كيف تصبح خائناً إخوانياً أو أردوغانياً
جاء ما أسموه “الربيع العربي” قبل تسعة أعوام من اليوم، بنظريات جديدة في الوطنية والقومية والانتماء الإنساني، على قياس ما تفتقت عنه عبقريات إخوان الشياطين المتأسلمين، وشركائهم من أتباع الولي الفقيه، في لحظة نشوتهم بالانتصارات الوهمية التي حققوها عبر الاستيلاء على الحكم في أكثر من دولة عربية، أو عبر سيطرتهم على الأرض في أكثر من مكان على امتداد خارطة منطقتنا.
وإن كان مهماً جداً أن ندرس الأسباب التي سمحت لهم يومها بمثل هذا الفعل الشنيع، إلا أنّ الأهم اليوم أن نواجه بجدارة واقتدار ما يبثونه من سموم أفكارهم المريضة التي كانت ولا تزال أحد أهم أسباب قوتهم الباطلة، هذه السموم التي تقلب الحقائق وتزيّف المواقف والمبادئ والفضائل.
ليصبح الوطنيُّ خائناً والخائنُ وطنياً، والمؤتمن على مقدّرات الأمة ومصيرها الإنساني المشترك مشكوكاً في نواياه ومبادراته الإنسانية النبيلة والوطنية الحقة، فهذا هو زمن إخوان الشيطان وأحزاب إيران، زمنٌ بات للخيانة مدرسة وسياسات وقوانين ووجهات نظر.
أما عن الخيانة والتآمر والتبعية، هذه الفضائل الكبرى في عُرف هذه الجماعات المنبوذة، فهي ممارسة يومية في الحياة والوطنيات، كأن تصبح خائناً بجدارة إذا كنتَ مع بيع اليمن لإيران، ومعها العراق ولبنان، وأن تتنازل عن ليبيا لأردوغان، ومعها الصومال وتونس، وأن تغض نظرك عن انتهاكات تركيا وإيران معاً في العراق وسوريا، أو أن تمجّد النظام المزعوم بشراكة الارتزاق الإخواني التركي الإيراني التي تتحكم بالبلاد والعباد في قطر العزيزة على قلب كل عربي خليجي حر.
أن تصبح خائناً بجدارة، يعني أن تنحاز لتاريخ طويل من عداء الفرس لنا ومن حقد العثمانيين على عروبتنا وأمتنا، لمحاولتهم تتريكنا، ولاستباحتهم مقدساتنا في مكة والمدينة، أن تصبح خائناً بجدارة، يعني أن تنحاز للخنجر الذي يغدر بنا كلما مددنا يد الصفح والتناسي لا النسيان.
أن تصبح خائناً، أمرٌ يعني أن تتحالف مع عدوك ضد إخوتك وأهلك، أن تتنازل عن مقدّرات وطنك، عن ثرواته الطبيعية، عن سيادته وحريته واستقلاله، بأن تحتضن الجندي الانكشاري وأن تهيئ طعامه، أو تنظّف سلاحه حتى، أو تبارك استقرار الحرس الثوري في دارك وعلى أرضك التي ائتمنك الأجداد والآباء على طهر ذرات ترابها، أن تصبح رئة إيران التي تتنفس بها خارج نظام العقوبات الدولية عليها، أو تصبح أداة تركيا لاستجلاب الدولارات وسرقة الثروات في البر والبحر، من النفط والغاز وغيره.
أن تصبح خائناً بجدارة يعني أن تكون رئيساً مرئوساً، تحني رأسك بكل ما يمثله من رمزية السيادة الوطنية، للولي الفقيه في إيران، او للخليفة الموهوم بأحلام السيطرة في تركيا، وكلاهما واهم، لأنّ لهذا البيت رباً يحميه، ولهذه الأمة أسياداً وأمجاداً مفرداتُها العزة والشموخ وسماتُها المروءة والنخوة، ولنا أن نقرأ في تاريخنا مقولة الشاعر:
“إذا بلغ الفطام لنا صبيُّ تخرُّ له الجبابرُ ساجدينا”
نقلا عن العين الإخبارية