سياسة

الإمارات.. والقنابل الدخانية


هل دولة الإمارات أحرجت متاجري القضية الفلسطينية، خاصة من قياداتها الرئيسيين، عندما بادرت بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل؟ 

هذا السؤال برغم أن إجابته تبدو سهلة وربما في كلمة واحدة فقط، إلا أن له ما يبرر طرحه بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت السياسي العربي، إذ أن موضوع قبول أو رفض المعاهدة خرج لدى القيادة الفلسطينية من سياق الاختلاف السياسي، وتحول ليصبح “بضاعة” لتهييج الشارع الفلسطيني ضد دولة الإمارات بأسلوب أبسط ما نقول فيه إنه قبيح ورخيص ومضحك في الوقت نفسه؛ حيث لا يرقى بقادة يفترض أن همهم الأساسي تحرير دولتهم وأنهم يبذلون جهداً على “تكوين” موقف سياسي وخلق ثقافة إنسانية حول حقهم التاريخي، فهذا هو دورهم الأساسي وليس العمل على المزيد من الخسارة والانتكاسات، لأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية بمن فيهم دولة الإمارات ولا يمكن لأي دولة التراجع في الدفاع عنها.

جاءت ردود فعل فلسطينية وعربية بعضها غاضبة من الخطوة الإماراتية، وهو أمر اعتيادي ويمكن تفهمه لأن للقضية مكانة في الوجدان العربي، لكن الشيء غير المقبول أن يتحول التطاول على الخليجيين وعلى الإماراتيين من قبل مسؤولين فلسطينيين وفي اجتماع رسمي ويجمع قادة قوى وأحزاب فلسطينيين، لأن هذا الأسلوب قد يؤدي إلى تشويش العمل العربي على توحيد المواقف السياسية وهوما تحتاجه القضية حالياً، إلا إذا كانت النية الحقيقية لدى القيادة الفلسطينية هي إنهاء القضية وإلغاءها من الوجدان العربي بعدما تملكهم العبث السياسي فيها.

بشكل عام، فإن توجيه انتقادات ضد دولة الإمارات في الفترة الأخيرة خاصة من بعض السياسيين العرب، يبدو أنه جذاب ويلقى قبولاً كبيراً إما من: المتلونين سياسياً، الذين لديهم القدرة على الأكل في كل الموائد، أو من أصحاب الأجندات السياسية، ومثل هؤلاء لا يمكن الرهان عليهم في مواجهة القضايا الاستراتيجية بما فيها القضية الفلسطينية نفسها. لكننا نحن في دولة الإمارات ننظر إلى تلك الانتقادات باعتبارها “قنابل سياسية دخانية” يقوم بها أصحابها من أجل التغطية على تجاوزات معينة تجري في أماكن مغلقة، أو لإلهاء الرأي العام عن الوقوف على ممارسات ساهم فيها هؤلاء المنتقدون في تمكين إسرائيل أو غيرها من دول المنطقة بدءاً من النظام القطري ومرورا بإيران وصولاً إلى تركيا، من إنهاء القضية أو حتى محاولة إيجاد حل لها.

الغمز واللمز وإطلاق التوصيفات المسيئة ضد أبناء الخليج، أو تحريض الشعب الفلسطيني على الضغط على الحكومات الخليجية هو دليل أزمة سياسية يعيشها هؤلاء، وإذا كنا ندرك حالة الغضب والصدمة التي يعيشون فيها بسبب توقيع الإمارات للمعاهدة، وذلك ليس لأن الشعور ناتج من القلق على مستقبل القضية وإنما سيكون ذلك سببا لتوقف مصدر مهم “للدخل” المالي لأغلب من يطلقون على أنفسهم قادة القضية، ولأنهم سيكونون في مواجهة مباشرة مع الشعب الفلسطيني حول جهودهم الحقيقية والملموسة لمعالجة القضية، فعندما أدركوا ذلك جاءت ردة الفعل الخارجة على الذوق العام واللياقة السياسية.

إن مقياس الدفاع عن القضية الفلسطينية دائماً كان مربوطا بالدعم المادي المقدم من الدول الخليجية للقيادات الفلسطينية، وكانت أي دولة عربية تقدم الأكثر هي التي يتم الاحتفاء بها وتحظى بقبول من القيادة الفلسطينية، وربما هذه المرة جاءت الحقيبة من نظام الحمدين، لذا جاءت تلك اللغة التي كأنها تريد زرع المخاصمة بين الشعب الإماراتي والخليجي مع الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة وكذلك من المقيميين في دول الخليج، الذين يحفظون لهذه الدول وقادتها كل الحب والتقدير.

أصبحت الغاية عند المختلفين مع منطق دولة الإمارات هي التجريح والسب لكن الإمارات لا تقف أمامها فهي منشغلة ببناء نفسها وبإسهاماتها الدولي،ة في حين من أشغل نفسه بما تقوم به الإمارات إما أنه ثبت مكانه ولم يتقدم خطوة إلى الامام، أو تراجع إلى الوراء، والدليل أن متاجري القضية الفلسطينية لم يسهموا في تحريك الجمود السياسي بين قادة فتح وحماس، أو مع إيقاف سياسة الضم للأراضي الفلسطينية.

لو عرف من ينتقدون معاهدة السلام الإماراتية – الإسرائيلية كيف يديرون القضية واختلافاتهم السياسية لتغير حال القضية منذ زمن، واختلف وضع الشعب الفلسطيني، بل حتى أسلوب الاختلاف السياسي العربي.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى