خاشقجي.. أيقونة الابتزاز
لم أكن أنوي الحديث عن تقرير الكونجرس الأمريكي حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
فالزملاء الصحافيون والكتّاب أوفوا بالمطلوب وزيادة، ولكن فجأة غيرت رأيي، وقررت الكتابة في الموضوع، لأسجل هنا رأياً لم يسجله أحد من قبل، وهو أن التقرير أول سقطة في عهد الرئيس الأمريكي بايدن، الذي ـ على ما يبدو ـ أوهمه مساعدوه بأنه يجب أن يأتي بما لم يأت به الأوائل، ويصدر هذا التقرير بهذه الصيغة الضعيفة.
المخابرات الأمريكية التي سجلت التقرير في عهد بايدين، هي نفسها الموجودة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهنا أتساءل لماذا التزمت إدارة ترامب الصمت، ولماذا تحدثت إدارة بايدن؟، أجيب، ويتفق معي الكثيرون أن ملف جمال خاشقجي هو أيقونة الابتزاز في العالم، بعدما استغلته أكثر من دولة للنيل من المملكة وقادتها، ولكن كان الله بالمرصاد لهذه الدول، التي أدركت خطأها، وعلمت أنها تلعب بالنار، ولعل تركيا ليست ببعيدة عن هذا المضمون.
أقول وبعبارة أوضح أن ترامب رجل عملي، استطاع أن يقرأ الخريطة العالمية جيداً، ويتعامل بسرعة وبديهة مع بقية الدول، بما يضمن مصالح بلاده، فكان أكثر ذكاءً، لأنه “علم” و”أدرك” و”تأكد” أن المملكة دولة استثنائية، وحليف قوي، لا يمكن تجاهلها أو المرور عليها مرور الكرام، لذلك قرر أن تكون أول دولة يزورها بعدما تسلم رئاسة بلاده قبل 4 سنوات.
هذه الحقيقة سيدركها بايدن يوماً ما، وربما يكون أدركها بالفعل، عندما اصطدم بعشرات الاستهجانات والاستنكارات من دول العالم، التي رفضت ما جاء فيه تقرير الاستخبارات، وأكدت أن ولي العهد فوق الشبهات، فضلاً عن أن التقرير جاء بلغة لا تليق بتاريخ الاستخبارات الأمريكية، بعدما اعتمد على استنتاجات مسيئة ومعلومات غير صحيحة، لا تستند على وقائع أو حقائق، وإنما تمثل انتقائية واضحة، تهدف إلى الإساءة والتشويه وتُخرِج قضايا حقوق الإنسان والدفاع عنها عن سياقها النبيل.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية، قد ساءها مقتل جمال خاشقجي بهذه الطريقة، وهو مواطن سعودي ومسلم، فلماذا لم تهتز الإدارة الأمريكية لآلاف الأبرياء الذين قتلوا في فلسطين والعراق وسوريا وليبيا، ولماذا لم تحم العشرات من أصحاب البشرة السمراء، مما يلاقونه من معاملة سيئة من أصحاب البشرة البيضاء في قلب الولايات المتحدة الأمريكية؟ وأجيب مرة أخرى أنه الابتزاز للسعودية وقادتها.
قضية جمال خاشقجي واضحة المعالم، ومعروفة التفاصيل، والمذنبون فيها نالوا جزاءهم بعدما بادرت الحكومة السعودية وقدمتهم إلى المحاكمة ـ طوعاً ـ وليس من المنطق اليوم أن يأتي أحد ويزايد على حكومة المملكة في الحصول على حق مواطن سعودي، فهذا تدخل فج في شؤون الرياض وقضائها الشامخ، وابتزاز واضح، وتسييس علني لملف كان يفترض أن يُغلق منذ سنوات، ولكن المتربصين بالمملكة لهم رأي آخر، بأن يبقى ملف “خاسقجي” ورقة ضغط على المملكة وقت الحاجة، ولكن أؤمن بأن بلاد الحرمين لم ولن تسمح بذلك، وسيكون ردها دائما حاسما على كل من يستغل الملف ضد المملكة.
نقلا عن العين الإخبارية