اتفاق اليمن.. واقتناص نجاحات الفرصة


هل جاء الاتفاق على بنود آلية تسريع اتفاق الرياض الخاص باليمن ليؤكد انتصار إرادة الخير العام لليمنيين بمساعدة الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، الجارتين الشقيقتين اللتين لم تبخلا بالثمين والغالي من أجل انتشال اليمن من وهدته، ولاستنقاذه من براثن وأنياب وأطماع ثلاثي الشر المستجد المتمثل في أنقرة وطهران والدوحة؟

المؤكد أنه كذلك قولا وفعلا، إذ جاءت الآلية الأخيرة لتمثل طوق نجاة ونقلة نوعية من أجل توحيد الصف اليمني، ومرد ذلك يعود إلى عدة نقاط نحاول تناولها في هذه السطور.  

 بداية لا يمكننا بحال من الأحوال إغفال ما يطلق عليه في علم النفس “الوقت القيم”، أي الذي تعظم فيه الاستفادة من الفعل، لا سيما إذا كانت هناك أخطار جسيمة محدقة.

والناظر إلى مآلات المنطقة والإقليم، يمكنه أن يدرك جليا، تسارع الخطط الموجهة بالأطماع الاستراتيجية في اليمن موقعا وموضعا، وتسخيرها ضمن سياق مخططات دولية، وصراعات أممية لا ناقة لليمنيين فيها ولا جمل.

عرف اليمن الذي أطلق عليه السعيد ذات يوم معنى الوحدة، غير أنه ولسنوات طوال لم يجد من يحنو عليه، وكادت الانقسامات الداخلية تمزقه، وفيما هو يتألم، وجد المارقون طريقا لتعميق الشروخات الاجتماعيه بين أبنائه، واستخدموا منطلقات دوجمائية زائفة، لتحقيق أغراض استعمارية، لم يدارها أو يوارها أصحاب المشروع الفارسي، ولا الحاقدون القدامى المتمثلون بأردوغان، عطفا على قطر التي يتم التلاعب بها على مربعات النفوذ الأممية، من خلال اعتبارها بنك أوراق النقد المتنقل من غير مقدرة حقيقية على أي استخدام إيجابي أو خلاق لما يتوافر لها من فوائض، باتت تستخدم كأدوات للموت لا لتعبيد الطرق للحياة .

ما جرى وعبر تضافر الجهود السعودية الإماراتية يعد بمثابة خارطة طريق يمنية جديدة، هدفها استعادة وحدة اليمن، والخلاص بنوع خاص من ربقة الاستعباد الدوجمائي الثنائي التوجه، أي الحوثي والإخواني معا، مرة وإلى الأبد.

الأطماع القديمة لا تنتهي فجأة، واللعب على أوتار العقائد بات سيد الموقف، ولهذا يأتي التحرك الأخير من الرياض وأبوظبي، ليقطع الطريق على المناورات السياسية واللوجستية التي تبغي أن يظل الملف اليمني مشتعلا إلى أن تنتهي صراعات إقليمية – دولية، وفي المقدمة منها الملف الإيراني – الأمريكي الذي يكاد صوت قعقة سلاحه تسمع في الأرجاء مؤخرا.

ما يحدث بين الأشقاء اليمنيين من أصحاب النوايا الصالحة لخير اليمن هو بلا شك ثمار التنسيق الإماراتي السعودي، والتي باتت تتمثل في استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والذي بدأ سريانه منذ 22 يونيو الماضي.

يبدو نجاح الآلية الجديدة مؤكدا، سيما أن الرجل المكلف برئاسة الوزراء الدكتور عبدالملك مشهود له بالوطنية، وأضحى همه الأول والأخير في هذه الأوقات تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوما، على أن تكون مناصفة بين الشمال والجنوب.

يمكن القطع بأن النجاح سيكون بلا شك حليف الآلية الجديدة، انطلاقا من توافر النوايا التي تبدت من خلال القبول بخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل قوات الطرفين في محافظة أبين وإعادتها إلى مواقعها السابقة، ما يهيئ الأجواء لقيام الحكومة اليمنية الجديدة بمارسة مهامها ولو بشكل مؤقت من عدن.

نجاح المهمة السعودية الإماراتية هذه المرة سوف يشعر به المواطنون اليمنيون، وبنوع خاص في المدن المحررة، ذلك أن استقرارها يعني تهيئة الأجواء لانطلاق عجلة التنمية، والوصول إلى حالة تسمح بمتابعة المسارات السلمية لإنهاء الأزمة اليمنية.

 والشاهد أن النجاح السعودي الإماراتي الأخير قد شهد له العالم برمته، وتمثل بنوع خاص في ترحيب مجلس الأمن الدولي بالجهود التي تبذلها السعودية لإعادة تنشيط اتفاق الرياض، وجدد المجلس دعمه للعملية السياسية باليمن على النحو الوارد في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني.

التطورات الإيجابية في الملف اليمني، وتوحيد كلمة اليمنيين، كان لا بد له من أن يجد مردودا إيجابيا سريعا وخلاقا، الأمر الذي تمثل في دعوة مجلس الأمن لجميع الدول المانحة إلى الإسراع في تقديم التبرعات، وصرف تعهداتها، وإنقاذ الأرواح، معبرا عن قلقه العميق إزاء نقص التمويل الذي يزيد من تفاقم خطر سوء التغذية الحاد، الذي يعاني منه الآلاف من أهل اليمن.

يمكن اعتبار هذه الآلية ناجحة مقدما أيضا من خلال حسن اختيار عناصرها، والدكتور عبدالملك مرة أخرى، هو إحدى أدوات طمأنة الشارع اليمني، خصوصا بعد نجاحه في توفير الخدمات الرئيسية للمدن المحررة، والمحافظة على الاقتصاد والعملة المحلية من الانهيار أمام العملات الأجنبية .

ويبقى السؤال: “هل حلف الخراب والدمار والشر، بأجنحته المتمثلة في الحوثي ومن خلفه إيران، والإخوان المسلمين ومن خلفهم أنقرة، سيعقدون الأيادي على الصدور في مواجهة النجاحات المرتقبة للآلية الجديدة؟

المتابعون لدقائق المشهد اليمني يدركون أن هناك قلقا كبيرا في المحافظات التي ينتشر فيها الإخوان بنوع خاص، ومنها محافظتا “المهرة” في أقصى شرق اليمن، و”تعز ” في الوسط، ومرد القلق الآلية الجديدة لاتفاق الرياض، التي ضيقت الفجوة حتى كادت تتلاشى بين الحكومة والمجلس الانتقالي، ولهذا تتحدث مصادر على الأرض هناك عن وجود تحشيد عسكري غير مسبوق شهدته محافظة المهرة.. ماذا يعني ذلك؟

 بالدخول إلى عمق المشهد يمكن القطع بأن كل مساحة اتفاق تجري بها المقادير بين اليمنيين وبعضهم البعض، كما الحال مع الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، تختصم من المساحات الرمادية التي يعزف فيها الإخوان بنوع خاص على أوتار الإرهاب التقليدية، ويغلق الأبواب والشبابيك أيضا في وجه الساعين بالوقيعة بين التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي بنوع خاص.

 الآلية الجديدة، انهزام مراكم للإخوان في اليمن، بعد أن خسروا رهانهم على تفجير الأوضاع عسكريا في المناطق المحررة خلال الشهور الماضية، وذلك من أجل إرباك القوات الجنوبية، وتقديم خدمة مجانية للمليشيات الحوثية..ثم ماذا بعد؟

على اليمنيين أن يمسكوا باللحظة الراهنة، حيث الأشقاء في السعودية والإمارات يساندونهم بكل قوة، من أجل جمع كلمة اليمنيين، واجتياز أرض الثعالب والقفز على الفخاخ للوصول باليمن إلى بر الخلاص المنتظر.

نقلا عن العين الإخبارية

Exit mobile version