سياسة

اليمن من الصراع إلى بناء الثقة


القرار الذي أعلنه التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية بقيادة المملكة العربية السعودية بوقف إطلاق النار في اليمن، هو لا شك أنه يهدف إلى إعادة إنعاش العملية السياسية في اليمن، التي تعيش حالة من الوفاة الإكلينيكية بسبب الممارسات الحوثية التي قادت إلى وضع العراقيل أمام الحل السياسي عبر الاستمرارية في الارتهان للقرار الإيراني، فهذه الخطوة من قبل التحالف العربي لوقف إطلاق النار وخلق الأرضية الخصبة لإنجاح الجهود الأممية تعكس إصراراً على دعم الحل السياسي.

وهذا ليس بالأمر الجديد، فلو نظرنا إلى طريقة تعاطي التحالف العربي في الملف اليمني نجد أنه يشدد من البداية ومنذ الأسبوع الثاني لعملية “عاصفة الحزم” على أهمية الحل السياسي، وذلك عندما أطلق “عملية إعادة الأمل” التي تقوم في إحدى قواعدها الرئيسية على تمهيد الطريق إلى الحل السياسي.

وبالتالي فإن إعلان التحالف العربي وقف إطلاق النار في اليمن لإتاحة المجال لإنجاح الجهود الأممية وإنجاح فرص الحل السياسي، نجد أن التشديد على الحل السياسي بعد ما يقارب الـ”خمس سنوات عمر الأزمة اليمنية” لوجدنا أن التحالف العربي يتعامل مع الملف اليمني بسياسة النفس الطويل والعمل على ضبط الأعصاب “أمام الاستفزازات الحوثية التي تهدف إلى هدم أي تقدم من شأنه أن يمهد إلى الحل السياسي في اليمن”.

إن الخطوة التي أعلن عنها التحالف العربي لوقف إطلاق النار في اليمن هي بمثابة اختبار حقيقي للجماعة الحوثية التي يتطلب منها أن تتعامل مع هذه الخطوة بمسؤولية كبيرة وفق ما يخدم المساهمة في خلق الأرضية الخصبة لإنجاح الحل السياسي، فهذه الفرصة يجب أن تسعى الجماعة الحوثية إلى استغلالها لإحداث تغيير في طريقة تفكيرها، وذلك بالانفصال عن التبعية للعقلية الإيرانية والعمل على تأسيس عقلية سياسية مستقلة عن القرارات الإيرانية، فهذه الخطوة لو تم التعامل معها بمسؤولية من قبل الجماعة الحوثية سوف تسهم في خلق مرحلة جديدة في اليمن تقود إلى إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية والانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة بناء الثقة التي تخدم المصلحة اليمنية.

وبالتالي فإن جماعة الحوثي تبقى لديها فرصة ربما يمكن القول إنها الأخيرة إذا لم تتمكن الجماعة الحوثية من العمل على الانخراط فيها بشكل إيجابي والعمل على خلق مكانة لها في “مستقبل اليمن” عبر خلق الأرضية الخصبة نحو تحقيق الحل السياسي، فإن سياسة النفس الطويل من قبل التحالف العربي لا يمكن المراهنة على استمرارها.

وبالتالي فإنه إن لم تنجح هذه المرحلة في إعادة ضبط العقلية الحوثية ودفعها للالتزام بوقف إطلاق النار والتعاطي بإيجابية مع جهود الأمم المتحدة، يصبح من الأفضل إطلاق المجال لـ”الحسم العسكري” عبر عملية عسكرية شاملة، خاصة إذا ما أظهرت الجماعة الحوثية نوعاً من التذاكي في توظيف هذه المرحلة من وقف إطلاق النار في العمل على الخروج من حالة الشلل العسكري والإنهاك النفسي الذي تعيشه.

إننا عندما نتحدث عن الملف اليمني ليس فقط المليشيات الحوثية هي المطلوب منها أن تقدم خطوات جادة لإعادة بناء الثقة، بل حتى منظمة الأمم المتحدة مطلوب منها هي الأخرى أن تسعى للتعاطي مع هذه المرحلة التي أعلنها التحالف العربي بـ”وقف إطلاق النار” بمسؤولية وبما يخدم إعادة عمل الأمم المتحدة إلى القواعد الرئيسية التي تأسست عليها وهي “حماية الشرعية الدولية” بدلاً من الاستمرارية في الحالة السلبية وذلك العمل على مهادنة المليشيات الحوثية.

إن الأمم المتحدة مطلوب منها أن تكون طرفاً موثوقاً به في بناء الأرضية الخصبة نحو تحقيق الحل السياسي، وهذا الأمر لا يمكن العمل على تحقيقه في ظل استمرارية العقلية الأممية الحالية التي تحاول أن تتعامل مع الملف اليمني من خلال المساواة بين الشرعية اليمنية والمليشيات الانقلابية، وبالتالي مطلوب من الأمم المتحدة أن تتعامل مع الملف اليمني “بشفافية عالية” عبر الحديث صراحة عن الطرف المعرقل للعملية السياسية ، لأنه لو نظرنا إلى طريقة التعاطي الأممي مع الملف اليمني لوجدنا أن الأمم المتحدة دائماً ما تحاول أن تتحاشى الإشارة بكل صراحة إلى الطرف الحوثي ودوره في عرقلة الحل السياسي.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى