بالضرورة إلى انهيار حقيقى للسلطة مما يؤدى إلى ظهور كارثة «شبه الدولة»
وكأنها تمثيلية مكررة، مسرحية هزلية، رواية تكتب سطورها بدموع ودماء الفقراء والأرامل والأيتام والشيوخ والشباب المحبط الراغب فى لقمة عيش شريفة من خلال فرصة عمل محترمة ومناسبة.
ومثلما باع «يهوذا» السيد المسيح عليه السلام، باعت النخب السياسية فى كثير من المدن العربية، الثورات التى بدأها شباب صادق نبيل، واختطفتها -بعد ذلك- قوى سياسية شريرة تسعى للمحافظة على مكاسبها وحصص فسادها فى السلطة لصالح مشروعات خارجية.
ما يطلبه الثوار الحقيقيون هو دولة مدنية قانونية، تعامل الناس بالعدل والمساواة والإنصاف، تحترم حق المواطنة المتساوية تحت سقف القانون، تحارب الفساد والفاسدين، تتسم بالكفاءة والخبرة والقدرة على الاندماج مع عناصر التطور والتحديث بالمقاييس العالمية والإنسانية.
حلم الشارع العربى يستحيل تحقيقه فى ظل طبقة فاسدة حاكمة مستعدة للدفاع عن وجودها بأى ثمن، وعلى استعداد لفعل أى شىء وكل شىء ممكن أو خيالى، مشروع أو غير أخلاقى، لإجهاض ثورة الشارع أو الالتفاف على مطالب الإصلاح والتغيير.
اللعبة الجديدة التى تخوضها بعض القوى هى اختراع وجوه جديدة تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن العهود السابقة لكنها فى الحقيقة مجرد «دمى وعرائس» مرتبطة بخيوط زعماء مافيا الفساد السياسى.
هؤلاء يمثلون علينا الآن مسرحية نفسية هى مسرحية الوعد بالإصلاح والاستجابة لمطالب الجماهير، لكن الحقيقة المؤلمة أنها محاولة للالتفاف على مطالب الناس بشعارات زائفة وبرامج مزورة، وسياسات مشبوهة.
ثوار يطالبون بعدالة، وحرية، ونزاهة واستعادة أموال منهوبة ومحاكمة فساد.
فى المقابل لدينا نخبة سياسية ملوثة تدرك أن حكم دولة القانون المدعوم شعبياً من الناس سوف يؤدى إلى استعادة ما عاشوا طوال حياتهم يسرقونه من المال العام، وسوف يؤدى بهم -بالضرورة- إلى المحاكمة والسجن مدى الحياة!
الثورة الحقيقية هى حالة صراع حقيقى مع سلطة الفساد، إنهما متناقضان لا يلتقيان ولكن يظلان فى حالة صراع.
الخوف أن يؤدى هذا الصراع إلى تحطيم سقف المعبد كله على رأس الجميع.
إننا فى زمن لا حل وسطاً ولا تسوية فيه ولا انتقال هادئاً بين الثورة والسلطة.
نقلاً عن الوطن المصرية