تصنيف الإخوان جماعة إرهابية يفجع أردوغان
إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، زلزل الأرض تحت أقدام الرئيس رجب طيب أردوغان، ما دفع مسؤولين أتراك يصدرون تصريحات نارية تعليقا على الخبر.
وجاء إعلان ترامب في وقت لا يزال فيه أردوغان يكابد من أجل استيعاب تبعات القرار الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، وإعلان إلغاء إعفاءات شراء النفط التي كانت تشمل أنقرة من بين بلدان أخرى.
فبعد وقت قصير من ضربة من المؤكد أن تبعاتها الوخيمة ستكون صادمة بالنسبة للاقتصاد التركي الهش أساسا جراء ما يعانيه من أزمات، يتلقى أردوغان قنبلة من العيار الثقيل، تتعلق بحلفائه الإخوان، إذ من المعروف أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بقيادة أردوغان، هو حزب إخواني، جعل من البلاد مرتعا ومعقلا لقيادات الجماعة من العرب وغير العرب، ممن قوضوا أمن بلدانهم والمنطقة، قبل أن يلوذوا بالفرار نحو تركيا.
وبإعلان إدارة ترامب نيتها تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، يتلقى هذا التنظيم الأقرب إلى أنقرة ضربة سياسية واقتصادية، في ظل التحالف المعلن بين الجانبين لاستهداف أمن المنطقة العربية.
قرار صادم يأتي عقب تأكد واشنطن من تطرف الجماعة وخطرها على وحدة واستقرار المنطقة العربية وحتى الأمن العالمي، في خطوة يتوقع خبراء أنها ستفجر أزمة جديدة في العلاقات بين واشنطن وأنقرة.
وبالنسبة لأردوغان، فإن قلقه من القرار قد لا يكمن في وفائه لحلفائه، وإنما ما يعنيه قرار مماثل في حال إقراره، من انكشاف لتحالفات أنقرة مع الجماعة في أكثر من دولة، إذ يتبنى الإخوان أجندة أنقرة لإحياء الدولة العثمانية المقبورة، فيما يعمل الأخير على نشر فكر الجماعة ببلاده لتوافقه مع حملاته التوسعية.
ففتح أبواب بلاده على مصراعيها أمام فلول الجماعة الهاربين من عدة دول عربية، كما وفر لهم منصات إعلامية لبث رسائل مغرضة ضد دول يعاديها.
ولم يكتف أردوغان بذلك، وإنما قدم التمويلات لأذرع الإخوان في ليبيا ومصر والجزائر والسودان.
التحرك الأمريكي باتجاه تصنيف الإخوان منظمة إرهابية، وجه ضربة قاصمة لتحالف أردوغان والإخوان.
فالقرار، في حال تجسيده، يعني تجفيف منابع تمويل الجماعة في مختلف دول العالم، كما أنه يسمح للإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على نظام أردوغان المتحالف مع الجماعة.
وفي تمش بديهي، ستجبر واشنطن أنقرة على وقف تمويلها للجماعة وطرد عناصرها الموجودة على أراضيها، ما ينذر بأزمة حادة بين الجانبين.
وعلى مر عقود من الزمن، تعمل الجماعة الإرهابية على إعادة تشكيل المجتمعات العربية، بهدف الوصول إلى الحكم وإعادة صياغة المشاهد السياسية على قياس أهدافها.
وعبر تحالفها مع أردوغان، حاولت الجماعة الحصول على غطاء دولي يحميها من الانتقادات، فكان أن تبادلت مع الرئيس التركي المصالح: يوفر لها المنفذ لضرب الأنظمة المعادية لها والتغلغل في مفاصل بلدانها، مقابل أن توفر له الأرضية الملائمة لتجسيد مشروعه التوسعي.
وبناء على ذلك، عقد الجانبان تحالفا وطيدا، رغم الانتقادات الدولية الهائلة، بل إنه وفي الوقت الذي يبدي فيه العالم شبه اتفاق على الدور التخريبي للجماعة المتطرفة، عقدت الأخيرة احتفالية مرور 90 عاما على تأسيسها في إسطنبول.
ولم يتوان قادة الإخوان، في أكثر من مناسبة، عن التعبير عن تبعيتهم الواضحة لأردوغان، واصفين إياه بـ«الخليفة المنتظر».
ومن أبرز الوجوه الإخوانية التي لعبت دورا في هذا الصدد، يوسف القرضاوي، والذي قاد الجماعة لما يشبه مبايعة أردوغان، حيث دافع عن جرائمه، معتبرا أن الأخير يشكل النموذج الإخواني الواجب تعميمه عربيا.
حزب أردوغان انتفض رعبا فور إعلان ترامب نيته تصنيف الإخوان منظمة إرهابية، ودافع باستماتة عن الجماعة الإرهابية، معربا عن رفضه للخطوة الأمريكية المحتملة.
ودافع الحزب بشراسة عن إرهاب الإخوان، مدعيا أنها جماعة «تحترم القانون والديمقراطية».
وفي مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة المركزية للحزب في العاصمة أنقرة، قال المتحدث باسم الحزب عمر جليك، إن القرار «يضرب الديمقراطية»، مهددا الغرب بأن الخطوة ستقود نحو ظهور تنظيمات إرهابية جديدة.
الباحثة الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط، إيرينا تسوكرمان، رصدت ردود فعل أردوغان المتوقعة حيال الخطوة الأمريكية.
وقالت تسوكرمان، في تصريحات إعلامية، إن الرئيس التركي سيعمل على ترويج فكرة أن الاخوان جماعة لا علاقة لها بالعنف والارهاب، وسيقفز كعادته لربط القرار بمعاداة الإسلام، في محاولة للضغط على واشنطن للتراجع عن القرار.
توقع سرعان ما تجسد على أرض الواقع، حيث زعم جليك، بالموتمر نفسه أن تصنيف الإخوان «من شأنه تعزيز معاداة الإسلام في الغرب وحول العالم»، في وتر يعزف عليه أردوغان كلما أراد التلاعب بالعواطف الدينية للشعوب.
وبما أن إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب سيرافقه بديهة فرض عقوبات على أنقرة، فمن المتوقع أن يواصل أردوغان التحايل للسماح لشركات الإخوان بالعمل في تركيا.
كما سيحاول الترويج لخطورة القرار على مستقبل العلاقات الأمريكية مع العالم، في مساع يؤكد مراقبون أنها لن تمنح أردوغان سوى هامش أمل ضئيل سرعان ما سيندثر تحت وطأة إعلان القرار.